أترى في الوجود مثلك عالم

أترى في الوجود مثلَكَ عالمْ

يردُ الناسُ بحرَه المتلاطمْ

أنت من أشرف العوالم ذاتاً

إنما هذه الرجال عوالم

أظهر الله فيك للناس سرًّا

ما لذاك السرّ الربوبيّ كاتم

ولك الله ما برحت صراطاً

مستقيماً وعارضاً متراكم

كل ظامٍ على مناهل ما أو

تيت من فضل ربك حايم

تتلقى الأفهام منك وما تن

طق إلاَّ بالحق والحقّ ناجم

كلمات كأنهن سيوف

أين من فضلك السيوف الصوارم

يا قوام الدِّين الحنيفيّ وال

دين لعمري بمثل ذاتك قائم

إنَّما أنتَ رحمة الله في الأر

ض على أُمَّةٍ لها الله راحم

أنتَ للحقّ واليقين صباح

راح يجلو ليلاً من الشك فاحم

شهد الله أنَّها معجزات

لم تسلّم بالحق من لا يسالم

حجج تفحم المجادل بالباطل

والجاحد الألدّ المخاصم

وضعت للورى موازين بالق

سط وفيها لا زال دفع المظالم

طاوَلَتْ هذه السماء بأيدٍ

قصّرت دونها يدا كل ظالم

قد رأينا ولليالي صروف

قطبت وجهها وثغرك باسم

لا تبالي إذا حكمْتَ بأمر الل

ه والعدل بالذي أنت حاكم

آمرٌ بالمعروف ناهٍ عن المنكر

آتٍ بالحقّ ماضي العزائم

وإذا ما أمرتَ لله أمراً

لست تخشى في الله لومة لائم

لك جدُّ الكلام والكلم الطيّ

ب يؤتي كل امرئٍ ما يلائم

نَبَّهَتْ من أرَدْتَ من سِنة الغ

فلة فاستيقظ الَّذي كانَ نائم

رجع المجرم الَّذي اقترف الذن

ب منيباً فيها وأصبحَ نادم

أعرَبتْ عن بلاغةٍ لك أقلا

م فِصاحُ الإعراب وهي أعاجم

غرّدت ما جرت بأيديك في

الطرس شبيهاً تغريدها بالحمائم

نافثات وهي الجداول للفضل

بقلب العدى سموم الأراقم

اتَّبعنا بالحق ملّة إبراهيم حني

فاً والحقُّ بالحقِّ قائم

واتَّخَذْناه قبلةً وإماماً

ومشيد البيت الرفيع الدعائم

أنت لا غيرك الإمام لقوم

سلكوا في الندى سبيل المكارم

نشروا ذكر ما طوته الليالي

قبل هذا من عهد كعب وحاتم

كتبوا فوق جبهة الدهر أنّ

الدهر عبدٌ لهم رقيق وخادم

زهدوا في الدنى فما راقهم في

ها نفيس من الغنى والغنائم

دَرَّ دَرُّ الندى أعاد أكُفًّا

من أناسٍ أعداؤهن الدراهم

بأبي سادة الأنام جميعاً

وهُداة الأنام أبناء هاشم

من ليوث ضراغم وغيوث

وبحور سواهم وخضارم

قال منهم للمكرمات قؤول

هكذا هكذا تكون المكارم

يتعدى جميل فعلهم الناس

وإنْ كانَ ذلك الفعل لازم

طهْر الله ذاتهم واصطفاهم

قبل ما يُنتَجون من صلب آدم

دائم الفخر خالد الذكر ما غير

فخارٍ لكم مدى الدهر دائم

واردٌ شرعة العلوم الَّتي ليس

عليها إذا وَرَدْتِّ مزاحم

لم ينلها سواك نعمة مولى

أنت فيها تحلّ طوق النعايم

طالما حَثْحَثَ النياق حثيثاً

راغبٌ في بديع فضلك هائم

قد وفدنا على كريم إذا استُج

دي جادت يمينه بالكرائم

ووقفنا بموقف العلم والتد

ريس والفضل والندى والمكارم

وشهدنا معالم المجد فيها

قد تعالت فيا لها من معالم

ثم شِمْنا برق المكارم قد لا

ح سناه من بين تلك المباسم

ولثمنا يدي عظيم قريب

من عظيم تعدَّه للعظائم

كَشَفَتْ غمَّةَ النوائب عنا

ثم نابت لنا مناب الغمائم

لم تزل تتبع الجميل جميلاً

فهي إذ ذاك ساجم إثر ساجم

هذه سيّدي عريضة داعيك

وكانت عن الوداد تراجم

كلّما أثبتت مديحك فيها

كانَ إثباتها لمحو المآثم

أطلُبُ العفو في مديحك والغف

ران والصفح عن جميع الجرائم

فتقبّل مني وما زال قِدماً

ناثراً في مديحك العبد ناظم

بقوافٍ على عداك عَوادٍ

يا فدتك العدى ووجهك سالم