أهاجك بالبيداء رسم المنازل

أَهاجَكَ بِالبَيداءِ رَسمُ المَنازِلِ

نَعَم قَد عَفاها كُلُّ أَسحَمَ هاطِلِ

وَجَرَّت عَلَيها الرامِساتُ ذُيولَها

فَلَم يَبقَ مِنها غَيرُ أَشعَثَ ماثِلِ

دِيارُ الَّتي راقَ الفُؤادَ دَلالُها

وَعَزَّ عَلَينا أَن تَجودَ بِنائِلِ

لَها عَينُ كَحلاءِ المَدامِعِ مُطفِلٍ

تُراعي نَعاماً يَرتَعي بِالخَمائِلِ

دِيارُ الَّتي كادَت وَنَحنُ عَلى مِنىً

تَحُلُّ بِنا لَولا نَجاءُ الرَواحِلِ

أَلا أَيُّها الساعي لِيُدرِكَ مَجدَنا

نَأَتكَ العُلى فَاِربَع عَلَيكَ فَسائِلِ

فَهَل يَستَوي ماءانِ أَخضَرُ زاخِرٌ

وَحِسيٌ ظَنونٌ ماؤُهُ غَيرُ فاضِلِ

فَمَن يَعدِلُ الأَذنابَ وَيحَكَ وَالذُرى

قَدِ اِختَلَفا بِرٌّ يَحُقُّ بِباطِلِ

تَناوَل سُهَيلاً في السَماءِ فَهاتِهِ

سَتُدرِكُنا إِن نِلتُهُ بِالأَنامِلِ

أَلَسنا بِحَلّالينَ أَرضَ عَدُوِّنا

تَأَرَّ قَليلاً سَل بِنا في القَبائِلِ

تَجِدنا سَبَقنا بِالفَعالِ وَبِالنَدى

وَأَمرِ العَوالي في الخُطوبِ الأَوائِلِ

وَنَحنُ سَبَقنا الناسَ مَجداً وَسُؤدَداً

تَليداً وَذِكراً نامِياً غَيرَ خامِلِ

لَنا جَبَلٌ يَعلو الجِبالَ مُشَرَّفٌ

فَنَحنُ بِأَعلى فَرعِهِ المُتَطاوِلِ

مَساميحُ بِالمَعروفِ وَسطَ رِحالِنا

وَشُبّانُنا بِالفُحشِ أَبخَلُ باخِلِ

وَمِن خَيرِ حَيٍّ تَعلَمونَ لِسائِلٍ

عَفافاً وَعانٍ موثَقٍ في السَلاسِلِ

وَمِن خَيرِ حَيٍّ تَعلَمونَ لِجارِهِم

إِذا اِختارَهُم في الأَمنِ أَو في الزَلازِلِ

وَفينا إِذا ما شُبَّتِ الحَربُ سادَةٌ

كُهولٌ وَفِتيانٌ طِوالُ الحَمائِلِ

نَصَرنا وَآوَينا النَبِيَّ وَصَدَّقَت

أَوائِلُنا بِالحَقِّ أَوَّلَ قائِلِ

وَكُنّا مَتى يَغزُ النَبِيُّ قَبيلَةً

نَصِل حافَتَيهِ بِالقَنا وَالقَنابِلِ

وَيَومَ قُرَيشٍ إِذ أَتَونا بِجَمعِهِم

وَطِئنا العَدُوَّ وَطأَةَ المُتَثاقِلِ

وَفي أُحُدٍ يَومٌ لَهُم كانَ مُخزِياً

نُطاعِنُهُم بِالسَمهَرِيِّ الذَوابِلِ

وَيَومَ ثَقيفٍ إِذ أَتَينا دِيارَهُم

كَتائِبَ نَمشي حَولَها بِالمَناصِلِ

فَفَرّوا وَشَدَّ اللَهُ رُكنَ نَبِيِّهِ

بِكُلِّ فَتىً حامي الحَقيقَةِ باسِلِ

فَفَرّوا إِلى حِصنِ القُصورِ وَغَلَّقوا

وَكائِن تَرى مِن مُشفِقٍ غَيرِ وائِلِ

وَأَعطَوا بِأَيديهِم صَغاراً وَتابَعوا

فَأَولى لَكُم أَولى حُداةَ الزَوامِلِ

وَإِنّي لَسَهلٌ لِلصَديقِ وَإِنَّني

لَأَعدِلُ رَأسَ الأَصعَرِ المُتَمايِلِ

وَأَجعَلُ مالي دونَ عِرضي وِقايَةً

وَأَحجُبُهُ كَي لا يَطيبَ لِآكِلِ

وَأَيُّ جَديدٍ لَيسَ يُدرِكُهُ البِلى

وَأَيُّ نَعيمٍ لَيسَ يَوماً بِزائِلِ