لا تثن جيدك إن الروض قد جيدا

لا تثْنِ جيدَك إنّ الروضَ قد جِيدا

ما عطّل القَطْرُ من نُوّارِه جيدا

إذا تبسّم ثغرُ المُزْنِ عن يقَقٍ

فانظُرْهُ في وجَناتِ الوردِ توريدا

وإن تنثّر درٌّ منه فاجْتَلِهِ

بمبسم الأقحوان الغضّ مَنصودا

واستنطق العودَ أو فاسمعْ غرائبَهُ

من ساجعٍ لحنُه يسترقصُ العودا

يشدو وينظرُ أعطافاً منمّقةً

كأنه آخذٌ منها الأغاريدا

ماذا على العيس لو عادتْ بربّتها

مِقدارَ ما تتقضّاها المواعيدا

رُدَّ الركابَ لأمرٍ عزّ نائبُه

وسمِّه في بديع الحُبِّ ترديدا

وقِفْ أبُثّك ما لانَ الحديدُ له

فإن صدقتَ فقُلْ هل صرْتَ داودا

حُلّتْ عُرى النوم عن أجفانِ ساهرة

ردّ الهوى هُدْبَها بالنجم معقودا

تفجّرتْ وعصا الجوزاءِ تضربُها

فذكّرَتْني موسى والجلاميدا

يا ثعلبَ الفجرِ لا سرحانَ أوله

خذ الثريا فقد صادفتَ عنقودا

مالي وما للقوافي لا أسيّرها

إلا وأقعُدُ محروماً ومحسودا

وكم أقوّمُ منها كلّ نافذةٍ

وأستجيشُ مناكساً رعاديدا

أسكرتُهُم بكؤوسِ المدح مترعةً

ولم أفِدْ منهمُ إلا العرابيدا

سمعتُ بالجودِ مفقوداً فهل أحدٌ

يقول لي قد وجدتُ الجودَ موجودا

الحمدُ لله لا والله ما نظرَتْ

عيناي بعد أبي المنصورِ محمودا

ملْكٌ إذا همّ ألقى الهمّ منتضياً

مهنّداً في جبينِ الخَطْبِ مغمودا

عهدي بعهدي يحوي منه ليثَ وغىً

فصار مذ سارعَتْهُ يحتوي سِيدا

ولو تكلّف حب فوقَ طاقتِه

سعتْ إليه رُباه تقطعُ البيدا

أغرُّ كالقمر الوضّاح مكتملاً

سرى تَمامَ قويمِ النهجِ مَسعودا

والقائدُ الخيلَ أرسالاً مضمّرةً

والقائدُ الجيشَ أبطالاً صناديداً

والطاعنُ الطعنةَ النّجلاءَ نافذةً

والضاربُ الضربةَ الفوهاءَ أخدودا

وجدي بنحوكَ لا عَطفاً ولا بدلاً

فانظُرْ إليه تجدْهُ الكلّ توكيدا

فإن قطعتَ هجيراً في مهاجرتي

فكم تفيأتُ ظلاً منك ممدودا

والصبُّ بالبيضِ ما احمرّتْ غلائلُها

إلا أتَتْ بالمنايا بينها سودا

والعاشقُ السُّمْرَ يثنيها الطعانُ كما

يثني نسيمُ الدلالِ الغادةَ الرّودا

من كل نجلاءَ مذ أيقظتَ ناظرَها

ملأت أعينَ مَنْ عاداك تسهيدا

وما تأخرتَ إخلالً فيُلزِمُني

ذنباً أبيتُ حرّانَ مجهودا

لكنْ سديدُك منّاني فأخْلفَني

فأسهُمي نحوَهُ لم تأتِ تسديدا

يا من ألمّت به الأهواءُ واتّفقتُ

على فضائلهِ علماً وتقليدا

ولم يزَلْ في العطايا غيرَ مقتصدٍ

وإن غدوتَ على التقديمِ مقصودا

سُمْرٌ تصولُ بزُرْقٍ كلما نظرت

من خلفِ سِتْرِ غبارٍ صادتِ الصّيدا

إذا هوَتْ في دياجي النقْعِ أنجمُها

مرّت ولم تتركْ في القوم مريَّدا

تنافسَ الجودُ في كفٍّ مباركة

يلقى لها السلمُ والبأسُ المقاليدا

ما إن يزال ليومي نائلٍ وُسطا

شهادة محفلاً ما كان مشهودا

يا من إذا لاذ ذو فَقْرٍ براحتِه

يروحُ عنها بجيشِ الجودِ مَنجودا

عبّت بك العرَبُ العرباءُ في يَمَنٍ

من مَنهَلٍ بات قيسٌ عنه مصدودا

واحرزتْ سنبسٌ إذ صفتها شرفاً

بها تُخلّدُ في العلياءِ تخليدا

والدهرُ موعدُ محمودٍ تضْمنَهُ

يومٌ أقامَتْهُ في أيامنا عيدا

واسترقصَ الفرحُ الأعطافَ فاشتهبتْ

فيه القوارعُ والهيفَ الأماليدا