بجيد علاك مدحي كل آن

بِجيدِ عُلاكَ مَدحي كُلَّ آنِ

يَلوحُ كَأَنَّهُ عِقدُ الجُمانِ

وَلَو لَم يَنظِمِ الشُعَراءُ مَدحاً

لَكُم أَغنَتكُمُ سُوَرَ القُرانِ

وَفي ضِمنِ الصَلاةِ لَكُم صَلاةٌ

فَلاحٌ في الإِقامَةِ وَالأَذانِ

أَلَستَ اِبنَ الَّذي قَهَرَ الأَعادي

وَذادَ بِرَأيِهِ غِيَرَ الزَمانِ

وَرَوَّعَ كُلَّ صاحِبِ مَشرَفِيٍّ

مَروعٍ وَهوَ صاحِبُ طَيلَسانِ

وَشاعَ إِباؤُهُ في الناسِ حَتّى

تَناذَرَهُ الأَقاصي وَالأَداني

إِذا الهَيجاءُ هاجَتهُ رَأَتهُ

مَلِيّاً بِالضِرابِ وَبِالطِعانِ

لَهُ في الصُبحِ فَرسَةُ لَيثِ غابٍ

وَتَحتَ اللَيلِ نَهشَةُ أُفعُوانِ

وَلَمّا غابَ عَنّا نُبتَ عَنهُ

كَما نابَ الحُسامُ عَنِ السِنانِ

وَإِن كانَت خِلالُ الناسِ شَتّى

فَما العَلياءُ إِلّا في ثَمانِ

إِقالَةِ عاثِرٍ وَغِنى فَقيرٍ

وَنَيلِ مُمَنَّعٍ وَفَكاكِ عانِ

وَأَمنٍ لَم يُشَب بِمَذيقِ خَوفٍ

وَمَنٍّ لَم يُكَدَّر بِاِمتِنانِ

وَبَذلِ الرُعبِ في عاصٍ وَباغٍ

وَبَسطِ العَدلِ في قاصٍ وَدانِ

صِفاتٌ كُمِّلَت لَكَ مُؤذِناتٌ

بِأَنَّكَ في الكِرامِ بِغَيرِ ثانِ

وَأَنَّ المَجدَ ما توليهِ لا ما

يُحَدِّثُهُ فُلانٌ عَن فُلانِ

رَأَينا مِنكَ ما لَم يُروَ عَنهُم

فَأَلغَينا السَماعَ لَدى العِيانِ

خَفوا لَمّا ظَهَرتَ كَذاكَ يَخفى

بِضَوءِ الشَمسِ نورُ الزِبرِقانِ

وَقَهرُكَ مَن أَخافَ الناسَ قِدماً

كَفاكَ تَطاوُلاً في ذا الزَمانِ

فَما مِن عالَمِ الغَبراءِ عادٍ

وَلا في الجَمَّةِ الخَضراءِ جانِ

لِأَنَّكَ مُنذُ صِرتَ لَها قَريناً

بَدا في الأَرضِ تَأثيرُ القِرانِ

وَإِن جاوَزتَ قَدرَ المَدحِ حَتّى

لَأَصبَحَ جاهِدٌ فيهِ كَوانِ

وَإِنَّ حَديثَكَ السَيّارَ أَشهى

إِلى سَمعِ الطَروبِ مِنَ الأَغاني

فِداؤُكَ كُلُّ ذي عَرَضٍ عَزيزٍ

عَلى الراجي وَذي عِرضٍ مُهانِ

وَأَملاكٌ أَبادوا ما أَبادوا

مُضاعاً في القَناني وَالقِيانِ

وَعَزَّ الخَيرُ مِنهُم فَالتَعازي

إِذا بَطَشَ الزَمانُ بِهِم تَهاني

لَقَد رَوّى وَهادِيَ وَالرَوابي

حَياً قَبلَ اِنتِجاعيهِ سَقاني

وَأَغنى بِالسَواري وَالغَوادي

رِياضَ الحَمدِ عَن سُقيا السَواني

هَدايا واصَلَت فَظَنَنتُ كِسرى

وَأَيّاماً كَيَومِ المِهرَجانِ

وَما شينَت بِمَطلٍ وَاِقتِضاءٍ

وَلا سُبِقَت بِوَعدٍ أَو ضَمانِ

وَإِن أَغنى نَداكَ فَقَد تَغَنّى

بِما حَبَّرتُ فيكَ الخافِقانِ

فَأَقصاهُ بِأَرضِ النَهرَوانِ

وَأَدناهُ بِأَقصى القَيرُوانِ

غَرائِبُ لا يُرَدُّ لَها شَفيعٌ

إِذا حَلَّت ذُرى مَلِكٍ هِجانِ

أَوانِسُ عَن سِواكَ لَها نِفارٌ

كَما نَفَرَت مِنَ الشَيبِ الغَواني

زَفَفتُ إِلَيكَ فيها كُلَّ بَكرٍ

وَلَم أَسمَح لِغَيرِكَ بِالعَوانِ

أَأَمدَحُ مَن أُرَجِّمُ فيهِ ظَنّي

وَأَترُكُ مَن بِأَنعُمِهِ اِبتَداني

وَأَدعو مَن بِهِ صَمَمٌ وَعِيٌّ

وَأَقعُدُ عَن إِجابَةِ مَن دَعاني

وَلَستُ أَرى إِراقَةَ ماءِ وَجهي

نَوالُكَ عَن إِراقَتِهِ نَهاني

شَرُفتَ مَناقِباً وَشَرَفتُ قَولاً

فَأَيقَنَ مَن رَآكَ وَمَن رَآني

بِأَنَّكَ رَبُّ أَبكارِ المَعالي

وَأَنّي رَبُّ أَبكارِ المَعاني

فَلا بَرِحَت تَدينُ لَكَ اللَيالي

وَتَخضَعُ ما تَدانى الفَرقَدانِ

وَلا دَجَتِ البَسيطَةُ بَل أَضاءَت

بِمَجدِكَ ما أَضاءَ النَيِّرانِ

تُقَضّي الدَهرَ عاماً بَعدَ عامٍ

وَتُفنيهِ بِعُمرٍ غَيرِ فانِ