من رام عزا بغير السيف لم ينل

مَنْ رامَ عِزّاً بغَيرِ السَّيفِ لم يَنَلِ

فارْكَبْ شَبا الهُندُوَانِيَّاتِ والأسَلِ

إنّ العُلا في شِفارِ البِيضِ كامِنَةٌ

أو في الأسِنَّةِ منْ عَسَّالَةٍ ذُبُلِ

فَخُضْ غِمارَ الرّدى تَسْلَمْ وثِبْ عَجِلاً

لِفُرْصَةٍ عَرَضَتْ فالحَزْمُ في العَجَلِ

ما لِلجَبانِ أَلاَنَ اللهُ جانِبَهُ

ظَنَّ الشَّجاعَةَ مِرْقاةً إِلى الأجَلِ

وكَمْ حَياةٍ جَنَتْها النّفْسُ منْ تَلَفٍ

ورُبَّ أمْنٍ حَواهُ القَلْبُ منْ وجَلِ

مَتى أرى مَشْرَفِيَّاتٍ يُضَرِّجُها

دمٌ رَسَتْ فيهِ أيدي الخَيْلِ والإبِلِ

يُزيرُها عِصمَةُ الدِّينِ الطُّلَى فَبِها

يُقامُ ما مَسَّ لِيتَ القِرْنِ منْ مَيَلِ

فقَدْ نَزَتْ بِطَنٌ ما تَحتَها فِطَنٌ

بالعاجِز الوَغْدِ والهَيَّابَةِ الوَكَلِ

وطبَّقَ الأرضَ خَوفٌ لا يُزَحْزِحُهُ

ذو ضَجْعَةٍ لاثَ بُردَيْهِ على فَشَلِ

وخالَفَتْ هاشِماً في مُلكِها عُصَبٌ

صاروا مُلوكاً وكانوا أرذَلَ الخَوَلِ

حَنَّتْ إلَيْهِمْ ظُبا الأسْيافِ ظامِئَةً

حتى أبَتْ صُحْبَةَ الأجْفانِ والخِلَلِ

إذا جَرى ذِكرُهُمْ باتَتْ على طَرَبٍ

مُتونُهُنَّ إِلى الأعْناقِ والقُلَلِ

ودونَ ما طَلَبوهُ عِزّةٌ عَقَدَتْ

أيْدي المَلائِكِ فيها حُبْوَةُ الرُّسُلِ

ومُرْهَفٌ أنحَلَ الهَيجاءُ مَضرِبَهُ

لا يَألَفُ الدَّهرَ إلا هامَةَ البَطَلِ

وذابِلٌ يَنثَني نَشوانَ منْ عَلَقٍ

كالأيْمِ رَفَّعَ عِطْفَيهِ منَ البَلَلِ

بِكَفِّ أرْوَعَ يُرخي مِن ذَوائِبِهِ

جِنُّ المِراحِ فَيَمْشي مِشْيَةَ الثَّمِلِ

يَهيمُ بالطَّعَناتِ النُّجْلِ في ثُغَرٍ

تُطْوى على الغِلِّ لا بالأعْيُنِ النُّجُلِ

فلَيْتَ شِعري أحَقٌّ ما نَطَقْتُ بهِ

أم مُنْيَةُ النّفْسِ والإنسانُ ذو أمَلِ

يبدو ليَ البَرْقُ أحياناً وبي ظَمَأٌ

فَلا أُبالي بصَوْبِ العارِضِ الهَطِلِ

وفي ابتِسامَةِ سُعْدى عنهُ لي عِوَضٌ

فلَمْ أشِمْ بارِقاً إلا مِن الكِلَلِ

هَيفاءُ تَشْكو إِلى دَمعي إذا ابتَسَمَتْ

عُقودُها الثَّغْرَ شَكوى الخَصْرِ لِلْكَفَلِ

يُغْضي لها الرّيمُ عَينَيهِ على خَفَرٍ

ولا يَمُدُّ إليها الجِيدَ مِنْ خَجَلِ

طَرَقْتُها وسَناها عادَ يَغدِرُ بي

لو لَم يُجِرْني ذِمامُ الفاحِمِ الرَّجِلِ

وإنْ سَرَتْ نَمَّ بالمَسْرى تَبَرُّجُها

فالمِسْكُ في أرَجٍ والحَلْيُ في زَجَلِ

أشكو إِلى الحَجْلِ ما يأتي الوِشاحُ بهِ

وأُلزِمُ الرّيحَ ذَنْبَ العَنْبَرِ الشَّمِلِ

إذْ لِمَّتي كَجَناحِ النَّسْرِ داجِيَةٌ

والعَيْشُ رَقَّتْ حَواشي رَوضِهِ الخَضِلِ

واهاً لذلكَ مِن عَصْرٍ مَلَكْتُ بِها

على الجَآذِرِ فيهِ طاعَةَ المُقَلِ

لوْ رُمْتُ بابْنِ أبي الفِتْيانِ رَجعَتَهُ

لَعادَتِ البيضُ مِنْ أيَّامِهِ الأُوَلِ

فَفي الشَّبيبَةِ عَمَّا فاتَنا بَدَلٌ

وليسَ عَنها سِوى نُعْماهُ منْ بَدَلِ

رَحْبُ الذِّراعِ بكَشْفِ الخَطْبِ في فِتَنٍ

كأنَّنا مِنْ غَواشيهِنَّ في ظُلَلِ

أضْحَتْ بها الدَّولَةُ الغَرَّاءُ شاحِبَةً

كالشّمْسِ غَطّتْ مُحَيَّاها يَدُ الطَّفَلِ

فَصالَ والقَلْبُ كَظَّتْهُ حَفيظَتُهُ

تَوَثُّبَ اللّيْثِ لمْ يَهلَعْ إِلى الوَهَلِ

وأغمَدَ السَّيْفَ مَذْروبَ الشَّبا ونَضَا

رأْياً أَبَى الحَزمُ أن يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ

ومهَّدَ الأمرَ حتى هزَّ مِنْ طَرَبٍ

إليهِ عِطْفَيهِ ما ولَّى مِنَ الدُّوَلِ

ساسَ الوَرى وهَجيرُ الظُّلمِ يَلفَحُهُمْ

فأعْقَبَ العَدْلُ فِيهمْ رِقَّةَ الأُصُلِ

أغَرُّ تَنشُرُ جَدْواهُ أنامِلُهُ

وقَد طَوى الناسُ أيديهمْ علَى البَخَلِ

مُقَبَّلٌ تُرْبُ نادِيهِ بكُلِّ فَمٍ

لا يَلفِظُ القَوْلَ إلا غَيرَ ذي خَطَلِ

كأنّهُ والمُلوكُ الصِّيدُ تَلثِمُهُ

خَدٌّ تَقاسَمَهُ الأفْواهُ بالقُبَلِ

ورُبَّ مُعتَرَكٍ ضَنْكٍ فَرَغْتَ لهُ

حتى تَرَكْتَ بهِ الأرواحَ في شُغُلِ

تَرنو خِلالَ القَنا حَيْرى غَزالتُهُ

عن ناظِرٍ بِمُثارِ النّقْعِ مُكتَحِلِ

بحَيثُ لا يَملِكُ الغَيرانُ عَبْرَتَهُ

حتى مَشَيْتَ بِها في مَسْلَكٍ وَحِلِ

والأعوَجِيّةُ مُرخاةٌ أعِنَّتُها

تَسْتَنُّ في لَهَواتِ السَّهْلِ والجَبَلِ

والبِيضُ تَبْسِمُ والأبطالُ عابِسَةٌ

ما بَينَ مُودٍ ومَكْلومٍ ومعتَقَلِ

حتى تَرَكْتَ بهِ كِسْرى وأُسرَتَهُ

أتباعَ راعِيَةِ الحَوْذانِ والنَّفَلِ

وانْصاعَ بَأْسُكَ بابْنِ الغابِ تُجْشِمُهُ

أن يَستَجيرَ حِذاراً بِابْنَةِ الوَعِلِ

وأيُّ يَومَيْكَ مِن نارَيْ قِرًى وَوَغىً

في السِّلْمِ والحَربِ لمْ يَفتَرَّ عنْ شُعَلِ

نَماكَ من غالِبٍ بِيضٌ غَطارِفَةٌ

بَثُّوا الندىً فإلَيهِمْ مُنتَهى السُّبُلِ

لا يَشْتَكي نَأْيَ مَسْراهُ أخو سَفَرٍ

تُدنِيهِ مِنهُمْ خُطا المَهْريَّةِ الذُلُلِ

مِنْ كلِّ أبلَجَ مَيمونٍ تَفيئَتُهُ

يَغشى حِياضَ المَنايا غيرَ مُحتَفِلِ

فلَيسَ يَرضى بغَيرِ السَّيفِ منْ وَزَرٍ

ولا يُعِدُّ سِوى الماذيِّ مِنْ حُلَلِ

يُصغي إِلى الحَمدِ يَقْريهِ مَواهبَهُ

بمَسمَعٍ ضاقَ فيه مَسرَحُ العَذَلِ

فَشِدْتَ ما أَسَّسَ الآباءُ مِن شَرَفٍ

حتى تحَلَّتْ بهِ الأيّامُ مِنْ عَطَلِ

فُقْتَ الثَّناءَ فلمْ أبْلُغْ مَداكَ بهِ

حتى توهَّمْتُ أنَّ العَجْزَ منْ قِبَلي

والعِيُّ أن يَصِفَ الوَرْقاءَ مادِحُها

بالطَّوْقِ أو يَمدَحَ الأدْماءَ بالكَحَلِ

تَبَلَّجَ العِيدُ عنْ سَعدٍ يُصافِحُهُ

جَدٌّ عَواقِبُهُ تُفْضي إِلى الجَذَلِ

فانْحَرْ ذوي إحَنٍ تَشْجى أضالِعُهُمْ

بهِنَّ نَحْرَ هَدايا مَكَّةَ الهَمَلِ

وَفُرَّ عَنْها بأطرافِ الرِّماحِ تَشُبْ

دِماءَهُمْ بدِماءِ الأيْنُقِ البُزُلِ

وأصْدِرِ البِيض حُمراً عَنْ جَماجِمِهمْ

إذا رَوِيْنَ بِها عَلاً على نَهَلِ

وامْشِ الضَّراءَ تَنَلْ ما شِئْتَ من فُرَصٍ

ولا تَمُدَّ لمَنْ عاداكَ في الطِّوَلِ

فالدَّهْرُ مُنتَظِرٌ أمْراً تُشيرُ بهِ

فمُرْ بما يَقْتَضيهِ الرَّأيُ يَمْتَثِلِ