صرم الخليط تباينا وبكورا

صَرَمَ الخَليطُ تَبايُناً وَبُكورا

وَحَسِبتَ بَينَهُمُ عَلَيكَ يَسيرا

عَرَضَ الهَوى وَتَبَلَّغَت حاجاتُهُ

مِنكَ الضَميرَ فَلَم يَدَعنَ ضَميرا

إِنَّ الغَوانِيَ قَد رَمَينَ فُؤادَهُ

حَتّى تَرَكنَ بِسَمعِهِ تَوقيرا

بيضٌ تَرَبَّبَها النَعيمُ وَخالَطَت

عَيشاً كَحاشِيَةِ الفِرِندِ غَريرا

أَنكَرنَ عَهدَكَ بَعدَ ما يَعرِفنَهُ

وَلَقَد يَكُنُّ إِلى حَديثِكَ صورا

وَرَأَينَ ثَوبَ بَشاشَةٍ أَنضَيتَهُ

فَجَمَعنَ عَنكَ تَجَنُّباً وَنُفورا

لَيتَ الشَبابَ لَنا يَعودُ كَعَهدِهِ

فَلَقَد تَكونُ بِشَرخِهِ مَسرورا

وَبَكَيتَ لَيلَكَ لا تَنامُ لِطولِهِ

لَيلَ التَمامِ وَقَد يَكونُ قَصيرا

هَل تَرجُوانِ لِما أُحاوِلُ راحَةً

أَم تَطمَعانِ لِما أَتى تَفتيرا

قالَت جُعادَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً

وَلَقَد يَكونُ عَلى الشَبابِ نَضيرا

أَجُعادُ إِنّي لا يَزالُ يَنوبُني

هَمٌّ يُرَوَّحُ مَوهِناً وَبُكورا

حَتّى بُليتُ وَما عَلِمتِ بِهَمِّنا

وَرَأَيتُ أَفضَلَ نَفعِكِ التَغيِيرا

هَلّا عَجِبتِ مِنَ الزَمانِ وَرَيبِه

وَالدَهرُ يُحدِثُ في الأُمورِ أُمورا

قالَ العَواذِلُ ما لِجَهلِكَ بَعدَما

شابَ المَفارِقُ وَاِكتَسَينَ قَتيرا

حَيَّيتُ زَورَكِ إِذ أَلَمَّ وَلَم تَكُن

هِندٌ لِقاصِيَةِ البُيوتِ زَؤُورا

طَرَقَت نَواحِلَ قَد أَضَرَّ بِها السُرى

نَزَحَت بِأَذرُعِها تَنائِفَ زورا

مَشَقَ الهَواجِرُ لَحمَهُنَّ مَعَ السُرى

حَتّى ذَهَبنَ كَلاكِلاً وَصُدورا

مِن كُلِّ جُرشُعَةِ الهَواجِرِ زادَها

بُعدُ المَفاوِزِ جُرأَةً وَضَريرا

قَرَعَت أَخِشَّتُها العِظامَ فَأَخرَجَت

مِنها عَجارِفَ جَمَّةً وَبَكيرا

نَفَضَت بِأَصهَبَ لِلمِراحِ شَليلَها

نَفضَ النَعامَةِ زِفَّها المَمطورا

يا صاحِبَيَّ دَنا الرَواحُ فَسيرا

لا كَالعَشِيَّةِ زائِراً وَمَزورا

وُجِدَ الأُخَيطِلُ حينَ شَمَّصَهُ القَنا

حَطِماً إِذا اِعتَزَمَ الجِيادُ عَثورا

وَعَوى الفَرَزدَقُ لِلأُخَيطِلِ مُحلِباً

فَتَنازَعا مَرِسَ القُوى مَشزورا

ما قادَ مِن عَرَبٍ إِلَيَّ جَوادَهُم

إِلّا تَرَكتُ جَوادَهُم مَحسورا

أَبقَت مُراكَضَةُ الرِهانِ مُجَرَّباً

عِندَ المَواطِنِ يُرزَقُ التَبشيرا

فَإِذا هَزَزتُ قَطَعتُ كُلَّ ضَريبَةٍ

وَمَضَيتُ لا طَبِعاً وَلا مَبهورا

إِنّي إِذا مُضَرٌ عَلَيَّ تَحَدَّبَت

لاقَيتَ مُطَّلَعَ الجِبالِ وَعورا

مَدَّت بُحورُهُمُ فَلَستَ بِقاطِعٍ

بَحراً يَمُدُّ مِنَ البُحورِ بُحورا

الضارِبونَ عَلى النَصارى جِزيَةً

وَهُدىً لِمَن تَبِعَ الكِتابَ وَنورا

إِنّا تُفَضَّلُ في الحَياةِ حَياتُنا

وَنَسودُ مَن دَخَلَ القُبورَ قُبورا

اللَهُ فَضَّلَنا وَأَخزى تَغلِباً

لَن تَستَطيعَ لِما قَضى تَغيِيرا

فينا المَساجِدُ وَالإِمامُ وَلا تَرى

في دارِ تَغلِبَ مَسجِداً مَعمورا

تَلقى إِذا اِجتَمَعَ الكِرامُ بِمَوطِنٍ

أَشرافَ تَغلِبَ سائِلاً وَأَجيرا

إِنَّ الأُخَيطِلَ لَو يُفاضِلُ خِندِفاً

لَقِيَ الهَوانَ هُناكَ وَالتَصغيرا

وَإِذا الدُعاءُ عَلا بِقَيسٍ أَلجَموا

شُعثاً مَلامِعَ كَالقَنا وَذُكورا

أَلباعِثينَ بِرَغمِ آنُفِ تَغلِبٍ

في كُلِّ مَنزِلَةٍ عَلَيكَ أَميرا

أَفَبِالصَليبِ وَمارَ سَرجِسَ تَتَّقي

شَهباءَ ذاتَ مَناكِبٍ جُمهورا

عايَنتَ مُشعَلَةَ الرِعالِ كَأَنَّها

طَيرٌ تُغاوِلُ في شَمامَ وُكورا

جَنَحَ الأَصيلُ وَقَد قَضَينا لِتَغلِبٍ

نَحباً قَضَينَ قَضائُهُ وَنُذورا

أَسلَمتَ أَحمَرَ وَاِبنَ عَبدِ مُحَرِّقٍ

وَوُجِدتَ يَومَإِذٍ أَزَبَّ نَفورا

فَإِذا وَطِئنَكَ يا أُخَيطِلُ وَطأَةً

لَم يَرجُ عَظمُكَ بَعدَهُنَّ جُبورا

فَإِذا سَمِعتَ بِحَربِ قَيسٍ بَعدَها

فَضَعوا السِلاحَ وَكَفِّروا تَكفيرا

تَرَكوا شُعَيثَ بَني مُلَيلٍ مُسلَماً

وَالشَعثَمَينِ وَأَسلَموا شُعرورا

وَأُجِرَّ مُطَّرِدُ الكُعوبِ كَأَنَّهُ

مَسَدٌ يُنازِعُ مِن لَصافَ جَرورا

وَكَأَنَّ تَغلِبَ يَومَ لاقَوا خَيلَنا

خِربانُ ذي حُسُمٍ لَقينَ صُقورا

إِنّا نُصَدِّقُ بِالَّذي قُلنا لَكُم

وَيَكونُ قَولُكَ يا فَرَزدَقُ زورا

لَعَنَ الإِلَهُ نُسَيَّةً مِن تَغلِبٍ

يَرفَعنَ مِن قِطَعِ العَباءِ خُدورا

الجاعِلينَ لِمارَ سَرجِسَ حَجَّهُم

وَحَجيجُ مَكَّةَ يُكثِرُ التَكبيرا

مِن كُلِّ حَنكَلَةٍ تَرى جِلبابَها

فَرواً وَتَقلِبُ لِلعَباءَةِ نيرا

وَكَأَنَّما بَصَقَ الجَرادُ بِليتِها

فَالوَجهُ لا حَسَناً وَلا مَنضورا

لَقِيَ الأُخَيطِلُ أُمَّهُ مَخمورَةً

قُبحاً لِذَلِكَ شارِباً مَخمورا

لَم يَجرِ مُذ خُلِقَت عَلى أَنيابِها

ماءُ السِواكِ وَلَم تَمَسَّ طَهورا

لَقِحَت لِأَشهَبَ بِالكُناسَةِ داجِنٍ

خِنزيرَةٌ فَتَوالَدا خِنزيرا