هات اسقني لا على شيء سوى ذكري

هاتِ اسقِني لا على شيءٍ سوى ذِكَرِي

راحاً من الدَّمْعِ في كأسٍ من السهر

وَغَنني بزفيري بين تلك وذي

مكانَ صَوْتِكَ بينَ النايِ والوتر

أما ترى اليوم كيف اسوَدَّ سَائِرُهُ

وَهَبْهُ ليلاً أما يُفْضي إلى سَحَر

وَأيْنَ أنْجُمُه أم غالَ أنْفُسَها

هذا الردى المُتقَفّي أنْفُسَ البشر

لا بل عَنَاها فأنْسَاهَا مَطالِعَها

معنىً ترَّددَ بين الشمس والقمر

إحدى قوارعِ رضوى نالها قَدَرٌ

هلاَّ تناولها شيءٌ سوَى القدر

إذن للاقى رداهُ دون عَقْوَتِها

حيرانَ من قلقٍ حَرّانَ من ضجر

بحيثُ لا يهتديَ سهْمٌ إلى غَرَضٍ

لو نَصَّلُوهُ ببعضِ الأنْجُمِ الزُّهُر

هو الحمامُ ولم يَضْرِبْ له أجَلاً

فلا تَقُلْ لَيْتَني منه على حَذَر

يغتالُ حتى أبا شبلين ذا لُبَدٍ

رَحْبَ الذراع حديدَ النابِ والظفر

يظلُّ في غِيلهِ من رأسِ شاهقةٍ

ممَّا بهِ من بقايا الهامِ والقصر

يدعو الفراشَ بألْهُوبَيْنِ من ضَرَمٍ

كأنما اسْتُوْدِعَا وَقْبَيْنِ في حجر

وَرْدٌ له كلّ يومٍ من هنا وهنا

وِرْدٌ من الدّمِ لا يُفْضي إلى صَدَر

كلٌّ سَيُودِي وإنْ طالت سَلاَمَتُهُ

يا حاملَ الحربِ لا تغترّ بالظَّفَر

هذا عليٌّ على عُجْبِ الزّمان به

لم يَسْقِهِ الصفوَ حتى شابَ بالكدر

سَمَتْ إليه فما ارتابتْ ولا ندمت

نكراءُ جَلَّتْ له عَنْ حادثٍ نكر

عن مصرعِ الدينِ والدنيا وما وسعا

لعمرُ صَرْفِ الليالي إنّهُ لجري

يا قبرَ أمِّ عليٍ هل علمت بها

إنّ السيادةَ بين الشُّرْبِ والمدر

أُنثى ولكنْ إذا عَدُّوا فضائِلَها

لم يدْعِ الفضلَ من أنثى ولا ذكر

تتلو الكتابَ ونتلو من مآثرها

آياً كآيٍ ولم تظلم ولم تَجُرِ

قوّامةُ الليل تتلوه وتقنته

على اختلافَيْهِ منْ طول ومن قصر

حتى إذا الصبحُ جلّى ليلَها فَزِعَتْ

إلى صيامٍ بمرضاةِ الإله حري

كأَنَّ محرابَها والليلُ مُعتكرٌ

في هالة البدر بين البيضِ والعُشر

والحورُ قد برَزَتْ من كُلِّ مطّلَعٍ

تكادُ تُفْصِحُ بالإصغاء والنظر

وإنك ابنَ أبي صفوانَ قد علموا

تَنَاسُقَ المجدِ بين العَيْنِ والأثر

من معشرٍ لم يزِدْهُمْ صَرفُ دهرهمُ

إلا الجرَاءَ على أزماته الكُبَر

لم يَذْهبُوا وبلى والله قد ذهبوا

كالمُزْنِ أفضَتْ بما فيها إلى الغُدُر

نَتْلونثاهُمْ ونغذو فضلَ أنْعُمِهِمْ

لولا اشتياقٌ إلى الأشكال والصور

هنيهةً ثمّ تبديهمْ قبورهُمُ

مثلَ الكمام قد انشقّتْ عنِ الزهر