طاف الخيال بنا ركبا يمانينا

طَافَ الخَيَالُ بِنَا رَكْباً يَمانينَا
ودُونَ ليْلَى عَوَادٍ لوْ تُعَدِّينَا
مِنْهُنَّ مَعْرُوفُ آيَاتِ الكِتَابِ وقَدْ
تَعْتَادُ تَكْذِبُ لَيْلَى مَا تُمَنِّينَا
لَمْ تَسْرِ لَيْلَى ولمْ تَطْرُقْ بِحَاجَتِهَا
مِنْ أَهْلِ رَيْمَانَ إِلاَّ حَاجَةً فِينَا
مِنْ سَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوَالُ البِغَالِ بِهِ
أَنَّى تَسَدَّيْتِ وَهْناً ذلِكَ البينَا
أَمْسَتْ بِأَذْرُعِ أَكْبَادٍ فَحُمَّ لَهَا
رَكْبٌ بِلِنَةَ أوْ رَكْبٌ بِسَاوِينَا
يَا دَارَ لَيْلَى خَلاَءً لاَ أُكَلِّفُهَا
إِلاَّ المَرَانَةَ حَتَّى تَعْرِفَ الدِّينا
تُهْدِي زَنَانِيرُ أَرْوَاحَ المصِيفِ لَهَا
ومِنْ ثَنَايَا فُرُوجِ الكَوْرِ تهْدِينَا
هَيْفٌ هَدُوجُ الضُّحَى سَهْوٌ منَاكِبُهَا
يَكْسُونَهَا بِالعَشِيَّاتِ العَثَانِينَا
يَكْسُونَهَا مَنْزِلاً لاَحَتْ مَعَارِفُهُ
سُفْعاً أَطَالَ بِهُنًّ الحَيُّ تَدْمِينَا
عَرَّجْتُ فِيهَا أُحَيِّيهَا وأَسْأَلُهَا
فَكِدْنَ يُبْكِينَني شَوْقاً ويَبْكِينَا
فَقُلْتُ لِلْقَوْمِ سِيرُوا لاَ أَبَا لكُمُ
أَرَى مَنَازِلَ لَيْلَى لاَ تُحَيِّينَا
وطَاسِمٍ دَعْسُ آثَارِ المَطيِّ بِهِ
نَائِي المَخَارِمِ عِرْنِيناً فَعِرْنِينَا
قَدْ غَيَّرَتْهُ رِيَاحٌ واخْتَرَقُنْ بِهِ
مِنْ كُلِّ مَأْتَى سَبِيلِ الرِّيحِ يَأْتِينَا
يَصْبَحْنَ دَعْسَ مَرَاسِيلِ المَطِيِّ بِهِ
حَتَّى يُغَيِّرْنَ مِنْهُ أَوْ يُسَوِّينَا
في ظَهْرِ مَرْتٍ عَسَاقِيلُ السَّرَابِ بِهِ
كأَنَّ وَغْرَ قَطَاهُ وَغْرُ حَادِينَا
كَأَنَّ أَصْوَاتَ أَبْكَارِ الحَمَامِ بِهِ
مِنْ كُلِّ مَحْنِيَّةٍ مِنْهُ يُغَنِّينَا
أَصْوَاتُ نِسْوَانِ أَنْبَاطٍ بِمَصْنَعَةٍ
بَجَّدْنَ لِلنَّوْحِ واجْتَبْنَ التَّبَابِينَا
في مُشْرِفٍ لِيطَ لَيَّاقُ البَلاطَ بِهِ
كَانَتْ لِسَاسَتِهِ تُهْدَى قَرَابِينَا
صَوْتُ النَّوَاقِيس فِيهِ مَا تُفَرِّطُهُ
أَيْدِي الجَلاَذِي وجُونٌ مَا يُغَفِّينَا
كَأَنَّ أَصْوَاتَهَا مِنْ حَيْثُ تَسْمَعُهَا
صَوْتُ المَحَابِضِ يَخْلِجْنَ المَحَارِينَا
وَاطَأْتُهُ بِالسُّرَى حَتَّى تَرَكْتُ بِهِ
لَيْلَ التِّمَامِ تُرَى أَسْدَافَهُ جُونَا
حَتَّى اسْتَبَنْتُ الهُدَى والبِيدُ هَاجِمَةٌ
يَخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً أَوْ يُصَلِّينَا
واسْتَحْمَلَ الشَّوْقَ مِنِّي عِرْمِسٌ سُرُحٌ
تَخَالُ بَاغِزَهَا بِاللَّيْلِ مَجْنُونَا
تَرْمِي الفِجَاجَ بِحَيْدَارِ الحَصَى قُمَزاً
في مِشْيَةٍ سُرُحٍ خَلْطٍ أَفَانِينَا
تَرْمِي بِهِ وهْيَ كَالحَرْدَاءِ خَائِفَةٌ
قَذْفَ البَنَانِ الحَصَى بَيْنَ المُخَاسِينَا
كَانتْ تُدَوِّمُ إِرْقَالاً فَتَجْمَعُهُ
إلَى مَنَاكِبَ يَدْفَعْنَ المَذَاعِينَا
وَعَاتِقٍ شَوْحَطٍ صُمٍّ مَقَاطِعُهَا
مَكْسُوَّةٍ مِنْ خِيَارِ الوَشْيِ تَلوِينَا
عَارَضْتُهَا بِعَنُودٍ غَيْر مُعْتَلَثٍ
تَرِنُّ مِنْهُ مُتُونٌ حِينَ يَجْرِينَا
حَسَرْتُ عَنْ كَفِّيَ السِّرْبَالَ آخُذُهُ
فَرْداً يُجَرُّ على أَيْدِي المُفَدِّينَا
ثُمَّ انْصَرَفْتُ بِهِ جَذْلاَنَ مُبْتَهِجاً
كَأَنَّهُ وَقْفُ عَاجٍ بَاتَ مَكْنُونَا
ومَأْتَمٍ كَالدُّمَى حُورٍ مَدَامِعُهَا
لمْ تَبْأَسِ العَيْشَ أَبْكاراً ولا عُونَا
شُمٍّ مُخَصَّرَةٍ صِينَتْ مُنَعَّمَةً
مِنْ كُلِّ دَاءٍ بِإِذْنِ اللهِ يَشْفِينَا
كَأَنَّ أَعْيُنَ غِزْلاَنٍ إِذَا اكْتَحَلَتْ
بِالإِثْمِدِ الجَوْنِ قَدْ قَرَضْنَهَا حِينَا
كَأَنَّهُنَّ الظِّبَاءُ الأُدْمُ أَسْكَنَهَا
ضَالٌ بِغُرَّةَ أَوْضَالٌ بِدَارِينَا
يَمْشِينَ هَيْلَ النَّقَا مَالَتْ جَوَانِبُهُ
يَنْهَالُ حِيناً ويَنْهَاهُ الثَّرَى حِينَا
مِنْ رَمْلِ عِرْنَانَ أَوْ مِنْ رَمْلِ أَسْنُمَةٍ
جَعْدِ الثَّرَى بَاتَ في الأَمْطَارِ مَدْجُونَا
يَهْزُزْنَ لِلْمَشْيِ أوصالاً مُنَعَّمَةً
هَزَّ الجَنُوبِ ضُحىً عِيدَانَ يَبْرينَا
أَوْ كَاهْتِزَازِ رُدَيْنَيٍّ تَدَاوَلَهُ
أَيْدِي التِّجَارِ فَزَادُوا مَتْنَهُ لِينَا
بِيضٌ يُجَرِّدْنَ مِنْ أَلْحَاظِهِنَّ لَنَا
بِيضاً ويُغْمِدْنَ مَا جَرَّدْنَهُ فِينَا
إِذَا نَطَقْنَ رَأَيْتَ الدرَّ مُنْتَثِراً
وإِنْ صَمَتْنَ رَأَيْتَ الدُّرَّ مَكْنُونَا
نَازَعْتَ أَلْبَابَهَا لُبِّي بِمُخْتَزَنٍ
مِنَ الأَحَادِيثِ حَتَّى ازْدَدْنَ لي لِينَا
في لَيْلَةٍ مِنْ ليَالِي الدَّهْرِ صَالِحَةٍ
لوْ كَانَ بَعْدَ انْصِرَافِ الدَّهْرِ مَأْمُونَا
أَبْلِغْ خَدِيجاً فَإِنِّي قَدْ سَمِعْتُ لَهُ
بَعْضَ المَقَالَةِ يُهْدِيهَا فَتَأْتِينَا
مَا لَكَ تَجْرِي إِلَيْنَا غَيْرَ ذِي رَسَنٍ
وقَدْ تَكُونُ إِذَا نُجْرِيكَ تُعْنِينَا
وقدْ بَرَيْتَ قِدَاحاً أَنْتَ مُرْسِلُهَا
ونَحْنُ رَامُوكَ فَانْظُرْ كَيْفَ تَرْمِينَا
فَاقْصِدْ بِذَرْعِكَ واعْلَمْ لَوْ تُجَامِعُنَا
أَنَّا بَنُو الحَرْبِ نَسْقِيهَا وتَسْقِينَا
سَمُّ الصَّبَاحِ بِخِرصَانٍ مُقَوَّمَةٍ
والمَشْرَفِيَّةُ نَهْدِيهَا بِأَيْدِينَا
إِنَّا مَشَائِيمُ إِنْ أَرَّشْتَ جَاهِلَنَا
يَوْمَ الطَّعَانِ وتَلْقَاهَا مَيَامِينَا
وعَاقِدِ التَّاجِ أَوْ سَامٍ لَهُ شَرَفٌ
مِنْ سُوقَةِ النَّاسِ نَالَتْهُ عَوَالِينَا
فَاسْتَبْهَلَ الحَرْبَ مِنْ حَرَّانَ مُطَّرِدٍ
حَتَّى يَظَلَّ عَلَى الكَفَّيْنِ مَرْهُونَا
وإِنَّ فِينَا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِهِ
جَمْعاً بَهِيّاً وآلاَفاً ثَمَانِينَا
ومُقْرَبَاتٍ عَنَاجِيجاً مُطَهَّمَةً
مِنْ آلِ أَعْوَجَ مَلْحُوفاً ومَلْبُونَا
إِذَا تَجَاوَبْنَ صَعَّدْنَ الصَّهِيلِ إِلَى
صُلْبِ الشُّؤُونِ ولَمْ تَصْهَلْ بَرَاذِينَا
ورَجْلَةً يَضْرِبُونَ البَيْضَ عَنْ عُرُضٍ
ضَرْباً تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا
فَلاَ تَكُونَنَّ كَالنَّازِي بِبِطْنَتِهِ
بَيْنَ القَرْينَيْنِ حَتَّى ظَلَّ مَقْرُونَا
- Advertisement -