يابن الخلائف ما لي بعد تقربة

يابنَ الخَلائِفِ ما لي بَعدَ تَقرِبَةٍ

إِلَيكَ أُقصى وَفي حالَيكَ لي عَجَبُ

ما لي أُذادُ وَأُقصى حينَ أَقصِدُكُم

كَما تُوُقِّيَ مِن ذي العُرَّةِ الجَرَبُ

كَأَنَّني لَم يَكُن بَيني وَبَينَكُم

إِلٌّ وَلا خُلَّةٌ تُرعى وَلا نَسَبُ

لَو كانَ بِالوُدِّ يُدنى مِنكَ أَزلَفَني

بِقُربِكَ الوُدُّ وَالإِشفاقُ وَالحَدَبُ

وَكُنتُ دونَ رِجالٍ قَد جَعَلتُهُم

دوني إِذا ما رَأَوني مُقبِلا قَطَبوا

إِن يَسمَعوا الخَيرَ يُخفوه وَإِن سَمِعوا

شَرّاً أَذاعوا وَإِن لَم يَسمَعوا كَذَبوا

رَأَوا صُدودَكَ عَنّي في اللِقاءِ فَقَد

تَحَدَّثوا أَن حَبلي مِنكَ مُنقَضِبُ

فَذوا الشَماتَةِ مَسرورٌ بَهَيضَتِنا

وَذو النَصيحَةِ وَالإِشفاقِ مُكتَئِبُ

هَلّا تَحَسَّبتَ عَن عَذري وَبَغيِهِم

حَتّى تَبِينَ عَلى مَن يَرجِعُ الكَذِبُ

ما كانَ يَشقى بِهذا مِنكَ مُرتَغِبٌ

خالٌ وَلا الجارُ ذو القُربى وَلا الجُنُبُ

أَينَ الذِمامَةُ وَالحَقُّ الَّذي نَزَلَت

بِحِفظِهِ وَبِتَعظيمٍ لَهُ الكُتُبُ

وَحَوِكى الشِعرَ أُصفيهِ وَأنظِمُهُ

نَظمَ القَلائِدِ فيها الدُرُّ وَالذَهَبُ

وَهَزِّيَ العيسَ مِن أَرضٍ يَمانِيَةٍ

إِلَيكَ خوصاً بِها التَعيينُ وَالنُقَبُ

يَقودُني الوُدُّ وَالإِخلاصُ مُختَرَمي

مِن أَبعَدِ الأَرضِ حَتّى مَنزِلي كَثَبُ

وَكُنتُ جاراً وَضيفاً مِنكَ في خَفَرٍ

قَد أَبصَرَت مَنزَلي في ظِلِّكَ العَرَبُ

وَكانَ مَنعُكَ لي كَالنار في عَلَمٍ

فَردٍ يَشُبُّ سَناها الريحُ وَالحَطَبُ

وَإِن سُخطَكَ شَىءٌ لَم أُناجِ بِهِ

نَفسي وَلَم يَكُ مِمّا كُنتُ أَكتَسِبُ

لكِن أَتاكَ بِقَولٍ كاذِبٍ أَثِمٍ

قَومٌ بَغَوني فَنالوا فِيَّ ما طَلَبوا

وَما عَهِدتُكَ فيما زَلَّ تَقطَعُ ذا

قُربى وَلا تَدفَعُ الحَقَّ الَّذي يَجِبُ

وَلا تُوَجَّعُ مِن حَقٍّ تَحَمَّلُهُ

وَلا تَتَبَّعُ بِالتَكديرِ ما تَهَبُ

فَقَد تَقَرَّبتُ جُهداً مِن رِضاكَ بِما

كانَت تُنالُ بِهِ مِن مِثلِكَ القُرَبُ

فَلا أَراني بِإِخلاصى وَتَنقِيَتي

لَكَ الثَناءَ وَقُربى مِنكَ أَقتَرِبُ

قَد كَنتُ أَحسبُني غَيرَ الغَريب فَقَد

أَصبَحتُ أُعلِنُ أَنّي اليَومَ مُغتَرِبُ

فَغَيرَ دَفعِكَ حَقّي وَاِرتَفاضَكَ لي

وَطِيِّكَ الكَشح عَنّي كُنتُ أَحتَسِبُ

أَمُشمِتٌ بِيَ أَقواماً صُدورُهُمُ

عَلَيَّ مِنكَ إِلى الأَذقان تَلتَهِبُ

قَد كُنتُ أَحسَبُ أَنّي قَد لَجَأتُ إِلى

حِرزٍ وَأَلّا يَضُرّوني وَإِن أَلبوا

إِنَّ الَّذي صُنتُها عَن مَعشَرٍ طَلَبوا

مِنّي إِلَيَّ الَّذي لَم يُنجِحِ الطَلَبُ

أَخلَصتُها لَكَ إِخلاصَ اِمرِىءٍ عَلِمَ الأَ

قوامُ أَن لَيسَ إِلّا فيكَ يُرتَغَبُ

أَصبَحتَ تَدفَعُها مِنّي وَأَعطِفُها

عَلَيكَ وَهيَ لِمَن يُحبى بِها رَغَبُ

فَإِن وَصَلتَ فَأَهلُ العُرفِ أَنتَ وَإِن

تَدفَع يَدَيَّ فَلى بُقيا وَمُنقَلَبُ

فَاِحفَظ ذِمامَكَ وَاِعلَم أَنَّ صُنعَكَ بي

بِمَسمَعٍ مٍن عِداة ضَغنُهُم ذَرِبُ

إِنّي كَريمُ كِرامٍ عِشتُ في أَدَبٍ

نَفى العُيوب وَمَلكُ الشيمَةِ الأَدَبُ

قَد يَعلَمونَ بِأَنَّ العُسرَ مُنقَطِعٌ

يَوما وَأَنَّ الغِنى لا بُدَّ مُنقَلِبُ

فَمالُهُم حُبسٌ في الحَقِّ مُرتَهَن

مِثلُ الغَنائِمِ تُحوى ثُمَّ تُنتَهَبُ

وَما عَلى جارِهِم أَلّا يَكونَ لَهُ

إِذا تَكَنَّفَهُ أَبياتُهُم نَشَبُ

لا يَفرَحونَ إِذا ما الدَهرُ طاوَعَهُم

يَوماً بِيُسر وَلا يَشكونَ إِن نُكِبوا

قَومٌ لَهُم إِرثُ مَجدٍ غَيرُ مُؤتَشَبٍ

تَنقادُ طَوعاً إِلَيهِ العُجمُ وَالعَرَبُ

فَلا تَسُرَّنَّكُم نَعماءُ ذاهِبَةٌ

وَلا تَغُمَّنَكُم بَأساءُ تُقتَضَبُ

فارَقتُ قَومِيَ فَلَم اَعتَض بِهِم عِوِضاً

والدَهرُ يُحدِثُ أَحداثاً لَها نُوَبُ