في مثل مدحك شرح القول مختصر

في مثل مدحك شرح القول مختصر

وفي طوال القوافي عنده قصر

حسنت ذكر القوافي إذ مدحت بها

وما على كل جيد تحسن الدور

وما مدحك لكني مدحت بك ال

شعر الذي بك يستعلي ويفتخر

سما بك الدست لما نلت منزلة

أجل مجدك فيها القدر والقدر

وبوأتك المواضي والقنا رتبا

أضعافها من ضمان الغيب منتظر

أنت الذي يعقد الإسلام خنصره

علية إن حل خطب أوطرا وطر

ما زال وجه المعالي الغر ملتفتا

شوقا إليك وعين المجد تنتظر

تجملت بك أيام ذخرت لها

إن النفيس من الأشياء يدخر

كان الزمان بهيم اللون فاتضحت

له بأيامك الأوضاح والغرر

مراتب الملك أجسام أبوك لها ال

روح اللطيف وأنت السمع والبصر

إن كان ليث الشرى العادي فإنك يا

ذخر الأئمة منه الناب والظفر

أو كان دوحة مجد طاب منبتها ال

زاكي فأنت لها الأوراق والثمر

أعلمتنا حين لم تخلل بسيرته

أن الأصول عليها تنبت الشجر

لما ترفع قدرا واستطال على

عن أن يباشره للهيبة البشر

ألقى إليك مقاليد العلى ثقة

بنهضة أحكمت من أمرها المرر

وفوض الأمر ترفيها لهمته

إلى خبير بما يأتي وما يذر

غض الشبيبة كهل الرأي مقتبل ال

أيام لا صغر يزري ولا كبر

كأن أخلاقه من حسن خلقته

صيغت فقد راقت الأفعال والصور

قامت بعزمة محيي الدين مملكة

صفا بوالده فيها له كدر

متوج تشرق الدنيا بطلعته

وتخجل الشمس مهما لاح والقمر

إذا أقامت على ثغر صوارمه

فللنوائب عن سكانها سفر

أغاث أعمال بلبيس وأمنها

من بعد ما عالها الإشفاق والحذر

وليس يعلو لمن رام العلى خطر

إن لم يهن عنده التغرير والخطر

أغرت قبل أبي الغارات مقتحماً

للهول تستصغر الجلى وتحتقر

فكان شمساً وكنت الفجر تقدمها

والفجر في الجو قبل الشمس ينتشر

بعزمة الناصر بن الصالح انكشف

الأعداء عن حوزة الإسلام وانذعروا

لجت به الغارة الشعواء خلفهم

والنصر يقسم لا فاتوه والظفر

فأمعنوا هرباً منه ومنذ علموا

بأنه نافر في إثرهم نفروا

وحين أبليت عذراً في اللحاق بهم

وصح منك السرى في الليل والسهر

وقال عزمك لما أن ألح ولم

تلح له منهم عين ولا أثر

إن تنج منها أبا عمرو فعن قدر

نجاؤكم قدرة قد عاقها القدر

وعدت نحو مقر العز في عصب

يفنى بها الأكثران الرمل والمطر

وللصوارم في أجفانها أسف

تكاد من حره الأجفان تستعر

جيش إذا انضم قطراه رأيت على

أرجائه شجرات الخط تشتجر

شاموا حياً ومحيا منك بينهما

سحائب البشر والإنعام تنهمر

أرضيت عسكر مصر بالنوال ولم

يزل رضى الناس باب قرعه عسر

فاشكر يداً أصبحوا شكراً لمنتها

على ولائك إن غابوا وإن حضروا

وسعتهم بالندى والحلم قاطبة

فالرزق متسع والذنب مغتفر

والجود إن تكشف الأيام صفحتها

سترته باذل الإحسان يستتر

تنزه الخلق المجدي عن عجل

يقضي به المزعجان الطيش والضجر

وصان مقداره العالي وقدرته

من أن يضاف إليه الشر والأشر

وأصبحت عنده الأيام نازلة

في رحب صدر إليه الورد والصدر

تفيض رحمته تغيض نقمته

والبحر تطفأ في تياره الشرر

ملك إذا رسمت مرآه نائله

تهلل البدر وانهلت له البدر

ما إن سموت على جرد مسومة

إلا وظن أناس أنها سرر

ولا حملت نجاد السيد في رهج

إلا بدا ذكر يسطو به ذكر

ولا اعتقلت وشيج الخط يوم وغى

إلا تمنت ثغور أنها ثغر

ولا علت يدك العليا على قلم

إلا جرى الرزق منه أو دم هدر

ولا سطرت على طرس مكاتبة

إلا بدت غرر من فوقها طرر

ولا نطقت ونادي الجمع منتظم

إلا وظلت عقود الدر تنتثر

أيقنت منذ أرحت المجد من تعب

أن سوف تتعب من أوصافك الفكر

فاجعل قبولك ما أهديت من خدم

أسنى ثوابٍ له الآمال تنتظر

وليس ذا لغنى بي عن ندى ملك

أغنى الملوك إلى نعماه مفتقر

ولكن لساني وإن طالت بلاغته

مقصر عن أداء الفضل بل حصر

في شكر نعمتك الأولى التي سلفت

شغل فكيف إذا انضافت لها أخر

إن رمت مدحاً على مقدار ما بلغت

بك المعالي فإني لست أقتدر

إني وإن قصر الساعون عن أمدي

إليك من خجل التقصير أعتذر

فاصفح وسامح وعد واعطف ولن وأقل

واسمح فأنت على ما شئت مقتدر