جهنم تلك لا تبقي بغيا

جَهَنَّمُ تِلكَ لا تُبقي بَغيّاً

وَعَدنٌ لا يُطالِعُها رَجيمُ

إِذا شَبَّت جَهَنَّمُ ثُمَّ فارَت

وَأَعرَضَ عَن قَوابِسِها الجَحيمُ

تُحَشُّ بِصَندَلٍ صُمٍّ صِلابٍ

كَأَنَّ الضاحِياتِ لَها قَضيمُ

فَتَسَمو ما يُعنيها ضَراءٌ

وَلا تَخبو فَيَبرَدُها السَمومُ

فَهُم يَطغونَّ كَالأَقذاءِ فيها

لَئِن لَم يَغفِر الرَّبُ الرَحيمُ

بِدانيَةٍ مِنَ الآفاتِ نَزهٍ

بَراءٍ لا يُرى فيها سَقيمُ

سَواعِدُها تَحَلَّبُ لا تُصرّى

بِها الأَيدي مُحَلَّلَةً تَحومُ

يَفيضُ حُلابُها مِن غيرِ ضَرعٍ

وَلا بَشَمٌ وَلا فيها جُزومُ

فَيُحرَمُ عَنهُم لِكُلِّ عَزفٍ

عَجيجٌ لا أَحذُّ وَلا يَتيمُ

فَذا عَسَلٌ وَذا لَبَنٌ وَخَمرٌ

وَقَمحٌ في مَنابِتِهِ صَريمُ

وَنَخلٌ ساقِطُ القِنوانِ فيهِ

خِلالَ أُصولِهِ رُطَبٌ قَميمُ

وَتُفّاحٌ وَرُمّانٌ وَتينٌ

وَماءٌ بارِدٌ عَذبٌ سَليمُ

وَفيها لَحمُ ساهِرَةٍ وَبَحرٍ

وَما فاهوا بِهِ لَهُمُ مُقيمُ

وَحَورٌ لا يَرينَ الشَمسَ فيها

عَلى صَورِ الدُمى فيها سُهومُ

نَواعِمُ في الأَرائِكِ قاصِراتٌ

فَهُنَّ عقائِلٌ وَهُمُ قُرومُ

عَلى سُرُرٍ تُرى مُتَقابِلاتٍ

أَلا ثَمَّ النَضارَةُ وَالنَعيمُ

عَلَيهِم سُندُسٌ وَجيادُ رَيطٍ

وَديباجٍ يُرى فيها قُتومُ

وَحُلّوا مِن أَساورَ مِن لُجَينٍ

وَمِن ذَهَبٍ وَعَسجَدَةٍ كَريمُ

وَلا لَغوَ وَلا تَأثيمَ فيها

وَلا غَولٌ وَلا فيها مُليمُ

كَأسٌ لا تَصدَعُ شارِبيها

يَلَذُّ بِحُسنِ رُؤيَتِها النَديمُ

تُصَفَّقُ في صِحافٍ مِن لُجَينٍ

وَمِن ذَهَبٍ مُبارَكَةٍ رَذومُ

إِذا بَلَغو الَّتي أَجروا إِليها

تَقبَلَهُم وَحُلِّلَ مَن يَصومُ

وَخُفِّفَت النُذورُ وَأَردَفتهُم

فُضولُ اللَهِ وَاِنتَهَتِ القُسومُ

وَتَحتَهُمُ نَمارِقُ مِن دَمَقسٍ

وَلا أَحَدٌ يُرى فيهِم سَئيمُ

سَلامَكَ رَبَّنا في كُلِّ فَجرٍ

بَريئاً ما تَليقُ بِكَ الذُمومُ

عِبادُكَ يُخطِؤونَ وَأَنتَ رَبٌّ

بِكَفَيّكَ المَنايا وَالحتومُ

غَداةَ يَقولُ بَعضُهُم لِبَعضٍ

أَلا يالَيتَ أُمَّكُمُ عَقيمُ

فَلا تَدنو جَهَنَّمُ مِن بَريءٍ

وَلا عَدنٌ يَحِلُّ بِها الأَثيمُ

بَريءُ النَفسِ لَيس لَها بِأَهلٍ

وَلَكِنَّ المُسيءَ هوَ المَلومُ

تَأَمَّل صُنعَ رَبِّكَ غَيرَ شَكٍ

بِعينِكَ كَيفَ تَختَلِفُ النُجومُ

فَما تَجري سَوابِقُ مُلجَماتٌ

كَما تَجري وَلا طَيرٌ يَحومُ

رَوابٍ في النَهارِ فَما تَراها

وَيمشي مَشيَ لَيلَتِها تَعومُ

هوَ المُجرى سَوابِقَها سِراعاً

كَما حَبَسَ الجِبالَ فَما تُريمُ

وَكَم كُنّا بِها مِن فَرطِ عامٍ

وَهَذا الدَهرُ مُقتَبَلٌ حَسومُ

وَما يَبقى عَلى الحِدثانِ غُفرٌ

بِشاهِقَةٍ لَهُ إِمٌّ رَؤومُ

تَبيتُ اللَيلَ حانيَةً عَلَيهِ

كَما يَخَرمِسَّ الأَرخُ الأَطومُ

تَصَدّى كُلَّما طَلَعتَ لِنَشزٍ

وَوَدَّتَ إِنَّها مِنهُ عَقيمُ

أَلا يا وَيلَهُم مِن حَرِّ نارِ

كَصَرخَةِ أَربَعينَ لَها وَزيمُ

وَلا يَتَنازَعونَ عِنانَ شِركٍ

وَلا أَقواتَ أَهلِهِمُ القُسومُ

وَلا قَرنٌ يُقَزَّزُ مِن طَعامٍ

وَلا نَصِبٌ وَلا مولى عَديمُ