دع اللوم إن سالت دموعي على خدي

دع اللوم إن سالت دموعي على خدي

فقد جاءني ما لا يقوم به وجدي

فما لليالي لا سقى اللّه عهدها

تُرَوعُنَا في كل ذي سؤدد فرد

خليليَّ هل من سامح بدموعه

فإن دموعي لا تفيد ولا تُجْدِي

فحقٌّ على الأعيان صب دموعها

فقد مات عين الفضل بل شامة المجد

جمال الهدى حلفُ الدفاتر والعلى

خليل التقى رب الديانة والزهد

تقيٌّ صبور ناسك متعفف

صفات معاليه تعالت عن العد

فيا لهف نفسي ما حياتي بعده

ويا ليتني من قبله ضمني لحدي

فديناك لو أن الفدى كان نافعاً

لكل خطير القدر مرتفع الجد

فمثلك عين ما رأت في زهادة

وفي عمل بر أجلك عن ند

وفي خلق يحكي النسيم لطافة

ومن دونه في النشر رائحة الند

صدعت بقول الحق في كل موقف

وما هبت ذا بطش سوى الواحد الفرد

فكنت على الفجار صاباً وعلقماً

وكنت إلى الأخيار أحلى من الشهد

وليت قضاء المسلمين بصولة

تذيب بها من كان أقسى من الصلد

وجاهرت أهل الظلم بالحق معلناً

وجاهرتهم لما تعدَّوا على الحد

ووافاك خطب الموت في دار هجرة

فيا هجرة كانت إلى جنة الخلد

ليبك عليك الفقه إن كان باكياً

فرب خفي عن غوامضه تبدي

ويبك عليك الليل إذ كنت قاطعاً

لأسحاره بين التهجد والورد

كذلك يبكيك النهار بعبرة

يساجل فيها طالب العلم والرشد

طبيب يداوي الجاهلين بفقهه

فكم جاهل يبري وكم حائر يهدي

سقى اللّه قبراً ضم أوصالك التي

ضممت عليه حسن فعلك والقصد

وهنئت يا حصن الظفير بقبره

ويا قبره طولى للحدك من لحد

لقد زدت فخراً فوق فخر حويته

قديماً بيحياك العماد وبالمهدي

ولولا التقى والصبر شدا قلوبنا

لطارت من الحزن المبرح والوجد

ولولا يقيني أنه في كرامة

وفي جنة المأوى لذبت من الفقد

عليك من الرحمن عفو رحمة

ومنا سلام لا يقدر بالحد

يقول له رضوان فيها مؤخراً

على ابن يحيى ابن لقمان بالخلد