دنوا لقد أوهى تجلدي البعد

دنوّاً لَقَد أَوهى تَجَلُديَ البُعدُ

وَوَصلاً فَقَد أَدمى جَوانِحيَ الصَدُّ

أَجنُّ غَراماً فيكَ خيفة كاشح

وَمِن مَدمَعي وَدَق وَفي كَبدي وَقَد

وَبي فَوقَ ما بِالناس مِن لاعج الهَوى

وَلَكن أَبى أَن يَجزَع الأَسَد الوَرد

فَيا مَن يُبين الرُشد فيمَن أُحِبُهُ

مَتّى يَلتَقي الحُب المُبرح وَالرُشد

تَلاعَبتُ بِالأَشواق حَتّى لَعِبنَ بي

وَما كُنتُ أَدري أَن هَزل الهَوى جَد

بليت بِقاس لا يَرق فُؤادَهُ

عَلَيَّ وَها قَد رَقَ لي الحَجَرُ الصَلد

أُعاني بِهِ ما يَعجَز الدَهرُ بَعضَهُ

وَاحمل ما قَد كلَّ عَن حَملِهِ الجُهد

إِذا جِئتَهُ يَوماً لَبث شَكية

أَروح بِأَشجان عَلى مِثلِها أَغدو

وَادفع عَنهُ النَفس وَهِيَ عَصية

وَهَل يُمكن الظَمآن عَن مَورد رَدُّ

تَهددني مِن مُقلَتيهِ إِذا رَنا

قَواضب مِما يَصنع اللَهُ لا الهِند

حَداد يَلوح المَوت في صَفحاتِها

مَواض لَها في كُل جارِحة غَمد

كَأَنَّ عَلَيها القَتل ضَربة لازِبِ

فَلَيسَ لَها مِما تُحاوِلهُ بُدُّ

تَعَلم مِنها الدَهر صَولة فاتِكِ

فَما بَرِحَت تَزداد فَتكاً وَتَشتَدُّ

كَأَنَّهُما في حَلبة الضَيم فارِساً

رِهانٍ وَكُلُ مِنهُما سابق يَعدو

سَأَفزع مِن جور الخُطوب وَاِنثَني

إِلى عَدل مِن أَضحى لَهُ الحَل وَالعقد

همام يَرجى لا سِواهُ وَيَتَقي

وَإِن زادَ أَبناء الرِجال وَإِن عَدّوا

لَدَيهِ تَحل المُعضِلات وَتَنجَلي

وَمِن دُونِهِ الإِفضال وَالحَسَب العدُّ

لِعُمري لَهُ الكَف الَّتي لا يَصدّها

ملال وَإِن مَلّ الخَزائن وَالوَفد

هُوَ ابن عِماد الدين مِن شاد مربعاً

مِن الفَضل في أَرجائِهِ يَنجَح القَصد

لَهُ نعم ياوي إِلى ظِلِها المُنا

وَتَسحَب إِذيال الثَراء بِها الرَفد

وَعلم بِحار الأَرض دونَ أَقله

وَحلم يَبيد الرغب لَيسَ لَهُ حَدُّ

عَليم إِذا لاحَت ثَواقب فِكرِهِ

يُضيءُ بِها الداجي وَيَتَقد الزِند

كَأَنَّ لَهُ عَين إِطلاع بِقَلبِهِ

فَسيان ما يَخفى لَدَيهِ وَما يَبدو

تَصَدّى لِنَصر الدين بَعدَ اِنخِذالِهِ

فَرُد عَلى أَعقابِهِ الزَمَن الوَغدُ

وَساس أُمور المُسلِمين وَفضلُهُ

حسام بِهِ هامَ الجَهالة يَنقدُّ

بِمَن تُشرق الأَيام وَهُوَ ضِياؤُها

فَلَيسَ لَهُ فيها نَظير وَلا نِدُّ

بِحف بِأَشبال أَبي اللَهِ أَنَّهُ

يَضُمُّ مِن العَليا لِأشباهِها مهد

ذَخائر لا يَسخو الزَمان بِمِثلِها

ثَلاثة أَمجاد كَأَنَّهُمُ عقد

مِن الرَوضة الغَنّاء وَالدَوحة الَّتي

يَهز لَها أَعطافثهُ العِز وَالمَجد

يَرق بِها خَوط المَحامد يانِعاً

وَيَعبَق مِن نَشر الفَخار بِها الرند

فَلو عَرضت مِنها لرضوان نَفحة

لَما خَطَرت يَوماً بِفكرَتِهِ الخُلد

حَديقة عزّ يُنبت العز دُونَها

وَدَوحة مَجد كُل مَجد لَها وَرد

تَحلّ بِها يابن الأَكارم دَعوة

فَقَد أَينَعت فيها المَدائح وَالقُصد

عَلَيكَ مِن المَجد المُؤَثل لامة

مُضاعَفة التَسبيف مَوضونة سَرد

وَلا زِلت مَحروس الجَناب مملكاً

يقام عَلى أَبواب سدّتك المَجد