مات سعد فما عسى أن تقولا

مات سعد فما عسى أن تقولا

فيه حتى تهز جمعا حفيلا

مات سعد فهل بكيت على سعد

بكاء يبل منك الغليلا

مات سعد فهل من الشعر غضا

قبسا من وحي الضمير جميلا

مات سعد فهل رأيت لسعد

في بلاد الشرق الكبير مثيلا

مات سعد فهل شهدت الثكالا

مات سعد فهل سمعت العويلا

مات سعد وكان سعد بمصر

علما شاء ربه أن يطولا

فجعت مصر بالزعيم الجليل

بأبي الشعب كله زغلول

بالرئيس الهمام بالمنقد الأكبر

للشعب في الزمان الوبيل

بطل النهضة الكبيرة في مصر

رئيس لحزب القوي الحفيل

وكأني من كل بيت بمصر

سامع رجع رنة وعويل

لم تكن قبل أن يلم بك المو

ت أخيرا بالصارم المفلول

ما بلغت المنى لمصر ولكن

كنت تمشي على سواء السبيل

كنت يا سعد في قضية مصر

للألى يدلجون خير دليل

أنت يا سعد طود خطير

يرجع الطرف عنه وهو حسير

أنت حررت مصر إلا قليلا

آه لو تم ذلك التحرير

كنت للشعب في الحياة إماما

فهو عما تراه ليس يحور

بعد توحيدك الموفق للأحز

اب صارت إلى الصلاح الأمور

فمحقت الأخلاف في كل مصر

مثلما يمحق الحنادس نور

فوجئت مصر بالنعي فكادت

أرضها من هول المصاب تمور

ما على ذاك النعش جثمان سعد

بل عليه آمال قوم تسير

عاقك الموت أن تحقق وعدك

غير نزر وكنت تبذل جهدك

قل لنا أيها الرئيس الذي قد

بان عن مصر من يسد مسدك

إنما الشعب كله لك ولد

فلمن بعد الموت تترك ولدك

حفر الشعب يا أباه جميعا

يوم وافاك الموت في القلب لحدك

كنت تبنى له بعزمك مجدا

واجدا من وراء ذلك مجدك

بك كانت أيام مصر كأعياد

فحالت إلى مآتم بعدك

وادى النيل ما تظنيت قبلا

انك الوادي سوف تفقد سعدك

بين سعد ومصر جد الفراق

ليس هذا الفراق مما يطاق

فبكته مصر وكل فلسطين

وسورية أسى والعراق

وبكاه الإخلاص في حب مصر

وبكاه النبوغ والأخلاق

كان سعد نجما تضيء من الشر

ق بأضواء رأيه الآفاق

فاعتراه بعد البزوغ انطفاء

فهو لا مشرق ولا براق

إنما أنت اليوم يا مصر ثكلى

مات في حضنك ابنك السباق

مات سعد ولم يمت ذكر سعد

فهو باق له القلوب رواق

أيها الراحل المغذ تمهل

من لمن أبقيتهم يتكفل

ما لأبناء مصر يوم اضطراب ال

أمر إلا على هداك المعول

جاءك الموت زائرا فتبسمت

له فانحنى عليك وقبل

قلت أمهلني يا حمام قليلا

فجهادي لمصر لم يتكمل

قال علمت الشعب ما يتقاضى

فهو عما خططت لا يتحول

لا تخف من نكث له واتبعني

فاتباعي بالشيخ أولى وأجمل

فترحلت مرغما نحو دار

ليس عنها عود لمن يرتحل

أيها القبر فيك يغفو الهمام

فسلام عليك ثم سلام

لك يا سعد من ضريحك مثوى

ثم في قلب كل فرد مقام

حبذا في صميم مصر مكان

فيه تمثالك الرفيع يقام

مثلما كنت في الحياة إماما

أنت بعد الحياة أيضا إمام

وإذا نحن عن علاك سكتنا

فستشدوا بذكرك الأيام

كنت في البرلمان خير خطيب

تتغذى برأيه الافهام

لم يغير من وجهك الموت شيئا

إنما أنت ذلك البسام

قد طمى في غرام مصر جنانك

وبه قد مضى يفيض لسانك

ناطقا بالبرهان في حق مصر

ولقد كان قاطعا برهانك

كان تحرير مصر حقا مبينا

لم يهن في يوم به إيمانك

سدت مصرا بصدق حبك فيها

وفشا في ربوعها سلطانك

أيها الحب لا يصورك النطق

بل الدمع وحده ترجمانك

وتحملت في هواها هوانك

ومن العز في هواها هوانك

اعتقالا وبعد ذلك نفيا

لم يكن قد بلاهما جثمانك

إنما الله في السماء أرادا

أن تكون الحياة منك جهادا

ولو أن الذي تحملته كا

ن بطود وقد أحس لمادا

لم يكن بالخفيف عبؤك لكن

حب مصرا مدمنك الفؤادا

ومن الرزء أن يموت زعيم

فيرى ذلك الزعيم جمادا

لست أرجو بلا هدى من امام

أن تكون البلاد يوما بلادا

أيها المصلح الكبير سلام

يوم القيت للمنون القيادا

وسلام أيام كنت قريبا

وسلام يوم احتملت البعادا

استراح الرئي بعد العراك

بعد ضرب صعب وطعن دراك

بعد أخذ يوم الجدال ورد

وانسحاب عن الوغى واصطكاك

قد مشى في أعصابه حب مصر

مشية الكهرباء في الأسلاك

كان أقواله تدور عليها

دوران النجوم في الأفلاك

لم يعول على السلاح لدرء

الضيم عن مصر بل على الادراك

لا يصون الورد الجميل من الجنى

سياج له من الأشواك

أي طرف عليك لم يك يا

سعد بمصر وغيرها والباك

لم يمت في حقيقة الأمر سعد

انه لا يزال يخطب بعد

إنه لا يزال يلهج باستقلا

ل مصر كعهده ويجد

هو بالروح للذين بمصر

ينشدون استقلال مصر يمد

إن في مصر اليوم من بعد سعد

كل فرد للدود عن مصر سعد

كلهم ينهجون منهج سعد

كلهم فوق ما لهم خط يعدو

إنما حكم الذات حاجة مصر

ما لها في حياتها منه بد

ذلكم حقها قد انتزعوه

وهي اليوم أو غدا تسترد

المنايا تريد منك صحايا

آه من قسوة بقلب المنايا

هي تبقى قسما وتأخذ قسما

ثم تلهو بأخذ تلك البقايا

وإذا اشنقت القذيفة في أر

ض تصيب المجاورين شظايا

ليس شيء مثل الحياة عزيزا

مع ما في بقائها من رزايا

إنما هذه النعوش التي ير

كبها الهالكون بئس المطايا

ليس نوع الإنسان إلا كحيوا

ن وليس الأفراد إلا خلايا

وحياة الإنسان من بعد موت

يتلقاه من أدق القضايا

كذبتنا الحياة فهي تداجي

وأرى الموت واضح المنهاج

صدق الموت فهو حق إذا جا

ء فما من ريث ولا إفراج

قد تقدمت في سبيل المنى

ثم تأخرت راجعا إدراجي

إنما قد سلكت من غير هاد

سبلا في الحياة غير فجاج

أي نفع جنيته في حياتي

أنا من تأويبي ومن إدلاجي

غير أن الحياة طيبة والمر

ء فيها مهما طغى الهم راجي

لم تكن هذه الحياة سوى حرب

وقد تختفي وراء العجاج

قسما بالنجوم من نيرات

في علو لها ومنطفآت

بابتسام الحياة في كل يوم

وعبوس الهلاك بعد الحياة

بسرور النفس ثم اكتئاب

واجتماع للشمل ثم شتات

وبآمال أمة ذات تاريخ

وباليأس المر في النكبات

بشعور الأحياء من كل جيل

وبفقد الشعور في الأموات

وبما للحياة من حركات

والسكون الملم بالحركات

إنني في شك من الأمر لا أد

ري لماذا نمضى لماذ نأتي