أنصر أخاك مسعدا في ما حزب

أنصُرْ أخاكَ مُسعِداً في ما حَزَبْ

ولا تَقولَنَّ إلى ماذا نَدَبْ

ساعِدْ بعَضْبٍ مُصْلَتٍ وساعد

فالنَصرُ بالنّصلِ إذا الشَرُّ اقتَرَب

واسبِقْ إلى الدّاعي رجوعَ طَرْفهِ

فاللّيثُ ما استَثرْتَه إلا وَثَب

قَلِّبْ لسانَ السّيفِ في جَوابِه

فمَنْ أُجيبَ باللّسانِ لم يُجَب

شِمْ نظرةً إليه والسّيفَ معاً

من جَفْنِ عينَيْكَ وجَفْنِ ذي شُطَب

مُجيبٌ أُولى دعوتَيْه إذْ دَعا

إن كنتَ عنه فارجاً إحدى الكُرَب

قَلَّ غَناءً والصّريخُ شاخِصٌ

يَنظُر تسآلُكَ عنه ما السَّبب

سُلَّ حُسامَ المَشرفّي ثمَّ سَلْ

وأبْدأ بتَقديمِ الخُطا قبلَ الخُطَب

إنْ لم يُهِبْ إلى الحِمام بالفَتى

فخاضَهُ دونَ الحليفِ لم يُهَب

أقدِمْ على الموتِ تَعِشْ فإنّما

يومُ الفتى مسُتطَرٌ ومُكتَتَب

ما أجَلُ الهاربِ عنه هارباً

لا بل يَزيدُ طَلباً إذا هَرب

ما تَبرحُ الآجالُ من مكانِها

فلا تُضِعْ فُرصةَ ذِكرٍ يُكْتَسَب

كنِ ابنَ يومٍ لك تَحوِى فَخْرَهُ

لا تَقْتَنِعُ بَعَدِ آباءٍ نُجُب

فأشَرفُ الأقوامِ أمّاً وأباً

مَن عافَ أن يَسْمو بأُمٍ وبِأب

لا يكُ مِن كُلِّ عُلاه قانعاً

فتيً بأنْ قيل كريم المنتَسَب

فَخْراً إذا عُدَ أبوه سافراً

حتّى إذا ما ذُكرَ الابِنُ انتقَب

عاقِد على النّصرِ يَدَيْ مُضافرٍ

وسِرْ بنا نَرمي النجومَ عن كَثَب

واعزِمْ وإن أعرضَ أهوالٌ ففي

مُضطَربِ الأرضِ لقومٍ مُضطَرب

في كلِّ قُطْرٍ قَطَريُّ قد بدا

ومِنبرٌ لذي ضَلالٍ انصب

فما الذي يرجوه من زمانِه

ذو شَرَفٍ يَبْغى الغِنَى أو ذو أدَب

والأرضُ طُرّاً أصبحَتْ مسبِغةً

لا شِبْرَ إلاّ وبهِ حَرْبٌ تُشَبّ

عَجِبتُ من حوادثٍ حتّى إذا

تَتابَعتْ لم يَبْقَ في عَيني عَجَب

حتّى متى أشكو الصّدى مُطوِّفاً

ولا أرى في الأرضِ صَفْواً لم يُشَب

والفَضْلُ فضْلُ المالِ في زمانِنا

إن فاخَروا والنَسَبُ اليومَ النَشَب

كم خاطبٍ لمّا اغتَربْتُ مِدْحَتْي

قلتُ له لوْ بأبانَيْنِ خَطَب

ردَدْتُه بغُصّةٍ ولن تَرَى

أتعبَ من قلبِ محبٍ لا يُحبّ

وجاهلٍ قد غَرّهُ عداوتي

لم يَدْرِ في أيّ إناءٍ احتلَب

عَيْنيَّ مَغْناطِيسُ كلّ عَجَبٍ

في الدّهرِ ما كان إلى قُربى انجذَب

بأيّ أرضٍ وَطِئتْها قَدَمي

وللمُلمّات إذا جاءتْ شَغَب

مُنازِعي في شَرَفٍ أرومُه

نِكْسٌ أَمُرُّ صَعَداً وهْو صَبَبْ

وأيُّ بُرْجٍ حَلّه رأْسُ عُلاً

قابَلَه بالطّبْعِ لا بُدَّ ذَنَب

أرى أُناساً لا أنيسَ فيهمُ

فلا أرى إلا جَناباً يُجتَنب

كيف السبيلُ والسّجايا هذه

منهم إلى أُنْسٍ بحالٍ يُجتلَب

هم مُمْعِنونَ هَرَباً من قُرْبِنا

وجانبي مُمتَنِعٌ معَ الطّلَب

عِزّةُ نَفْسٍ لا يُصادُ وَحْشُها

إلا بأكرامٍ وإلا بِقُرَب

سكبتُ ماءَ العينِ ما شاء النّوى

في غُرْبتي وماءُ وجهي ما انسكَب

بينَ العراقِ والجبالِ عارِقي

فَواغرُ الدّهرِ بأنيابِ النُّوَب

في كلِّ يوم زَورةٌ لأُممٍ

لمَطْلَبٍ لا أمَمٍ ولا صَقَب

وتَمَلأُ الدَّلْوَ الحُظوظ والفتى

بكَفِّه شَدُّ العِناجِ والكَرَب

يُحكِمُ أسبابَ النَّجاحِ جاهِدٌ

والنَّبعُ ما لم يُسعِدِ الجَدُّ غَرَب

ويُظْهِرُ العَتْبَ إذا امتَدَّ المدى

وهل زَمانٌ مُعتِبٌ لمَنْ عَتَب

ويَذهَبُ العُمْرُ وماذا يُرتَجى

من ذَهَبٍ يأتي إذا العُمْرُ ذَهَب

وكُلُّ هذا والفؤادُ ذاكِرٌ

عهْدَ التَّصابي ما انقضّى وما انقَضَب

وشادِناً إذا رمَى بنَظرةٍ

إلى المشوقِ هَزّ عِطْفَيْهِ الطَّرَب

جَبينهُ والصُّدْغُ صُبْحٌ ودُجَى

وخَدُّه والثَغْرُ خَمْرٌ وحَبَب

لَقيتُه والصّبرُ دِرْعي ضافياً

فقتَل الصَبَّ المُعنَّى وسَلَب

وكان قَلْبانا على عَهْدٍ مضَى

بُرْجَى هوىً لكنْ ثَبَتُّ وانقلب

هل تُبْلِغَنّيِهمُ وإن شَطّ النوى

ورُبّما عاجَ البعيدُ فاقتَرَب

هُوجٌ إذا غنَّى الحُداةُ خلفَها

تكادُ من أنساعِها أن تَنْسَلِب

يُفْري ذُراها قَطْعُ كُلِّ مَهْمَهٍ

حتّى يُرَى أَكْوَمُها وهو أجَب

متى أُراني ظافراً بقُربِهم

من بعْدِ بُعْدٍ إنما الدُنْيا عُقَب

كانتْ لعَمْري خُلَساً من لذّةٍ

وَلَّيْنَ لمّا أخلَسَتْ منّى القَصب

والدّهرُ خاطَ العينَ عنّي راقداً

حتّى إذا أصبحَ ليلُ الرأسِ هَب

كان الشَّبابُ للَّيالي خِلعةً

عليّ قد أفاضَها ماضي الحِقَب

فارتُجِعَتْ من قبلِ إمتاعي بها

والدّهرُ شَرُّ راجِعٍ فيما وَهَب

حيُيَّتِ يا أيّامَنا من زَمَنٍ

إلا بوَشكِ الإنقراضِ لم يُعَب

أيّامَ لا وَخْطُ المشيبِ قد بدا

ولا غُرابُ الاغترابِ قد نَعب

فاليومَ قال الخَطْبُ للعَيْنِ اسهري

فِكْراً وقال النّأيُ للمَفْرِقِ شِب

لي بعدَ أُلاَّفى الّذينَ رحَلوا

وخَلَّفوا صَبْرِي كلُبّى مُنتَهَب

إنسانُ عَيْنٍ لم يَزُرْهُ غَيرُهم

إلا وألقَى سِتْرَ دَمْعٍ فاحتَجَب

لعلّ سُكّانَ فؤادي ظَنُّهم

أنْ قد سلا على البعاد أو كَرَب

لا والّذي أطلَع شُهْباً للورَى

مَعدودةً قَسَّمها على رُتَب

فللسّماء سَبْعةٌ وواحدٌ

للأرضِ والفَضْلُ له على الشُّهب

شهابُ دِينٍ ما تَوشَحتْ لنا

بمِثْلِه دُهْمُ اللّيالي والشُّهُب

نَوْءُ ندىً يُستمطَرُ الوَفدُ به

ففي يدَيْهِ أبداً عَشْرُ سُحُب

ما جاد بالطّبعِ الحيا وإنّما

ذَيْلٌ له يوماً على السُّحبِ انسحب

إن يكُ للأفلاكِ سَعْدٌ طالعٌ

يَحمدُهُ قَوم لحظٍّ قد يُهَب

فللورى أسعَدُ إن كان لها

سَعْدٌ وللأرجحِ ما زال الغَلَب

نّدْبٌ أحَبَّ المجدَ حتّى أنّه

لو لم يَرثْه من أبيهِ لاغتصَب

يَعصي العذول في النّدى وما عصَى

لُوّامَه إلاَّ فتىً بالجُوِد صَب

له صَلاةٌ من صِلاتٍ دائما

يُقيمها من واجبٍ ومُستَحب

يَرُبُّ ما يَصنَعُ من مَعروِفه

ورُبّ إحسانٍ وليدٍ لم يُرَب

لم أر أوْفَى أدباً منه ولا

عن عِرْضِ وافِي أدَبٍ منه أذَب

يا تابعاً إلى العلاء خَطْوَه

في تَبَعِ النّجم إلى الأُفْقِِ تَعَب

فِعالُه مادِحُه وشِعْرُنا

يَروِي فلا يَمَسُّنا فيه نصب

ما دارَ عالي فَلكٍ من لَفظنا

بمدحِه إلاّ ومَعناه القُطب

إذا الكماةُ خَضّبوا أرماحَهم

أخجلَها بقَلَمٍ له خَضِب

طِرْفُ نُهىً لكنْ بفَرْدِ طِرفٍ

له به ما شاء جَرْىٌ وخَبَب

يُزْهَى بعُرْفٍ أسودٍ ولَبّةٍ

تَرى لها من أنمُلٍ بيضٍ لَبَب

إذا استّوى بنانُه في مّتْنه

بَرَّز سَبْقاً في مضاميرِ الكُتب

له يَدٌ آثارُها عُلوّيةٌ

قَطْرٌ إذا جادَ وبَرْقٌ إن كتب

طَبٌّ بأسرارِ الأمورِ حازمٌ

يُهْدِي شِفاء المُلْكِ من كلِّ وَصَب

مُناصِحٌ سلطانَ عَصْرٍ تُشرق ال

أرضُ إذا ما هو بالتّاج اعتَصَب

مَولىً إذا جَرَّ الجيوشَ للوغَى

لم يَبْقَ فوق الأرض للرّيحِ مَهَب

تَبقَى طوالَ الدّهرِ حيث صَفّها

من قصَدِ المرّانِ وهْو مُحتَطَب

إذا غزا شاغَلَ عَرْضُ خيْلِه

شمسُ الضّحى حتّى تَوارَى بالحُجُب

من كُلٍ مُبْقيِ شَفَقٍ من عَلَقٍ

مُعتَبِطٍ يَطلُع من حيث غَرَب

مُعتصِميُّ العَزْمِ حَثَّ خيلَهُ

للغَوْوِ حتّى حازَ حُسنَ مُنقلَب

مُكْتفياً برأيهِ عن صاحبٍ

والجِدُّ في أيدي ذوىالرأي لَعِب

كأنّما أَبدَى احتقارَ قِرْنِه

فطَرح الفِرزانَ طَرْحاً وغَلَب

لا زال للمُلْكِ ولا زلْتَ له

تَقضي لحقِّ المُرتجينَ ما وَجب

قلتُ لقلبي ولَرُبَّ عارضٍ

غدا فلم يَقْطُرْ وراح يَنسكب

لا تَأيَسَنْ إن خان حظٌّ مَرَّةً

كم صَدَق الفجرُ عُقَيْبَ ما كذبَ

خُذها إليك مِدْحةً صاحبُها

كما اقتضى تَراكمُ الفِكْرِ اقتَضب

تحيةً لكنّها من زائرٍ

أَوصَلَ ما كان هوىً إذا أَغَب

إن كان من عامٍ بيومٍ قانعاً

ولم تكُن دون المُلاقاةِ حُجُب

فوَقفةٌ من الفتى واحدةٌ

في عَرَفاتٍ فَرْضُ عُمْرٍ تُحتَسَب

جاءتْكَ من صَوبِ المعاني رَوضةٌ

قد جَمعَتْ زَهْرَ الكلامِ المُنتخَب

تُحفةُ نَيروزٍ أَتَتْك غَضّةً

فَخُذْ لعِيدِ الفُرْسِ من قِيلِ العَرب

واسْعَدْ به وافِدَ يُمْنٍ يُجتَلى

ومِثْلُه في العِزّ أَلفْاً يُرتَقَب