لعل نسيم الروض من خلل الزهر

لعلّ نسيمَ الروضِ من خَلَلِ الزَّهْرِ
يصافِحُنِي بين الخميلة والنَّهْرِ
فقد شابَ زنجيُّ الدجى حين أشْرَقَتْ
على عَنْبرِ الظلماءِ كافورةُ الفَجْرِ
وسال نَدَى مُزْنٍ على أُقْحُوَانةٍ
كما جال رِيقٌ من حَبيبٍ على ثَغْر
وما لاحَ دُرٌّ فوق وَشْيٍ وإنما
ترقرقَ دمعُ الطلِّ في مُقَلِ الزهر
وفوق احمرارِ الوردِ رَشْحٌ كأنما
متونُ الخدودِ الحمر طُرِّزْنَ بالعُذْر
فللّه روضٌ لَفَّ أَطرافَ دوْحِه
مُلاءةُ نُورٍ حاكها راقمُ القطر
وسندسُ نبتٍ تحت زهرٍ كأنه
جناحُ ظلامِ الليل كُلِّلَ بالزهر
وأوراقُ آسٍ زعزعَتْ من غصونها
قدودُ حسانٍ مِسْنَ في حُلَلٍ خُضْرِ
شَموليَّةُ الأَمواهِ معلولةُ الصبا
غُلاَميّةُ الأعطاف مِسْكيةُ النَّشْرِ
مذانبها زُرْقُ النطافِ كأنما
معاطِفُهُنَّ الرُّعْشُ يُهْزَزْنَ من سكر
يجولُ شعاعَ الشمس فوق صِقالِها
كما جالَ إفرندُ اليمانيَّة البُتْرِ
ولما مَرَرْنا بالرسومِ التي بَدَتْ
كما سالَ ماءٌ في سِجِلٍ على سَطْرِ
تَنَسَّمْتُ رَيَّا زهرةٍ فوق نُضْرَةٍ
فقلت خَلُوقٌ في حُليٍ على نَحْرِ
ولاحت ذُكاءٌ في جناحَيْ غمامةٍ
فقلت سليمى ضُمِّنَتْ كِلَّتَيْ خِدْرِ
وَدَارَ بغُصْنٍ نرجسٌ فكأَنه
لجينٌ وتبرٌ في نطاقٍ على خَصْر
وأعلنتُ أشواقي وناحتْ حمامةٌ
فلم أَدر حقّاً أيُّنا العاشقُ العُذْري
لأدَّرِعَنَّ الليلَ نحو خيامها
على ظهرِ خوَّار العنانين مُزْوَرِّ
بوهْنٍ كأنّ البدر تحتَ جَنَاحهِ
مُحَيَّا فتاةٍ لاحَ في غَسَق الشَّعْر
وملءُ يميني بحرُ سيفٍ تموَّجَتْ
مياهُ المنايا بين غَرْبيه والأَثْر
سرى رَوْعُهُ في السلم والحرب مثلما
سرى ذِكرُ إسماعيلَ في البرِّ والبحر
- Advertisement -