يلومني في الحب والحب يعذر

يَلومُني في الحبُّ والحبّ يعذرُ

وَتردّ عنّي ما عمّا اِرتكبت وتزجرُ

وَتقطعُ وصلَ الوجدِ والوجدُ واصلٌ

وَتطفي مِن قلبي لظىً وهو يسعرُ

وَهَل يطلبُ السِلوانُ مِن ذي صبابةٍ

عَلى قلبهِ سلوانه ليس يخطرُ

أَيا مُخبري كرّر حديثَك مُعلناً

فَخيرُ حَديثٍ في الهوى ما يكرّرُ

ولا تَحتَظر فيما ذكرتَ فإنّما

حَديثُك لي منه المسرّةُ تظهرُ

هَلِ الحيُّ فيما كنت تعهد باكر

بطيّته أم رائحٌ أم مهجّرُ

وَهل حمّ هَذاك الفريق فراقه

وَهَل منهُ أقوى حاجر ومحجّرُ

فَذلِكما رَسمانِ للحيِّ أقفرا

وَفي القلبِ رسمٌ منهما ليسَ يقفرُ

فَكَم فيها جرّرت ذيلَ شَبيبتي

وَغازَلني الظبيُ الأغنُّ المخدّرُ

لَيالي نهار الوصلِ من هند مشمسٌ

وَليلُ الرضا والوصل من هند مقمرُ

إِذا هيَ لم تنجد عليَّ بِوَصلها

وَلا صفو حوضي عندها يتكدّرُ

مُخدّرة تَرنو بلحظٍ كما رنا

بناظرتيهِ مِن مَها الوحش جؤذرُ

يُحاكي قوامَ الخيزُران قوامُها

إِذا أَقبلت في خطوِها تتخطّرُ

قطوفُ التثنّي كاد يبتزُّ خصرها

إِذا ما تثنّى ردفها المتمرمرُ

فَلو دبَّ نملٌ فوقَ ناعمِ جِسمها

لَكادَ إِذا ما دبَّ فيه تؤثرُ

فَيا عجباً منّي أُحاول وصلَها

وَأقربُ منها وهيَ تنأى وتنفرُ

لَقَد رَسمت في القلبِ رسمَ مودّةٍ

مَعارفها في القلبِ لا تتنكّرُ

وَخطّت بهِ شرخاً طويلاً منَ الهوى

ففيهِ لها منه خطوطٌ وأسطرُ

أَجودُ لَها بالنفسِ منّي صبابةً

كَما جادَ للوفّاد بالمال حِميَرُ

مَليكٌ له في ذروةِ الملكِ منزلٌ

وَفي رتبةِ العليا منارٌ ومنبرُ

إِذا غيّر الآفاق وجهاً بوجههِ

مضيء وَمغناهُ لعافيه أخضرُ

وَإِن جادَنا مِن مزنِ كفّيه ممطرٌ

صباحاً أَتانا بالأصائلِ ممطرُ

تَرى الجودَ يطوى في أقاليم ملكهِ

كطيِّ السجلّ الخطَّ والعدل ينشرُ

أعزُّ ملوكِ الأرضِ نفساً ومعشراً

وَأَعظمُهم شأناً وأعلا وأكبرُ

إِذا جادَ في يومِ الندا فهو حاتمٌ

وَإِن كرّ في يوم الوغا فهو عنترُ

يقصِّر عنه في معاليه قيصرٌ

وَهيهات أَن يعلو معاليه قيصرُ

إِليكَ أَبا دهماء جاءت كأنّها

عروسٌ أَتَت في حليها تتبخترُ

غَلائِلها خزٌّ يَروق وسندسٌ

وَحليتُها تبرٌ ودرٌّ وجوهرُ