أنوما وقد بان الخليط تذوق

أنَوماً وَقَد بَانَ الخَليطُ تَذُوقُ

ودار كزعم العادلات مذيق

وَهَبكَ التَمَست الطَّيفَ مِن السُّها

أرَدّاهُ غَيمٌ أم جلاهُ شُروقُ

وَمَن ذَا يُجَارِي الشُّهبَ فِي حَلَبَاتِهَا

إذا حَثّها نَحوَ المَغِيبِ خَفوقُ

لَقَد سَاقَ نَحوِي كُلّ سُهدٍ وَلَوعَةٍ

بُرَيقٌ إلَى ثَغرِ الحَبِيبِ يَشوقُ

سرَى بَعد وخطِ الشَّيبِ في لِمّةِ الدُّجَى

يُخَضّبُ فَودَ اللَّيلِ مِنهُ خَلُوقًُ

جَفَا وَصَفا فَاعتَزّ واكتنّ لَاعِباً

كَمَا نَبَضَت تَحتَ البَنانِ عُرُوقُ

وَجَالَ عَلَى مِسكِ الظّلامِ عَبِيرُهُ

كَمَا ذَابَ فَوقَ الآبنوسِ عقيقُ

أَامرِي بِهِ طَرفِي مَحَلٌ مَدامِعِي

وَلا غَروَ أَن تَمرِي الغَمَامَ بُرُوقُ

وََإنِّي بِشَيمِ البَرقِ مِن جَانِبِ الحِمَى

وشمّ الصّبا مِن حَرِّه لَخَلِيقُ

ذَكَرتُ بِهِ الأحبًابًَ إذ أنَا يَافِعٌ

وإذ غُصُنِي لَدنُ الفُرُوعِ وَرِيقُ

وَإِذا أنًا مَغرورٌ عَلَى الجَهلِ فِي الهَوَى

وَشَأوُ ارتِكَاضِي في النََّشَاطِ عَمِيقُ

وَإِذ هِمَّتِي تُثنَى إلى غَيرِ هَمِّها

وَلا أنا مأخُوذٌ عَلَيَّ طَرِيقُ

ولا شَيءَ إلا مَا أُرِيدُ وَأشتَهِي

ولا عَائِقٌ مِن دُونِ ذَاكَ يَعُوقُ

فَجُوزيَ خَيراً من زمَانٍ مَضَى بِهِ

أخٌ لِوِصَالِ الغَانِيَاتِ شَقِيقُ

فَإن أنَأ لَم أُتبِعهُ لَهفاً وَعَبرَةً

فَمَأ تِلك إلا جَفوَةٌ وَعُقُوقُ

وَإِني لِمَاءِ اللّهوِ والزَّهوِ وَالصِّبَا

وَمَاءِ شُؤُونِي بَعدَه لَمُرِيقُ

فَوجدِي بِهِ كاسمِي عَلِيٌّ زَفِيرُه

وَجَدِّيَ مِن نَعتِ الفُؤَادِ حَرِيقُ

وَأحسَنُ مِن ذِكرَى شَبَاب طَوَيتُهُ

ثَناءٌ بآفاقِ البلادِ طَلِيقُ

تَخُبّ بِهِ تَحتَ الرُّوَأةِ نََائِبٌ

عَلِيهنَّ من دُر الكلام وُسُوق

تَسيرُ بِهِ شَرقاً وَغَربا فَدَأبُهَا

رَحيلٌ وَنَصٌّ دَائِم وَخَِفيقُ

أحَيّي بهِ مِن وَجهِ يوسُفَ قِبلَةً

أحنُّ إلَى استِقبالِها وَأتوقُ

يُصلِّي إلَى مِحرَابِهَا الأمَلُ الَّذِي

بِهِ ألمٌ من غَيرِها فيُفِيقُ

مَحيّاًَ يُعِيدُ اللَّيلَ أبيَضَ ناصِحاًَ

وَتَبدُو لَهُ شَمسُ الضُّحَى فَيَفُوقُ

مَطِلٌّ عَلَى نيقِ العلا لم يًَزل لَهُ

بِكُلِّ فِجاجٍِ المعلًُواتِ طَرِيقُ

إِذَا صالَ أو سارَ انتِقاماً وَعَزمَةً

تَجَرّدَ صَمصامٌ وَصالَ فَنيقُ

يُسدِّدُ مِن آرائهِ سَهمَ فِطنَةٍ

لَهُ من رَمَايا المُشكلاتِ مُرُوقُ

تَطيرُ بِهِ حِين البهديهَةِ قُذّةٌ

وَيَحفِزه بَعدَ الرَّوِيَّةِ فُوقُ

وَمهمَا يَغص معنًى دقيقٌ يحيلُه

عَلَيه افتِكَارٌ فِي الغُيُومِ دَقيقُ

وَوَكّلَ بالأيام من فَضلِ سَيبِهِ

نَدىً لِفُتوقِ النّائباتِ رَتُوقُ

ظَنَنّا بِهِ من كَثرة البذلِ أنّنا

لَنا إرثُ مالٍ عِندًَهُ وحُقوقُ

عَمِيدٌ عَمِيدٌ بالمَحامِدِ والعُلَى

وَمُغرىً ببنتِ المَكرُمَات مَشُوقُ

مَنَزِلُهُ وَقفٌ عَلَى الزَّدِ والقِرى

يَحُلُّ فَرِيقٌ إِذ يَسِيرُ فِريقُ

فدونَكَها بِكراً مُوَفّىً صَدَاقُهَا

بِعُذرَتِها دونَ الأنامِ حَقِيقُ

لَهَا إمرَة عندَ الكلامِ مُطاعَةٌ

وَمُنتَسَبٌ يَومَ القَرِيضِ عَرِيقُ

فَهَنَّأكَ الأَعياد مَن زادَ حُسنَها

بِوَجهِك مَا وَالَى الظَّلامَ شُرُوقُ

فَما أَخفَقَت لِلسَّفرِ نَحوَكَ رِحلَةٌ

وَلا كَسَدَت لِلحَمدِ عِندَك سوقُ