ليت شعري هل تخبرني الديار

لَيتَ شِعري هَل تُخَبِّرُني الدِيارُ

بَيَقينٍ عَن أَهلِها أَينَ ساروا

أَسَفاً هَيَّجَت فَمالَكَ مِنها ال

يَومَ إِلّا تَفَجُّعٌ وَاِدِّكارُ

لا يُجيبُ الأَحياءَ مَن لَيسَ حَيّاً

وَالعَمى عِندَ غَيرِهِ الأَخبارُ

دارُ حَيٍّ تَقادَمَ العَهدُ مِنها

بَعدَ حُضّارِها فَبارَت وَباروا

صادَفوا مِن غَوائِل الدَهرِ غَولاً

بَعدَما أَنجَدوا سِنينَ وَغاروا

فَكَأَنّي مِن ذِكرِهِم خالَطَتني

مِن فِلَسطينَ خَمرُ جَلسٍ عُقارُ

عُتِّقَت في القِلالِ مِن بَيتِ رَأسٍ

سَنواتٍ وَما سَبَتها التِجارُ

فَهيَ صَهباءُ تَترُكُ المَرءَ أَعشى

في بَياضِ العَينَينِ مِنهُ اِحمِرارُ

حالَتِ الحَربُ دونَ سَلمى فَقَلبِي

عِندَها لَو تُثيبُهُ مُستَعارُ

فَنَأَت وَاِنثَوى بِها عَن هَواها

شَظَفُ العَيشِ آبِلٌ سَيّارُ

رُبَّ إِبلٍ إِذا اِجتَوى أَرضَ قَومٍ

شَيَّعَتهُ هُمومُهُ نَعّارُ

وَحشُ بَرِّيَةٍ بِها وَلَدَتهُ

أُمُّهُ لا يَزولُ مِنها الصِيارُ

غَيرُ صَبٍّ إِلى الصَديقِ إِذا ما

أَضمَرَت بَيتَهُ اللِماعُ القِفارُ

عُلِّقَ القَلبُ عِرسَ ذاكَ وَأَنّى

تُمَكِّنُ الرامِيَ المَهاةُ النَوارُ

رَوضَةٌ ظاهَرَ الرَبيعُ ثَراها

بِسُيولٍ وَزانها النُوّارُ

حَصِرَ الناسُ أَن يَنالوا حِماها

وَأَرَنَّت بِرَوضِها الأَمطارُ

فَهيَ حَوّاءُ تَكتَسي كُلَّ لَونٍ

زينَةً كُلَّما اِستَقَلَّ النَهارُ

وَلَقَد أَغتَدي بِأَجرَدَ نَهدٍ

لاحَهُ بَعدَ طَيِّهِ المِضمارُ

أَبِّدُ القُصرَيَينِ ما قِيدَ يَوماً

لِيُعَنّى بِصَرعِهِ بَيطارُ

حَوشَبَ الصُلبِ أفرِعَت كَتِفاهُ

في مَحاني ضُلوعِهِ اِجفارُ

وَيُرى مُجفِراً إِذا هُوَ وَلّى

في حِمايَتِهِ شِدَّةٌ وَاِنبِتارُ

مُدمَجاً خَلقُهُ يِكادُ إِذا ما

راعَهُ صَوتُ صارِخٍ يُستَطارُ

وَإِذا اِهتَزَّ مُقبِلاً زانَهُ أَتلَع

كَالجِذعِ ما يُنالُ العِذارُ

حَمَلَتهُ رَجلٌ قَذوفٌ عَلى

عَضبِ يَدٍ ما يُخافُ مِنها عِثارُ

وَنُسورٌ لَها حَوافِرُ صُمٌّ

ما يُرى في أَرساغِهِنَّ اِنتِشارُ

كَالجَلاميدِ في المَسيلِ عَلاهُنَّ

مِنَ الماءِ خُضرَةٌ وَاِسمِرارُ

مُشِقَ اللَحمُ عَن شَواهِنَ مَشْ

تَماً فَتَعالى وَاِشتَدَّتِ الأَوتارُ

وَعَلا الزَورُ مِنبَضَ القَلبِ مِنهُ

بِحَيازيمَ بَينَها أَستارُ

وَضُلوعٌ كَأَنَّها حينَ وَلّى

لاحَ مِنها بِكُلِّ ضِلعٍ شِجارُ

فَعَلا الصُلبُ فَاِستَتَبَّ إِلى حَي

ثُ تَكونُ الفُرسانُ مِنهُ الفِقارُ

فَهوَ طاوٍ أَقَبُّ كَالمَسَدِ الأَمْ

لس عاري الشَوى مُمَرٌّ مُغارُ

فَاِقتَنَصنا بِهِ وَقيلَ بِأَحوى

ذاتِ فِرقَينِ عانَةٌ وَحِبارُ

فَإِذا الأَخدَرِيَّةُ الصُهبُ تَقروا

لَمَعاً بَينَها لَهُنَّ اِخضِرارُ

كَأَنَّ جُزوءاً لَم يَعدُ ذَلِكَ حَتّى

بَدُنَ اللَحمُ وَالبُطونُ صِغارُ

فَحَمَلنا غُلامَنا فَوقَ طِرفٍ

وَأَشَرنا فَقالَ أَنّى أَشاروا

فَتَكَشَّفنَ مُقبِلاتٍ فَقُلنا

أَسُكونٌ بِهِنَّ ذا أَم نِفارُ

فَزِعَ الوَحشُ ثُمَّ وَلَينَ لَمّا

صَدَقَتهُنَّ ما هُوَ الأَبصارُ

هارِباتٍ فَما يَرَينَ وَلَكِن

لا يُنَجّي مِنَ المَنايا الفِرارُ

ثُمَّ أَربى عَلى النَواشِطِ مِنها

سابِحٌ بَعدَ غَربِهِ مَوّارُ

شاخِصُ الحُرَّتَينِ يَنفُضُ عَنهُ

قُطَعَ الرَبوِ مَنخَرٌ نَثّارُ

فَتَصَدَّعنَ عَن جَرائِحِ مَرعى

وَاِنجلى عَن مُتونِهِنَّ الغُبارُ

وَهوَ شاحٍ كَأَنَّ لَحيَيهِ حِنوا

قَتَبٍ لاحَ مِنهُما النَجارُ

عَن لِسانٍ كَجُثَّةِ الوَرِلِ الأَص

فَرِ مَجَّ النَدى عَلَيهِ العَرارُ

زَعَمَ الناسُ أَنَّ خَيرَ قُرَيشٍ

حَسَباً حينَ تُنسَبُ الأَسوارُ

بَينَ حَربٍ وَعامِرِ بنِ كَريزٍ

فَأُلالَ الأَكارِمُ الأَخيارُ

وَلَدَتهُم حَواضِنٌ مُنجِباتٌ

وَأُلالُ الحَواضِنُ الأَحرارُ

وَإِذا ما تَضَعضَعَت نارُ حَربٍ

رَفَعوا نارَ حَربِهِم فَاِستَثاروا

وَإِذا ما الرَبيعُ أَحجَمَ أَحيَوا

مَن يَليهِم وَأَحرَزوا مَن أَجاروا

فَهُمُ القَومُ سُؤدَداً وَفعالاً

وَنَدىً حينَ تُبتَلى الأَخبارُ

وَالمُحامونَ حينَ يَحتَضِرُ الناسُ

وَبِالأَكرَمينَ يُحمى الذِمارُ

طَرَدوا الذَمَّ فَهو مِنهُم بَعيدٌ

مالَهُ حَيثُ يَسكُنونَ قَرارُ

وَأَبى الحَمدُ أَن يُحالِفَ قَوماً

غَيرَهُم فَهوَ صائِرٌ حَيثُ صاروا