عسى الطيف في جنح الدجى إذ يعوده

عَسى الطّيفُ في جِنحِ الدُجى إذ يعودُهُ

يجدِّدُ عهْداً للرّضَى ويُعيدُهُ

نَرومُ اجتماعاً بالخَيالِ إذا سَرى

ليَدْنو وإنْ شطّ المَزارُ بَعيدُهُ

عجبْتُ لهُ إذ لا يُلمُّ بمضْجِعي

وجَمْرُ الجَوى يُذْكَى بقَلبي وَقودُهُ

بنارِ فؤادي في الظلامِ اهْتداؤُهُ

وفي أدْمُعِ الأجْفانِ منّي وُرودُهُ

دعُوا أدمُعي تهْمي متَى بخِلَ الحَيا

وأخْلَفَ ربعاً للحَبيبِ تجودُهُ

ألا بأبي تلْكَ المعاهِدُ إذْ بها

لنا عهْدُ أُنْسٍ قد تقضّى حَميدُهُ

على أنّ ربْعَ الصّبرِ بعْدَك قد عَفا

تَهائِمُهُ قد أقفَرتْ ونُجودُهُ

رحَلتُ عن الأوطانِ فالدّمعُ لم تَجُدْ

مَعاهدَ ذاك الأنسِ إلا عُهودُهُ

رَماني زماني منكَ بالبُعْدِ عامداً

وأيُّ حَبيبٍ ليسَ يَشْقى عَميدُهُ

ومنْ عادةِ الأيامِ أن تمنَعَ المُنَى

وأن تمنحَ الشيءَ الذي لا نُريدُهُ

ولكنّ مولانا الخليفَةَ يوسُفاً

يَزيدُكَ عِزّاً كُلَّما تسْتزيدُهُ

ولا سيّما مِثلي فمَوْلايَ كَفُّهُ

لجودٍ وأفكاري لمَدْحٍ تُجيدُهُ

فَيا ناصرَ الإسلامِ والملِكَ الذي

يعُمُّ نداهُ القاصدين وَجودُهُ

كأنْ بوَليّ الكُفْر قد خابَ سعْيُهُ

وقُدّتْ هوادِيهِ وقيدَ شَرودُهُ

بك اسْتَنصرَ الدينُ الحَنيفُ فأصْبَحَتْ

تُجَدِّدُ عهْداً بالجِهادِ جنودُهُ

ولا مثْلَ مبْنىً مُعْجِبٍ قد وضَعْتَهُ

يقرّبُ آمالَ المَروعِ بعِيدُهُ

وباشرْتَ بالنّفسِ الكريمةِ أمْرَهُ

وذلكَ فخْرٌ ليسَ يَبْلى جديدُهُ

يَرومُ وليُّ النّظمِ والنّثْرِ وصْفَهُ

فيعجِزُ عنهُ سجْعُهُ وقصيدُهُ

تبسّم ثغرُ الثّغْرِ عنهُ مسرّةً

بمظهَرِ عزٍّ منهُ عزَّ وجودُهُ

ولاحَ بأعْلاهُ شِهاباً لمُهْتَدٍ

تُقابِلُ بَدرَ الأفقِ منكَ سُعودُهُ

إذا ما عدُوُّ الدّين جاسَ خِلالَهُ

ورامَ اسْتِراقَ السّمْعِ كُفَّ مَريدُهُ

كحسْناءَ تستجْلي العيونُ جمالَها

فتُبْدِئُ معْنى حُسْنِها وتُعيدُهُ

وقد أوْمأتْ بالكفِّ تدْعو ضراعةً

لمُلكِكَ أن يُفْني العُداةَ خلودُهُ

لدَى جبَلٍ بالشّهْبِ نِيطَتْ هِضابُهُ

فصافَحَتِ الكفَّ الخضيبَ نُجودُهُ

أشمَّ بَعيدَ الصّيتِ بادٍ وقارُهُ

ومُرتاحةٌ أعْلامُه وبُنودُهُ

تمرُّ به هُوجُ الرّياحِ فتَنثَني

وقد سدّ مسْراها الرفيعَ صُعودُهُ

ترومُ سُموّاً فوقَهُ وهْيَ دونَهُ

فتَقْصرُ عمّا تشتَهي وتُريدُهُ

دعوْتَ لهُ أهْلَ الجِهادِ فأهْطَعوا

كما زارَتِ البيْت العَتيقَ وُفودُهُ

ودارَتْ حواليْهِ الجُنودُ كأنّها

وِشاحٌ علَى خَصْرٍ يروقُ فَريدُهُ

تَحُلُّ كأسْرابِ القَطا منهُ موْرِداً

يَطيبُ بجَدْوى راحتَيْكَ وُرودُهُ

بمشْرَعهِ ارْتاحَتْ عواليكَ شُرَّعاً

تَرُدُّ العدوَّ المعْتَدي وتَذودُهُ

فما هُو مَعْنىً حَلّ مغناهُ أهلُهُ

ولكنّهُ غيلٌ حمتْهُ أُسودُهُ

ودونكَ يا موْلايَ منها لآلئاً

فنَظميَ عِقْدٌ صفحَةُ الطّرْسِ جيدُهُ

وأنتَ الذي مازلتَ للدّين ناصِراً

ومُلْكُكَ أمْلاكُ الزّمانِ عَبيدُهُ