ورد الخدود ودونه شوك القنا

وَرْدُ الخُدودِ ودُونَهُ شَوْكُ القَنا

فَمنِ المُحَدِّثُ نَفْسَهُ أن يُجْتَنَى

لا تَمدُدِ الأيدي إليه فطالما

شَنُّوا الحُروبَ لأنْ مدَدْنا الأعيُنا

وَرْدٌ تخَيَّر من مَخافةِ نَهْبِه

باللّحظِ في وَرَقِ البَراقعِ مَكْمَنا

يُلْقي الكِمامَ معَ الظّلامِ إذا دَجا

ويَعودُ فيه مع الصَّباح إذا دنا

ولطالَما وُجدَ الخِلافُ وإلْفهُ

دِيناً لعَمْرُك للحسانِ ودَيدَنا

قُلْ للَّتي ظلَمتْ وكانتْ فتنةً

لو أنها عَدلتْ لكانتْ أفْتَنا

لمّا سألتُ الثّغرَ منها لُؤلؤاً

قالتْ أما يَكْفيكَ جَفْنُكَ مَعْدِنا

أيُرادُ صَوْنُكِ بالتَّبرقُعِ ضَلّةً

وأرى السُّفورَ لمثْلِ حُسنِك أصْوَنا

كالشّمسِ يَمْتنعُ اجْتلاؤك وَجْهَها

فإنِ اكتسَتْ برَقيقِ غَيْمٍ أمْكَنا

غدَتِ البخيلةُ في حمىً من بُخْلها

فسلُوا حُماةَ الحيِّ عمَّ تَصُدُّنا

وأَبتْ طُروقَ خيالِها فإلى متى

جَرُّ الرّماحِ من الفوارسِ نَحْوَنا

هل عنْدَ حَيِّ العامريّةِ قُدرةٌ

أنْ يَفْعلوا فوقَ الَّذي فعلَتْ بنا

ما هُمْ بأعظمَ فَتكة لو بارزوا

من طَرْفِ ذاتِ الخالِ إذ برْزتْ لنا

إن كان قَتْلي قَصْدَهمْ فلْيَرفَعوا

كِللَ الظّعائنِ ولْيُخلُّوا بَيْننا

ماذا كفَونا من لقاءِ فَواتنٍ

لولا مُراقَبةُ العيونِ أتَيْننا

يا صاحِ مِلْ بالعيسِ شَطْرَ ديارِهم

فطلُولُها أضحَتْ تُشاطرُنا الضَّنى

عُجْ بالمَطيِّ على المنازل عَوْجةً

فلعلَّها تُشفي جوىً ولعلَّنا

ساعِدْ أخاك إذا دعاكَ لخُطّةٍ

وإذا أردتَ مُساعِداً لكَ فادْعُنا

فالجاهلانِ اثْنانِ من بَيْنِ الورَى

فافْطُنْ أُخَيَّ وإنْ هما لم يَفْطُنا

مَن قالَ ما بالنّاسِ عنّي من غنىً

من جَهْلهِ أو قال بي عنهم غِنى

كم رُعْتُ حيَّكِ ثائراً أو زائراً

لمّا عَناني من غرامي ما عنى

عيشٌ كما شاء الصِّبا قضّيْتُه

أصبو وأُصبي كُلَّ أَحْورَ أَعْيَنا

إنّي لأذكرُ في اللّيالي ليلةً

والإلْفُ فيها زارني مُتوسِّنا

بعثَ الخيالَ وجاءني في إثْره

أَرأيتَ ضَيْفاً قطُّ يتْبعُ ضَيْفَنا

الطَّيفُ يرحَلُ وهْو ينْزِلُ مُقلةً

فيها التوهُّمُ قد أُحيلَ تيقُّنا

فاليومَ أَرضَى زُورَ زَوْرٍ طارق

يَسْري لخَطْبِ نوَى الخليطِ مُهوَّنا

أَفدي خُطاه إذا سَرَى بمكانه

منّي ليُمسيَ للزّيارةِ مُدْمِنا

ما إنْ جفَوْتُ الطَّيفَ إلاّ ليلةً

والحيُّ قد نزلوا بأعلَى المُنْحنى

لمّا ألمَّ وقد شَغَلْتُ بمدحةٍ

لعزيزِ دينِ اللهِ فكْريَ مُوْهِنا

في ليلةٍ حسدَتْ مصابيحُ الدُّجَى

كَلِمي وقد كانتْ بها هيَ أَزْينا

قَلمي بها حتّى الصّباحِ وشَمْعتي

بِتْنا ثلاثتُنا ومَدْحُك شُغْلُنا

حتّى هَزَمْنا للظّلامِ جُنودَهُ

لمّا تَشاهَرْنا عليه الألْسُنا

أَفْناهما قَطّي وأَفنَيْتُ الدُّجَى

سَهَراً فأَصبَحْنا وأَسْعدُهم أَنا

وإلى العزيزِ أَمَلْتُ نِضْوي زائراً

لكنّني اسْتَبْضَعْتُ دُرّاً مُثْمَنا

فغَدا يُنيلُ الرِّفدَ مُوفيَ كيْلِه

من قبلِ شَكْوانا لِما قد مَسَّنا

مَلِكٌ أَغرُّ إذا انْتَدى يومَ النَّدى

أَلْفيتَهُ فرداً مواهبُه ثُنا

خَضِلُ الأناملِ بالحِباء إذا احتَبى

كالطّودِ يَحتضِنُ الغَمامَ المُدجِنا

أَمِنَتْ إساءتَه عِداهُ لأنّهُ

مُذْ كان لم يُحسِنْ سوى أنْ يُحسِنا

لمّا رأى السُّلطانُ خالصَ نُصحِهِ

أَضحى بغُرّةِ وجههِ مُتَيمّنا

فغدا وفي يُمناهُ آيةُ مُلكهِ

يُفْني المُسِرَّ عِنادَه والمُعْلِنا

فمتى تَفرْعنَ في الممالكِ مارِقٌ

أَوْمَى إلى قلمٍ له فتَثَعْبنا

وجلا اليدَ البيضاءَ في كَلماته

فتَلقَّف المُتمرِّدَ المُتفَرْعنا

يا مَن إذا أَرخَى عِنانَ جَوادِه

أَضحى وثانيه النَّجاحُ إذا ثَنى

ويعودُ بالجُرْدِ السَّلاهبِ مُسْهلاً

في أَيِّ أَرضٍ سارَ فيها مُحْزِنا

لمّا أَعَرتَ السّمعَ نَبْأةَ صارخٍ

نفَتِ الكرَى عن ناظرَيْكَ تَحنُّنا

أَتْبعتَ حَجَّتَك الحميدةَ غَزْوةً

فقضَيْتَ أَيضاً فَرْضَها المُتَعيِّنا

وجَررْتَ أَذيالَ الكتائبِ مُوغِلاً

في الأرضِ خلْفَ بني الخَبائثِ مُثْخِنا

حتّى غدَتْ تلك المَجاهلُ منهمُ

وكأنما هُنّ المَناحِرُ مِن مِنى

سَقتِ الصّوارمُ أَرضَهمْ من بعدِ ما

قلّبْنَ أَظهُرَها السَّنابِكُ أَبْطُنا

وأَرْيتَهمْ إعجازَ يومِ حَفيظةٍ

لم يُبقِ صِدْقُ الضَّرْبِ فيه مَطْعَنا

زرَعَ الطِّعانَ فسَنْبلَتْ في ساعةٍ

من هامِهمْ وشُعورِهمْ سُمُرُ القَنا

فغدا هُناكَ ببأْسِ أَحمدَ مُؤمِناً

مَن لم يُعَدَّ بدينِ أَحمدَ مُؤمِنا

هل عُصبةُ الإشراكِ تَعلَمُ أَنّها

ما صادَفَتْ من حَدِّ سيفِكَ مأْمَنا

لكنّما رجَع الجيوشُ وغُودِروا

إذ كان خَطْبُهمُ عليكمْ أَهْوَنا

مثْلَ القنيصِ ازْورَّ عنه فارسٌ

والسَّهمُ فيه جنَى عليه ما جنَى

يَرجو البقاءَ وما بقاءُ مُصَرَّعٍ

تَخِذَ السِّنانُ القلْبَ منه مَسْكَنا

إن تَرجِعوا عنهمْ فلا يَترقَّبوا

إلاّ الفَناءَ مُباكِراً لهمُ الفِنا

والسُّحبُ بعدَ عُبورِهنَّ يَرى الوَرى

في إثْرِها أثَرَ السُّيولِ مُبيَّنا

فَلْيَهنأ الإسلامَ أَنَّ عِمادَه

مُذْ جَدَّ في طَلَقِ المكارمِ ما ونَى

صَلِيَتْ شُواظَ الحربِ أَعداءُ الهُدَى

مُذْ سار في فَلَكِ المعالي مُمْعِنا

وكأنّه الشَّمسُ المنيرةُ طالعَتْ

خِططَ البلادِ من القَصيّ إلى الدُّنا

فأباتَ أرضاً نُورُها مَسكونةً

وأبتْ لأُخرى نارُها أن تَسكُنا

للهِ مَقْدَمُ ماجدٍ أضحَى به

عنّا لنازلةِ النَّوائبِ مَظْعَنا

عَوْدٌ إلينا عادَ أحمدُ كاسْمِه

فغدا بإقبالٍ يُضاعَفُ مُؤْذِنا

كانتْ شَرارةَ فتْنةٍ مَشْبوبةٍ

فلقد تَرامَتْ أشْمُلاً أوْ أيمُنا

قُلْ للَّذين تَشعَّبوا شُعَباً لأنْ

ظَنّوا خِلافَكُم مَراماً هَيِّنا

ما إنْ يُنازِعُ ضَيْغَماً في غِيلِه

إلاّ امْرؤٌ ملَّ الحياةَ وحُيِّنا

ومَنِ ابتنَى وسْطَ العرينِ قبابَهُ

فأحسَّ ريحَ اللَّيثِ قَوَّض ما ابْتَنى

في كلِّ غابٍ غابَ عنه سَليلُه

مَرْعىً ولكنْ لا قَرارَ إذا انْثَنى

سيُريحُ عازِبَ كُلّ أمرٍ سائسٌ

يُرضي الرَّعيّةَ عادلاً أو مُحْسنا

يا مَوئلاً يُولي الأنامَ صنائعاً

أمسَتْ منَ الشُّهُبِ الطَّوالعِ أبْيَنا

ما إنْ دعاكَ لِصيتِه ولمُلْكِهِ

إلاّ أجَبْتَ مُحسِّناً ومُحصِّنا

كُلٌّ إذا استَرعَوْهُ يَسْمَنُ مُهزِلاً

في ذا الزَّمانِ وأنت تَهزِلُ مُسْمِنا

دَسْتُ الوِزارةِ لم يَزَلْ مَنْ حَلَّهُ

ولَئنْ تَجلّى ملءُ عَيْنَيْ مَنْ رَنا

كالبدرِ في ليلٍ ورأيُكَ شمسُه

والبدرُ مُقْتَبسٌ من الشَّمسِ السَّنا

سِيّانِ عندكَ كان رَبْعاً آهِلاً

للحيِّ أو رَسْماً عفا وتَدمَّنا

ما إنْ خذَلْتَ على اختلاف شعارِه

مُتعلِّياً ناداك أو مُتعَثْمِنا

واليومَ أجدَرُ حينَ أصبحَ عُطْلُه

مُتزيِّناً لمّا غدا مُتَزيَّنا

لا زلتَ ثَبْتاً في المواقفِ كُلّما

لَعِبَ الزّمانُ بأهلِه وتَلوَّنا

أما الرجاء فلم يزل متغربا

حتى إذا وافى ذُراك استوطنا

ألقَى إلى ابْنِ أبيه منكَ رِحالَه

فلِذاكَ أنتَ بهِ شديدُ المُعْتنَى

أَنتَ الرَّجاءُ لكلِّ مَن يطأُ الثَّرى

فإليكَ كان أَشار حينَ به اكْتنَى

لك في العُلا هِمَمّ تَزيدُ على مَدَى

زَمَنٍ فعشْتَ لنَشْرِهنَّ الأزْمُنا

وكأنّها والدّهرَ نَهْجٌ ضَيِّقٌ

أَصبحتَ تَسلُكُ فيه جَيْشاً أَرْعَنا

وكتابُ عصرِكَ مُذْ أَتَى أَبناءه

واللهُ ضَمَّنه عُلاكَ وعَنْوَنا

قرأوا إلى ذا اليومِ عُنْواناً له

وقلوبُنا تَتَطلَّعُ المُتضمَّنا

يا ماجداً عَبِقَ الزّمانُ بذِكرهِ

والذِّكرُ في الأيّامِ نعْم المُقْتَنى

يَزْدادُ عندَك حُسْنُ ما نُثْنِي به

كمَزيدِ ما توُليهِ حُسْناً عِنْدَنا

وأَعُدُّ مدْحَ ملوكِ عَصْريَ هُجْنةً

وأَعُدُّ تَرْكَ مديح مثْلِك أَهْجَنا

فبلَغْتَ قاصيةَ المَدى وملكْتَ نا

صيةَ العُلا وحَويْتَ عاصِيةَ المُنى

وبَقِيتَ من غيرِ انْقطاع ماضياً

وبلا تَغَيُّرِ آخِرٍ مُتمكِّنا