ألم تربع فتخبرك الطلول

أَلَم تَربَع فَتُخبِرَكَ الطُلولُ

بِبَينَةَ رَسمُها رَسمٌ مُحيلُ

تَحَمَّلَ أَهلُها وَجرى عَلَيها

رِياحُ الصَيفِ وَالسِربُ الهَطولُ

تَحِنُّ بِها الدَبورُ إِذا أَرَبَّت

كَما حَنَّت مُوَلَّهَةٌ عَجولُ

تَعَلَّقَ ناشِئاً مِن حُبِّ سَلمى

هَوىً سَكَنَ الفُؤادَ فَما يَزولُ

سَبَتني إِذ شَبابي لَم يُعَصَّب

وَإِذ لا يَستَبِلُّ لَها قَتيلُ

فَلَم يَملَل مَوَدَّتَها غُلاماً

وَقَد يَنسى وَيَطرِفُ المَلولُ

فَأَدرَكَكَ المَشيبُ عَلى هَواها

فَلا شَيبٌ نَهاكَ وَلا ذُهولُ

تَصيدُ وَلا تُصادُ وَمَن أَصابَت

فَلا قَوَداً وَلَيسَ بِهِ حَميلُ

هِجانُ اللَونِ وَاضِحَةُ المُحَيّا

قَطيعُ الصَوتِ آنِسَةٌ كَسولُ

وَتَبسِمُ عَن أَغَرَّ لَهُ غُروبٌ

فُراتِ الرَيقِ لَيسَ بِهِ فُلولُ

كَأَنَّ صَبيبَ غادِيَةٍ بِلَصبٍ

تُشَجُّ بِهِ شَآمِيَةٌ شَمولُ

عَلى فيها إِذا الجَوزاءُ كانَت

مُحَلَّقَةً وَأَردَفَها رَعيلُ

فَدَع لَيلى فَقَد بَخُلَت وَصَدَّت

وَصَدَّعَ بَينَ شَعبَينا الفَلولُ

وَأَحكِم كُلَّ قافِيَةٍ جَديدٍ

تُخَيّرُها غَرائِبَ ما تَقولُ

لأَبيَضَ ماجِدٍ تُهدي ثَناهُ

إِلَيهِ وَالثَناءُ لَهُ قَليلُ

أَبي مَروانَ لا تَعدِل سِواهُ

بِهِ أَحداً وَأَينَ بِهِ عَديلُ

بَطاحِيٌّ لَهُ نَسَبٌ مُصَفّى

وَأَخلاقٌ لَها عَرضٌ وَطولُ

فَقَد طَلَبَ المَكارِمَ فَاِحتَواها

أَغَرُّ كَأَنَّهُ سَيفٌ صَقيلُ

تَجَنَّبَ كُلَّ فاحِشَةٍ وَعَيبٍ

وَصافي الحَمدَ فَهوَ لَهُ خَليلُ

إِذا السَبعونَ لَم تُسكِت وَليداً

وَأَصبَحَ في مَبارِكِها الفُحولُ

وَكانَ القَطرُ أَجلاباً وَصِرّاً

تَحُثُّ بِهِ شَآمِيَّةٌ بليلُ

فَإِنَّ بِكَفِّهِ ما دامَ حَيّاً

مِنَ المَعروفِ أَودِيَةً تَسيلُ

تَقولُ حَليلَتي لَمّا رَأَتني

أَرِقتُ وَضافَني هَمٌّ دَخيلُ

كَأَنَّ قَد بَدا لَكَ بَعدَ مُكثٍ

وَطولِ إِقامَةٍ فينا رَحيلُ

فَقُلتُ أَجَل فَبَعضَ اللَومِ إِنّي

قَديماً لا يُلائِمُني العَذولُ

وَأَبيَضُ يَنعَسُ السَرحانُ فيهِ

كَأَنَّ بَياضَهُ رَيطٌ غَسيلُ

خَدَت فيهِ بِرَحلي ذاتُ لَوثٍ

مِنَ العيدِيِّ ناجِيَةٌ ذَمولُ

سَلوكٌ حينَ تَشتَبهُ الفَيافي

وَيُخطِئُ قَصدَ وِجهَتِهِ الدَليلُ

إِذا فَضَلَت مَعاقِدُ نِسعَتَيها

وَأَصبَحَ ضَفرُها قَلِقاً يَجولُ

عَلى قَرواءَ قَد ضَمرَت فَفيها

وَلَم تَبلُغ سَليقَتُها ذَبولُ

طَوَت طَيَّ الرِداءِ الخَرقَ حَتّى

تَقارَبَ بُعدُهُ سُرُحٌ نَصولُ

مِنَ الكُتمِ الحَوافِظِ لا سَقوطٌ

إِذا سَقَطَ المَطِيُّ وَلا سَؤولُ

تَكادُ تَطيرُ إِفراطاً وَسَغباً

إِذا زُجِرَت وَمُدَّت لَها الحَبولُ

إِلى القَرمِ الَّذي فاتَت يَداهُ

بِفِعلِ الخَيرِ بَسطَةَ مَن يُنيلُ

إِذا ما غالِيَ الحَمدِ اِشتراهُ

فَما إِن يَستَقِلُّ وَلا يُقيلُ

أَمينُ الصَدرِ يَحفَظُ ما تَوَلّى

كَما يُلفى القَوِيُّ بِهِ النَبيلُ

نَقِيٌّ طاهِرُ الأَثوابِ بَرٌّ

لِكُلِّ الخَيرِ مُصطَنِعٌ مُحيلُ

أَبا مَروانَ أَنتَ فيتى قُرَيشٍ

وَكَهلُهُمُ إِذا عُدَّ الكُهولُ

تُوَلّيهِ العَشيرَةُ ما عَناها

فَلا ضَيقُ الذِراعِ وَلا بَخيلُ

إِلِيكَ تُشيرُ أَيديهِم إذا ما

رَضوا أَو غالَهُم أَمرٌ جَليلُ

كِلا يَومَيهِ بِالمَعروفِ طَلقٌ

وَكُلُّ فَعالِهِ حَسَنٌ جَميلُ

جَوادٌ سابِقٌ في اليُسرِ بَحرٌ

وَفي العِلّاتِ وَهّابٌ بَذولُ

تَأَنَّسُ بِالنَباتِ إِذا أَتاها

لِرُؤيَةِ وَجهِهِ الأَرضُ المَحولُ

لِبَهجَةِ واضِحٍ سَهلٍ عَلَيهِ

إِذا رُئِيَ المَهابةُ والقَبولُ

لِأَهلِ الوُدِّ وَالقُربى عَلَيهِ

صَنائِعُ بَثَّها بَرٌّ وَصولُ

أَيادٍ قَد عُرِفنَ مُظاهَراتٍ

لَهُ فيها التَطاوُلُ وَالفُضولُ

وَعَفوٌ عَن مُسيئِهِمُ وَصَفحٌ

يَعودُ بِهِ إِذا غَلِقَ الحُجولُ

إِذا هُوَ لَم تُذَكِّرهُ نُهاهُ

وَقارَ الدينِ وَالرَأيُ الأَصيلُ

وَلِلفُقراءِ عائِدَةٌ وَرُحمٌ

وَلا يُقصى الفَقيرُ وَلا يَعيلُ

جَنابٌ واسِعُ الأَكنافِ سَهلٌ

وَظِلٌّ في مَنادِحِهِ ظَليلُ

وَكَم مِن غارِمٍ فَرَّجتَ عَنهُ

مَغارِمَ كُلَّ مَحمَلِها ثَقيلُ

وَذي لَدَدٍ أَرَيتَ اللَدَّ حَتّى

تَبَيَّنَ وَاِستَبانَ لَهُ السَبيلُ

وَأَمرٍ قَد فَرَقتَ اللَبسَ مِنهُ

بِحِلمٍ لا يَجورُ وَلا يَميلُ

نَمى بِكَ في الذَؤابَةِ مِن قُرَيشٍ

بِناءُ العِزِّ وَالمَجدُ الأَثيلُ

أَرومٌ ثابِتٌ يَهتَزُّ فيهِ

بِأَكرَمِ مَنبِتٍ فَرعٌ أَصيلُ