نهته النهى في خفية وتستر

نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ

فأَقْصَرَ لولا أنّه في تَذكُّرِ

إذا خَطرتْ في خاطرٍ منه جَدَّدتْ

أسىً يَتلظَّى بين وِرْدٍ ومَصْدَر

سَقَى ذلك العهدَ الذي طال عهدُه

حَيَا كلِّ مُنَهلٍ من الغيثِ مُمطِر

أأَيامَنا بالثغرِ هل لكِ عودةٌ

إلى حافظٍ للعهدِ لم يتَغيَّر

وهل أتَملَّى من نسيمِك سُحْرةً

يُصافحُ مطلولَ النباتِ المنوِّر

وأرفُلُ في ثَوْبَي صِباً وصبابةٍ

وأسحَبُ ذيلي مِشْيَة المُتبختِر

ودمعُ الندى في وَجْنةِ الوردِ حائر

كجامِ عقيقٍ تحتَ دُرٍّ مُنثَّر

ونورُ الأَقاح الغَضِّ يحِكي إذا بدا

تَبسُّمَ خَوْدٍ عن شتيتٍ مُوشَّر

كأنّ بياضَ الماء في كل جَدْولٍ

إذا لاح في غصنٍ من الروض أخضر

غِلالُة شَرْبٍ ضَمَّها فوق لابسٍ

رشيقُ قَباءٍ أخضرٍ لم يُزرَّر

إذا جَمَّشت أيدي النسيم مُتونها

حَكَت من حَبيكِ السَّرْد كلَّ مقدَّر

وإنْ نَعَرت فيها النَّواعيرُ رَجَّعت

بها الطيرُ ألحانَ الغناءِ المُحرَّر

كأنّ الغصونَ المائساتِ رَواقصٌ

تَثنَّت على إيقاعِ دُفٍّ ومِزْهَر

تَضايقتِ الأشجارُ في الجوِّ فوقها

سوى فُرَجٍ تُهْدِى الضِّياءَ لمُبْصِر

فيَبْسُط منها البدرُ كلَّ مُدَرْهَمٍ

وتَنشُر منها الشمسُ كلَّ مُدَنَّرِ

عَسى يرجِع العيشُ الذي فات وانقضى

وصورتُه معلومةٌ في تَصَوُّري