حي على الأنس إن طيف الهموم سرى

حَيَّ على الأُنْسِ إِنْ طَيْفُ الْهُمومِ سَرى

وَسَلِّ نَفْسَكَ وَانْهَجْ نَهْجَ مَنْ صَبَرَا

وَلاَ تُصِخْ لِدَوَاعِي الْبَثِّ إِنْ صََدَحَتْ

إِنَّ دَواعِيهِ تَسْتَجْلِبُ الضَّرَرَا

وَاذْكُرْ مَعاهِدَ قد رَاقَتْ نَضَارَتُها

فَإِنَّ في ذِكْرِها أُنْساً وَمُعْتَبَرَا

للهِ مِنْها أُصَيْلانٌ جَنَيْتُ بِهَا

فِي رَوْضَةِ الَّلهْوِ مِنْ نَخْلِ الْمُنَى ثَمَرَا

إِذْ لاَالأَحِبَّةُ يَعْدُو عَنْ وِصَالِهِمُ

بُعْدٌ يُؤجِّجُ فِي أَحْشائِنا سَقَرَا

حَيْثُ ائْتَلَفْنَا وَلاَ وَاشٍ يَنِِمُّ بِمَا

نِلْنَا عَدا الأَعْطَرَيْنِ الْوَرْدَ وَالزَّهََرَا

وَلاَ رَقِيبَ عَلى الأَفْراحِ يَحْسُدُنَا

دَانٍ خَلاَ الْنَّيِّرَيْنِ الشَّمْسَ وَالْقََمَرَا

وَزَهْوُنَا بِتَلاقِينَا وَأُلْفَتِنَا

أَغْرَى بِنا الأَعْجَمَيْنِ الطَّيْرَ وَالْوَتَرَا

فَصاحَ ذَاكَ عَلى أَفْنَانِ دَوْحَتِهِ

حَيَّ عَلى الأُنْسِ إِنْ طَيْفُ الْهُمومِ سَرَى

وَبَثَّ ذَا بِبَنَانِ اللَّذْ يُحَرِّكُهُ

خُذْ مَا صَفَا لَكَ وَانْبُذْ كُلَّ مَنْ كَدَرَا

وَالْبَحْرُ مِثْلُ مُذَابِ التِّبْرِ حَاكَ بِهِ

كَفُّ النَّسِيمِ دُرُوعاً حُسْنُهَا سَحَرَا

وَالْوُرْقُ تَسْقُطُ في أَمْواجِهِ دُرَراً

كَمَا سَقَطَتْ عَلى بَحْرِ الْعُلاَ عُمَرَا

حَبْرِ الْجَزَائِرِ وَالدُّنْيا بِرُمَّتِها

مَنْ عالَجَ الْعِلْْمَ حَتَّى ذَاعَ وَانْتَشَرَا

بَدْرِ الْجَلاَلِ وَمِصْباحِ الْكَمالِ وَمِقْ

باسِ الْجَمالِ الذِي كُلَّ الْوَرَى بَهَرَا

شَيْخٌ أَحَاطَ بِأَنْواعِ الْمَدِيحِ فَمَا

أَبْقَى لِمَنْ بَعْدَهُ شَيْئاً وَمَا وَذَرَا

إِِنْ تَنْمِ أَهْلَ الْعُلاَ إِلَى مَحَاسِنِهِ

تَجِدْ جَمِيعَهُمْ مِنْ بَحْرِهِ نَهَرَا

ذُو هِمَّةٍ شُغِفَتْ بِالْمَجْدِ عَالِيَةٍ

حُمَّ بِهَا أَحَدُ النَّسْرَيْنِ فَانْكَدَرَا

إِلَى شَمَائِلَ أَزْرَتْ بِالنَّسِيمِ ضُحىً

وَخُلُقٍ كَالْخَلُوقِ قَدْ هَفَا سَحَرَا

مَنْ يُبْلِغُ الأَهْلَ أَنِّي بَعْدَ بَيْنِهِمُ

جَالَسْتُ بَدْرَ هُدىً بِالشَّمْسِ مُعْتَجِرَا

وَقَدْ ظَفِرْتُ بِمَا كُنْتُ آمُلُهُ

لَمَّا قَضَتْ مُنْيَتِي مِنْ نُورِهِ وَطَرَا

حَتَّى لَقَدْ خِلْتُ آمَالِي قَوائِلَ لِي

قَدْكَ ابْنَ زَاكُورَ هَذَا الْبَحْرُ فَاقْتَصِرَا

مَنْ ذَا يُطاوِلُنِي وَالْمَجْدُ صَافَحَنِي

وَالْبَدْرُ أَقْبَسَنِي وَالْعِلْمُ لِي سَفَرَا

قَدْ كُنْتُ قِدْماً أَرَى خَطْبَ النَّوَى ضَرَرَا

فَالْيَوْمَ حِينَ اكْتَسَبْتُ الْمَجْدَ لَا ضَرَرَا

مَا أَحْسَنَ الْبَيْنَ إِنْ كَانَتْ إِسَاءَتُهُ

تَفْضِي إِلَى مِثْلِ مِصْبَاحِ الدُّجَى عُمَرَا

بَقِيَّةِ السَّلَفِ الْمَاضِي وَنُخْبَتِهِ

لَكِنْ مَحَاسِنُهُ أَزْرَتْ بِمَنْ غَبَرَا

قَاضِي الْقُضَاةِ الذِي لاَ شَيْءَ يَعْدِلُهُ

فِي عَدْلِهِ اللَّذْ فَشَا فِي النَّاسِ وَاشْتَهَرَا

بَحْرِ الْعُلُومِ التِي قَدْ غَاصَ مَنْهَلُهَا

مُنْذُ زَمَانٍ وَسَيْلُ الْجَهْلِ فِيهِ جَرَى

شَمْسِ الأُصُولِ التِي تًعْشِي أَشِعَّتُهَا

عَيْنَ الْجَهُولِ فَلَمْ يَسْطِعْ لَهَا نَظَرَا

كَمْ مِنْ فَوَائِدَ أَوْلاَنِي غَدَوْتُ بِهَا

أُطَاوِلُ الْعَالِمَ الْحَبْرَ الذِي مَهَرَا

هَذا وَجَمْعُ الْجَوَامِعِالذِي بَهَرَتْ

غُرُّ مَعَانِيهِ مَنْ غَابَ وََمَنْ حَضَرَا

أبْدَى لَنَا مَا تَحْوِيهِ مِنْ نُكَتٍ

نَفِيسَةٍ تُخْجِلُ الْيَاقُوتَ وَالْدًّرَرَا

وَاهاً لَهَا مِنْ لَآلٍ قَدْ ظَفِرْتُ بِهَا

فَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً طَيِّباً عَطِرَا

سَحَّتْ عَلى قَبْرِ تَاجِ الدِّينِعَادِيَةٌ

تُخَفِّفُ الأْثْقَلَيْنِ التُّرْبَ وَالْحَجَرَا

وَلاَ تَخَطَّتْ مُحَلِّيهِ بِتَحْلَِيَةٍ

بَاهَى بِهَا الثَّقَلَيْنِ الْجِنَّ وَالْبَشَرَا

نِعْمَ الْمُحَلِّي مَوْلانَا الْمُحَلِّيُّقَدْ

نَظَمَ مِنْ دُرِّهِ مَا كَانَ مُنْتَثِرَا

يَا رَحْمَةَ اللهِ عُوجِي بِضَرِيحِهِمَا

وَلاَ تَزَالِي تَنُثِِّي لَهُمَا خَبَرَا

إِنَّ الإِمَامَ أَبَا حَفْصِ الرِّضَى عُمَرَا

أَضْحَى يُطَرِّزُ مَا حَاكَ وَمَا ابْتَكَرَا

بَدْرَ الْجَزَائِرِ صَانَ اللهُ بَهْجَتَهُ

عَنْ أَنْ يُرَى بِخُسُوفِ الْبَدْرِ مُسْتَتِرَا

وَبَحْرَهَا الْعَذْبَ لاَ زَالَتْ جَدَاوِلُهُ

تُرَوِّضُ الْعَالَمَيْنِ الْبَدْوَ وَالْحَضَرَا