مظنة إتلاف المحب العواذل

مَظِنَّةُ إتِْلافِ الْمُحِبِّ الْعَواذِلُ
أَلاَ لاَ رَعَى الرَّحْمَانُ مَنْ هُوَ عَاذِلُ
يَرِيشُونَ لِلْمُضْنَى نِبَالَ مَلامِهِمْ
فَيَقْضِي أَسىً وَاللَّوْمُ فيِ الْحُبِّ قَاتِلُ
يَظُنُّونَ أَنَّ اللَّوْمَ يُجْدِي وَمَا دَرَوْا
بِأَنَّ مَلاَمَ الصَّبِّ لِلْحَيْنِ آيِلُ
عَلَى أَنَّ قَوَْ العَذْلِ لَيْسَ بِبَاطِلِ
بَلَى كُلُّ مَا يُعْزَى بِهِ الصَّبُّ بَاطِلُ
أَعَاذِلَتِي وَالْعَذْلُ لَيْسَ يَهُولُنِي
وَأَنَّى يَهُولُ الْعَذْلُ مَنْ هُوَ هَائِلُ
دَعِينِي وَتَهْيَامِي فَلَسْتُ بِبَارِحٍ
أُطَاوِلُ فِي مِظْمَارِهِ وَأُسَاجِلُ
تَوَقَّلْتُ أَنْجَادَ الصَّبَابَةِ في الصِّبَا
وَخُضْتُ بِحَارَ الْحُبِّ وَهْيَ حَوَافِلُ
وَجِِئْتُ فَتَاةَ الْحَيِّ وَالْحَيُّ آهِلٌ
وَلاَ حَاجِزٌ إِلاَّ الظَّبَى وَالذَّوَابِلُ
فَأَحْرَزْتُ خَصْلَ السَّبْقِ وَحْدِي وَلَمْ أَدَعْ
لِرَاكِبِ أَفْرَاسِ الْهَوَى مَا يُحَاوِلُ
بِروحِي مِنْ رُوحِي لَدَيْهِمْ مُقِيمَةٌ
وَإِنْ بَعُدَتْ مِنِّي الذُّرَى وَالْمَنَازِلُ
أُولَئِكَ أَحْبَابِي الأُلَى صَحَّ وُدُّهُمْ
سَقَى عَهْدَهُمْ عَهْدٌ مِنَ الْمُزْنِ هَاطِلُ
لَقَدْ حَالَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ ذُرَاهُمُ
سَبَاسِبُ تَعْيَى فِي مَدَاهَا الرَّوَاحِلُ
إِكَامٌ وَأَنْهَارٌ طَغَتْ وَمَهَامِهٌ
قَفَارٌ وَأَنْجَادٌ عَلَتْ وَمَجَاهِلُ
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ
هُيَامِي وَأَنِّي مِنْ لَظَى الشَّوْقِ ذَاهِلُ
فَيَا مُزْمِعَ التِّرْحَالِ بَلِّغْ تَحِيَّتِي
إِلَيْهِمْ وَحَدِّثْهُمْ بِمَا أَنَا فَاعِلُ
وَيَا نَفَسَ الأَسْحَارِ هُبَّ عَلَيْهِمُ
وَطَارِحْهُمْ شَوْقِي الذِي أَنَا حَامِلُ
وَيَا دِيمَةَ الْوَسْمِيِّ حَيِّي ثَرَاهُمُ
وَبُثِّي لَهُمْ أَنِّي مِنَ الْبَثِّ قَاحِلُ
وَيَا نَفْحَةَ الْخِيرِيِّ عُوجِي بِدُورِهِمْ
وَنُثِّي لَهُمْ أَنِّي بَرَتْنِي الْبَلاَبِلُ
عَسَاهُمْ إِذَا طَارَحْتُهُمْ بَلاَبِلِي
تُطَارِحُهُمْ عَهْدَ الْوِصَالِ بَلاَبِلُ
لَئِنْ شَطَّ مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّتِي
فَإِنِّي عَلَى عَهْدِ الْوِدَادِ لَخَائِلُ
أَحِنُّ لَهُمْ أَوْ يُغْمِدُ الْقَبْرُ مُرْهَفاً
وَأَصْبُو لَهُمْ أَوْ يَُنْحَِتً الطَّوْدَ صَائِلُ
عَلَيْهِمْ سَلاَمُ اللهِ مَا هَامَ عَاشِقٌ
وَمَا حَنَّ مُشْتَاقٌ وَمَا اهْتَاجَ زَاجِلُ
فَلاَ مُدْنِفٌ إِلاَّ الذِي شَفَّهُ النَّوَى
فَقَلْبُهُ خَفَّاقٌ وَجَفْنُهُ هَامِلُ
وَلاَ عُمُرٌ إِلاَّ الصِّبَا وَعَقِيبُهُ
وَلاَ زَمَنٌ إِلاَّ الضُّحَى وَالأَصَائِلُ
وَلاَ نَسَبٌ إِلاَّ الْسَّمَاحَةُ وَالتُّقَى
وَلاَ حَسَبٌ إِلاَّ الْحَيَا وَالشَّمَائِلُ
وَلاَ هِمَمٌ مَا لَمْ تَكُنْ أَدَبِيَّةً
وَلاَ مُنْجِدٌ إِلاَّ الْقَنَا وَالْقَنَابِلُ
وَمَا النَّاسُ إِلاَّ الْعَالِمُونَ ذَوُو الْعُلاَ
نُجُومُ الْهُدَى إِذْ هُمْ سُرَاةٌ أَفَاضِلُ
وَلاَ عَالِمٌ إِلَّا الإِمَامُ مُحِمَّدٌ
أَلَمْ تَرَ مَا تَلْقَاهُ مِنْهُ الْمَسَائِلُ
إِمَامٌ حَبَاهُ اللهُ كُلَّ فَضِيلَةٍ
تَبَدَّتْ لَهُ فِي الْمَكْرُمَاتِ دَلاَئِلُ
سَمَيْذَعُ أَهْلِ الْعَصْرِ أَرْوَعُ مَاجِدٌ
هِلاَلُ الْمَعَالِي أَرْيَحِيٌّ حُلاَحِلُ
حَوَى فِي قُلُوبِ الأَذْكِيَاءِ مَنَازِلاُ
عَلَى أَنَّهُ فَوْقَ السِّمَاكَيْنِ نَازِلُ
وَطَاوَلَ أَعْلاَمَ الزَّمَانِ فَفََاقَهُمْ
وَلاَ يَبْلُغُ الْعَلْيَاءَ مَنْ لاَ يُطَاوِلُ
فَأَصْبَحَ فِي أَوْجِ الْمَفَاخِرِ رَاقِياً
وَأَمْسَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ عَنْهُ تُنَاضِلُ
أَتَاحَ خَلِيلاُ خُلَّةً مَا أَتَاحَهَا
خَلِيلاً قُبَيْلَ الآنَ مَنْ هُوَ فَاضِلُ
فَبَيَّنَ مِنْ أَلْفَاظِهِ كُلَّ مُبْهَمٍ
وَقَيَّدَ مِنْ آرَائِهِ مَا يُشَاكِلُ
وَفَصَّلَ مِنْ أَحْكَامِهِ كُلَّ مُجْمَلٍ
فَأَصْبَحَ يَشْدُو بِالذِي قَالَ قَائِلُ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ الأَخِيرَ زَمَانَهُ
لَآتٍ بِمَا لَمْ تَسْتَطِعْهُ الأَوَائِلُ
لِيَ الرَّايَةُ الْغَرَّاءُ وَالْجَحْفَلُ الذِي
لَهُ الْفَهْمُ رِدْءٌ وَالْمَعَانِي مَنَاصِلُ
فَمَنْ ذَا يُجَارِينِي إِلَى كُلِّ غَايَةٍ
وَمَنْ ذَا يُبَارِينِي وَمَنْ ذَا يُجَادِلُ
قَضَى اللهُ يَا حَبْرَ الزَّمَانِ وَعِلْقَهُ
بِأَنَّكَ حَلْيُ الدَّهْرِ إِذْ هُوَ عَاطِلُ
وَأَنَّكَ شَمْسُ الْعِلْمِ وَالْغَيْرُ كَوْكَبٌ
وَأَنَّكَ وَقَّادٌ وَغَيْرُكَ آفِلُ
وَأَنَّكَ فِي أَهْلِ الْبَلاغَةِ مِصْقَعٌ
وَأَنَّكَ سَحْبَانٌوَغَيْرُكَ بَاقِلُ
قَطَعْتُ بِطَرْفِ الْعَزْمِ كُلَّ تَنُوفَةٍ
تَكِلُّ بِأَدْنَاهَا الْجِيَادُ الصَّوَاهِلُ
وَجُزْتَ بِرِيحِ الْحَزْمِ بَحْراً غَطَمْطَماً
فَحُزْتَ بِحَاراً مَا لَهُنَّ سَوَاحِلُ
وَعَابِرُ بَحْرَيْ لُجَّةٍ وَمَحَجَّةٍ
جَدِيرٌ بِأَنْ تُحْدَى إِلَيْهِ الْفَضَائِلُ
فَأَصْبَحَتِ الدُّنْيَا وَأَنْتَ سِرَاجُهَا
وَأَضْحَتْ بِكَ الآمَالُ وَهْيَ مَنَاهِلُ
فَأَعْلَمْتَ أَغْفَالَ الْعُلُومِ وَحُزْتَهَا
وَأَنْعَشْتَ بِالإِقْرَاءِ مَا هُوَ خَامِلُ
فَلاَزِلْتَ فيِ وَجْهِ السِّيَادَةِ غُرَّةً
وَلاَ بَرِحَتْ تُطْوَى إِلَيْكَ الْمَرَاحِلُ
وَدُمْتَ دَوَامَ الدَّهْرِ غَيْرَ مُكَدَّرٍ
وَنُورُكَ وَضَّاحٌ وَحَدُّكَ فَاصِلُ
أَتَتْكَ عَلَى رَغْمِ اللِّئَامِ خَرِيدَةٌ
لَهَا النَّظْمُ دُرٌّ وَالْقَوَافِي خَلاَخِلُ
بَرَهْرَةً رَقْرَاقَةً عَذْبَةَ اللَّمَى
ثَوَتْ بِقُصُورِ الْغَرْبِ وَالأَصْلُ بَابِلُ
حَوَتْ مِنْ سُدُولِ الْقَوْلِ كُلَّ مُنَظَّمٍ
لَهَا مِنْ قُلُوبِ الأَذْكِيَاءِ سَدَائِلُ
يَشِيبُ بِهَا ذُو الْغِلِّ قَبْلَ شَبَابِهِ
وَيَصْبُو لَهَا إِنْ شَابَ مَنْ هُوَ عَاقِلُ
هَدِيَةُ مَنْ يَفْدِيكَ مِنْ كُلِّ حَادِثٍ
وَفِيهَا عَلَى صِدْقِ الْوِدَادِ دَلاَئِلُ
عَلَيْكَ سَلاَمُ اللهِ مَا لَاحَ بَارِقٌ
وَمَا صَابَ هَطَّالٌ وَمَا سَحَّ وَابِلُ
أَنَمُّ مِنَ النُّوَّارِ يَصْقُلُهُ الْحَيَا
يُبَارِي شَذَا الْغِيطَانِ وَاللَّيْلُ رَاحِلُ
- Advertisement -