لمن فتية منشورة وفراتها

لِمَنْ فِتْيَةٌ مَنشورَةٌ وَفَراتُها

رَواعِفُ في أيْمانِها قَنَواتُها

تُليحُ بِهِمْ جُرْدُ المَذاكي عَوابِساً

وقد طاوَلَتْ أرماحَهُمْ صَهَواتُها

إذا الحَربُ شُبَّتْ بالأسِنّةِ والظُّبى

فهُمْ حينَ تَصْطَكُّ القَنا جَمَراتُها

لهُمْ في بَني البَرْشاءِ قَتْلى كأنَّما

أُميلَتْ على بَطْحائهِمْ نَخَلاتُها

تَدوسُهُمُ خَيْلٌ عِتاقٌ وغِلْمَةٌ

تَسيلُ على حَدِّ الظُّبى مُهَجاتُها

وقد عَلِمَتْ عُلْيا نِزارٍ ويَعْرُبٍ

غَداةَ استُثيرَ النَّقْعُ أنّا كُماتُها

تُلَوِّي أنابيبَ الرِّماحِ بطَعْنَةٍ

مُخالِسَةٍ تَزْوَرُّ عنها أُساتُها

وتُولِغُ في اللّبّاتِ بِيضاً فَتَنْثَني

مِنَ الدّمِ حُمْراً تَلْتَظي شَفَراتُها

وهلْ نَحنُ إلا عُصْبَةٌ خِندِفِيّةٌ

تَرادَفَ غاياتِ العُلا سَرَواتُها

تُضَوِّعُ أرياحَ النّجيعِ دُروعُهُمْ

وتَنفَحُ مِسْكاً ساطِعاً حِبَراتُها

وتَدعو إذا اسْتَشْرى العِدا يا لَغالبٍ

فتُشْرِقُ مِن أبطالِنا قَسَماتُها

وَهُمْ في سَرابيلِ الحَديدِ ضَراغِمٌ

ومِنْ قِصَدٍ خَطِّيَّةٍ أجَماتُها

وتَطغَى بِنا يَومَ الوَغى جاهِليَّةٌ

تَرَدَّدُ في أعطافِنا نَخَواتُها

ونَسْحَبُ أذيالَ السّوابِغِ والقَنا

شَوارِعُ والهَيجاءُ شتَّى دُعَاتُها

فلِلّهِ حَيُّ مِنْ كِنانَةَ أرْقَلوا

إِلى رُتَبٍ لا تُمتَطى هَضَباتُها

بأيْمانِهِمْ بِيضٌ مشاريفُ تَختَلي

رُؤوساً من الأعداءِ مالَتْ طُلاتُها

بأفيائِهِمْ قُبٌّ عناجيجُ تَرعَوي

إلَيهمْ لَدى أطنابِهِمْ مُهَراتُها

يَشُبُّونَ بالبَطْحاءِ ناراً قَديمَةً

تَوَقَّدُ والآفاقُ خُضْرٌ لَظاتُها

وتَدْمى عَراقيبُ المَطِيِّ إذا حَدَتْ

إلَيهمْ أعاريبَ الفَلا سَنَواتُها

إذا ما عَقَدْنا رايَةً مُقتَدِيَّةً

رَجَعْنا بِها خَفّاقَةً عَذَباتُها

يَسيرُ حَوالَيْها المُلوكُ بأوجُهٍ

تُباهي ظُبى أسيافِهِمْ صَفَحاتُها

إذا رَكزوها فالأنامُ عُفاتُهُمْ

وإنْ رَفَعوها فالنّسورُ عُفاتُها

تَرُدُّ شُعاعَ الشّمْسِ عنهمْ أسِنّةٌ

تَذوبُ على أطرافِهِنَّ أياتُها

وتختالُ فيهمْ عَزْمَةٌ نَبَويَّةٌ

إذا الحربُ طاشَتْ وقَّرَتْها أناتُها

لكُمْ يا بني العبّاسِ في المَجْدِ سورَةٌ

تَبَحْبَحَ في حَيَّيْ نِزارٍ بُناتُها

وأنتمْ أعالي دَوْحةٍ مُضَريَّةٍ

تَطيبُ على مَرِّ اللّيالي جَناتُها

إذا انْتَضَلَتْ بالفَخْرِ كَعبٌ توشّحَتْ

بكمْ غُرَراً مَشهورةً جَبَهاتُها

إليكمْ رسولُ اللهِ أوصى بأمّةٍ

أقامَتْ بمُستَنِّ الرّشادِ غُواتُها

فمَهزوزَةٌ إنْ رُوِّعَتْ أسَلاتُكُمْ

ومَغْفورَةٌ إنْ أذنَبَتْ هَفَواتُها

ولمْ تُشْرِقِ الأيّامُ إلا بِعَدْلِكُمْ

فَما أحسَنَ الدنيا وأنتمْ حُماتُها

وفيكم سجايا من قُصَيٍّ وإنّما

مَساعي الإمامِ القائميِّ صِفاتُها

ويَنْسِبُها شِعري بأكْنافِ بابِلٍ

كما انْتَسَبَتْ وَهْناً لِصَحْبي قَطاتُها

لكُمْ أوجُهٌ للعَيْنِ فيهِنَّ مَسْرَحٌ

حَكَتْ مَشْرَفثيّاتٍ أُرِقَّتْ ظُباتُها

وأيْدٍ كَما حَلَّ الغَمامُ نِطاقَهُ

تُدِرُّ أفاويقَ الغِنى نَفَحاتُها

فمَنْ مُبلِغٌ أفناءَ خِنْدِفَ أنّني

بأفْنِيَةٍ مُخْضَرَّةٍ عَرَصاتُها

يَروحُ على صَحْبي بأرجائِها الندىً

وتَغْدو بأشعاري إليها رُواتُها

وتَغلي بأسرارِ العُذَيبِ ضَمائِري

ولكنْ قَليلٌ في النّوى هَفَواتُها

وتُطرِبُني الذِّكرى فأشتاقُ فِتيَةً

تَدورُ على باغي القِرَى جَفَناتُها

وأكْتُمُ ما لو شاع أغرى بيَ العِدا

فبالجِزْعِ أحلامٌ خَفيفٌ حَصاتُها

وأذكُرُ أيّاماً بجَرعاءِ مالِكٍ

رِقاقاً حَواشيها غِضاباً وُشاتُها

ولَو عَلِمَتْ بغدادُ أنّ ركائِبي

على ظَمَأٍ لاسْتَشْرَفَتْ لي صراتُها

ولكنّها تحتَ الأزِمَّةِ خُضَّعٌ

إذا جَأْجَأَتْ بي منْ بَعيدٍ سُقاتُها

فأوْرَدَها الرّأيُ الظَّهيريُّ مَسْرحاً

على نُغَبٍ زُرْقٍ تَجَلّتْ قَذاتُها

وتِلْكَ رِكابي إنْ غَرِضْنَ ببَلدَةٍ

بَكَرْنَ ولمْ تَشعُرْ بسَيْري بُزاتُها

تَرودُ مَصابَ المُزْنِ أنّى تَلَوَّمَتْ

وتُنكِرُ أفلاقَ الحَصَى ثَفَناتُها

فلا خَيَّمَتْ إلا لدَيكُمْ مَدائِحي

ولا ساقَها إلا إلَيْكُمْ حُداتُها