ألم تلمم على الدمن الخوالي

أَلَم تُلمِم عَلى الدِمَنِ الخَوالي

لِسَلمى بِالمَذانِبِ فَالقُفالِ

فَجَنبَي صَوأَرٍ فَنِعافِ قَوٍّ

خَوالِدَ ما تَحَدَّثُ بِالزَوالِ

تَحَمَّلَ أَهلُها إِلّا عِراراً

وَعَزفاً بَعدَ أَحياءٍ حِلالِ

وَخَيطاً مِن خَواضِبَ مُؤلِفاتٍ

كَأَنَّ رِئالَها أُرقُ الإِفالِ

تَحَمَّلَ أَهلُها وَأَجَدَّ فيها

نِعاجُ الصَيفِ أَخبِيَةَ الظِلالِ

وَقَفتُ بِهِنَّ حَتّى قالَ صَحبي

جَزِعتَ وَلَيسَ ذَلِكَ بِالنَوالِ

كَأَنَّ دُموعَهُ غَربا سُناةٍ

يُحيلونَ السِجالَ عَلى السِجالِ

إِذا أَروَوا بِها زَرعاً وَقَضباً

أَمالوها عَلى خورٍ طِوالِ

تَمَنّى أَن تُلاقِيَ آلَ سَلمى

بِخَطمَةَ وَالمُنى طُرُقُ الضَلالِ

وَهَل يَشتاقُ مِثلُكَ مِن دِيارٍ

دَوارِسَ بَينَ تُختِمَ وَالخِلالِ

وَكُنتُ إِذا الهُمومُ تَحَضَّرَتني

وَضَنَّت خُلَّةٌ بَعدَ الوِصالِ

صَرَمتُ حِبالَها وَصَدَدتُ عَنها

بِناجِيَةٍ تَجِلُّ عَنِ الكَلالِ

عُذافِرَةٌ تَقَمَّصُ بِالرُدافى

تَخَوَّنَها نُزولي وَاِرتِحالي

كَعَقرِ الهاجِرِيِّ إِذا اِبتَناهُ

بِأَشباهٍ حُذينَ عَلى مِثالِ

كَأَخنَسَ ناشِطٍ جادَت عَلَيهِ

بِبُرقَةِ واحِفٍ إِحدى اللَيالي

أَضَلَّ صِوارَهُ وَتَضَيَّفَتهُ

نَطوفٌ أَمرُها بِيَدِ الشَمالِ

فَباتَ كَأَنَّهُ قاضي نُذورٍ

يَلوذُ بِغَرقَدٍ خَضِلٍ وَضالِ

إِذا وَكَفَ الغُصونُ عَلى قَراهُ

أَدارَ الرَوقَ حالاً بَعدَ حالِ

جُنوحَ الهالِكيِّ عَلى يَدَيهِ

مُكِبّاً يَجتَلي نُقَبَ النِصالِ

فَباكَرَهُ مَعَ الإِشراقِ غُضفٌ

ضَواريها تَخُبُّ مَعَ الرِجالِ

فَجالَ وَلَم يَجُل جُبناً وَلَكِن

تَعَرُّضَ ذي الحَفيظَةِ لِلقِتالِ

فَغادَرَ مُلحَماً وَعَدَلنَ عَنهُ

وَقَد خَضَبَ الفَرائِصَ مِن طِحالِ

يَشُكُّ صِفاحَها بِالرَوقِ شَزراً

كَما خَرَجَ السِرادُ مِنَ النِقالِ

وَوَلّى تَحسُرُ الغَمَراتُ عَنهُ

كَما مَرَّ المُراهِنُ ذو الجِلالِ

وَوَلّى عامِداً لِطِياتِ فَلجٍ

يُراوِحُ بَينَ صَونٍ وَاِبتِذالِ

تَشُقُّ خَمائِلَ الدَهنا يَداهُ

كَما لَعِبَ المُقامِرُ بِالفِيالِ

وَأَصبَحَ يَقتَري الحَومانَ فَرداً

كَنَصلِ السَيفِ حودِثَ بِالصِقالِ

أَذَلِكَ أَم عِراقِيُّ شَتيمٌ

أَرَنَّ عَلى نَحائِصَ كَالمَقالي

نَفى جِحشانَها بِجِمادِ قَوٍّ

خَليطٌ ما يُلامُ عَلى الزِيالِ

وَأَمكَنَها مِنَ الصُلبَينِ حَتّى

تَبَيَّنَتِ المِخاضُ مِنَ الحِيالِ

شُهورَ الصَيفِ وَاِعتَذَرَت عَلَيهِ

نِطافُ الشَيِّطَينِ مِنَ السِمالِ

وَذَكَّرَها مَناهِلَ آجِناتٍ

بِحاجَةَ لا تُنَزَّحُ بِالدَوالي

وَأَقبَلَها النِجادَ وَشَيَّعَتها

هَواديها كَأَنضِيَةِ المُغالي

لِوِردٍ تَقلِصُ الغيطانُ عَنهُ

يَبُذُّ مَفازَةَ الخِمسِ الكَمالِ

يُجِدُّ سَحيلَهُ وَيُتيرُ فيهِ

وَيُتبِعُها خِنافاً في زِمالِ

كَأَنَّ سَحيلَهُ شَكوى رَئيسٍ

يُحاذِرُ مِن سَرايا وَاِغتِيالِ

تَبَكِّيَ شارِبٍ أَسرَت عَلَيهِ

عَتيقُ البابِلِيَّةِ في القِلالِ

تَذَكَّرَ شَجوَهُ وَتَقاذَفَتهُ

مُشَعشَعَةٌ بِمَغروضٍ زُلالِ

إِذا اِجتَمَعَت وَأَحوَذَ جانِبَيها

وَأَورَدَها عَلى عوجٍ طِوالِ

رَفَعنَ سُرادِقاً في يَومِ ريحٍ

يُصَفِّقُ بَينَ مَيلٍ وَاِعتِدالِ

فَأَورَدَها العِراكَ وَلَم يَذُدها

وَلَم يُشفِق عَلى نَغَصِ الدِخالِ

يُفَرِّجُ بِالسَنابِكِ عَن شَريبٍ

يَروعُ قُلوبَ أَجوافٍ غِلالِ

يُرَجِّعُ في الصُوى بِمُهَضَّماتٍ

يَجُبنَ الصَدرَ مِن قَصَبِ العَوالي

أَصاحِ تَرى بَريقاً هَبَّ وَهناً

كَمِصباحِ الشَعيلَةِ في الذُبالِ

أَرِقتُ لَهُ وَأَنجَدَ بَعدَ هَدءٍ

وَأَصحابي عَلى شُعَبِ الرِحالِ

يُضيءُ رَبابُهُ في المُزنِ حُبشاً

قِياماً بِالحِرابِ وَبِالإِلالِ

كَأَنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُراهُ

وَأَنواحاً عَلَيهِنَّ المَآلي

فَأَفرَعَ في الرُبابِ يَقودُ بُلقاً

مُجَوَّفَةً تُذُبُّ عَنِ السِخالِ

وَأَصبَحَ راسِياً بِرُضامِ دَهرٍ

وَسالَ بِهِ الخَمائِلُ في الرِمالِ

وَحَطَّ وُحوشَ صاحَةَ مِن ذُراها

كَأَنَّ وُعولَها رُمكُ الجِمالِ

عَلى الأَعراضِ أَيمَنُ جانِبَيهِ

وَأَيسَرُهُ عَلى كورَي أُثالِ

وَأَردَفَ مُزنَةُ المِلحَينِ وَبلاً

سَريعاً صَوبُهُ سَرِبَ العَزالي

فَباتَ السَيلُ يَركَبُ جانِبَيهِ

مِنَ البَقّارِ كَالعَمِدِ الثَفالِ

أَقولُ وَصَوبُهُ مِنّي بَعيدٌ

يَحُطُّ الشَثَّ مِن قُلَلِ الجِبالِ

سَقى قَومي بَني مَجدٍ وَأَسقى

نُمَيراً وَالقَبائِلَ مِن هِلالِ

رَعَوهُ مَربَعاً وَتَصَيَّفوهُ

بِلا وَبَإٍ سُمَيَّ وَلا وَبالِ

هُمُ قَومي وَقَد أَنكَرتُ مِنهُم

شَمائِلَ بُدِّلوها مِن شِمالي

يُغارُ عَلى البَرِيِّ بِغَيرِ ظُلمٍ

وَيُفضَحُ ذو الأَمانَةِ وَالدَلالِ

وَأَسرَعَ في الفَواحِشِ كُلُّ طِملٍ

يَجُرُّ المُخزِياتِ وَلا يُبالي

أَطَعتُم أَمرَهُ فَتَبِعتُموهُ

وَيَأتي الغَيَّ مُنقَطِعَ العِقالِ