صب مقيم سائر فؤاده

صَبٌ مقيمٌ سائرُ فُؤادُهُ

طَوْعُ الهوى مع الخليط المُنْجِدِ

غائبُ قَلْبٍ حاضِرُ ودادُه

لِمَنْ نأى في عَهدِهمْ والمَعهد

له جوىً مُخامِرُ يَعتادُه

إذا اشتكى طيفَ الكَرى في العُوّد

لصَبْرِه يُكابِرُ اتِّقادُه

حَشْوَ الحشَا بعد الحسانِ الخُرَّد

ودمعُه يُكاثِرُ اشْتِدادُه

خوفَ النّوى يَقولُ للنّومِ ابْعُد

ما الصّبْرُ إلا غادرُ إنجادُه

إذا بَدا جيشُ النَّوى من بُعُد

لولا حَمامٌ هادرُ إسعادُه

يَنْفَى الجوى بلَحْنِه المُردَّد

كأنّه مَزاهِرُ أجيادُه

السودُ الحُلَى من كُلّ شادٍ غَرِد

مُرْخىً له ستائرُ أعوادُه

الخُضْرُ الذُّرا لِظلّهنَّ يَرتَدي

وافَى ربيعٌ باكِرُ أجنادُه

حين مضَى سُلطانُ بَردٍ مُعْتَد

أسلفَ وهْو تاجِرُ عِهادُه

ثُجْرَ الثّرى اللُّؤلؤ بالزّبرجَد

فكلُّ قُطرٍ ناشرُ وهادُه

مع الرُّبا ما مِثْلُه لم يُعْهَد

وجْهُ الرّياضِ زاهِرُ قُصّادُه

مَن اعتنَى بحَذْفِه لم يُرشَد

لا يَجتويه ناظِرُ مُرْتادُه

إن اهتدى ودَعْه إن لم يَهْتَد

عن خَدِّ خَوْدٍ سافِرُ مُرّادُه

وقد زها بالنّرجس الغَضّ النّدي

ناظِرُ تِبْرٍ ناضِرُ نَقّادُه

له اشترى أصفَرَه بالأسْود

لُجيْنُه محَاجِرُ تَصْطادُه

إذا رنَا بحَدقٍ من عَسْجَد

فاللّحظُ منه ساحِرُ إحدادُه

إذا ذكا من شِدّة التَوُّقد

واللّونُ منه سافِرُ أضدادُه

من السّنا كَجَمرةٍ والجَمَد

وللشَّقيق ناظِرُ سَوادُه

قد ارتَوى بلا اكتحالِ إثمِد

وسْطَ الدّماء حائرُ سَوادُه

ممّا بكَى يُديرُ عينَ أرمَد

بل هو خَدٌّ ناضِرُ وَقّادُه

لمّا التظَى زِينَ بخالٍ أسود

والأقحوانُ فاغِرُ بِرادُه

عن مُجتلى مِثْلِ صغارِ البَرَد

حُسْنٌ لَعمْري وافِرُ أعدادُه

بها اكتفَى وجْهُ النّباتِ الأغيَد

نَيروزُ سَعْدٍ زائرُ مُعادُه

أسنَى القِرَى طُلوعُه بالأسعُد

حاشِدُ أَنسٍ حاشِرُ أَجدادِهِ

أَبلى الأَسى فَأَبلِهِ وَجَدَّد

لِجَيشٍ هَمّي كاسِرُ إِمدادُهُ

حينَ سَرى في عَدَدٍ وَعُدَد

فَكُلُّ ماءٍ مائِرُ أَكبادِهِ

مِمّا اِرتَقى مِنَ الغُصونِ المُيَّد

وَكُلُّ خَوطٍ خاطِرُ مَيّادُهُ

هَزَّ القَنا فَالنَهيُ كَالمُرتَعِد

فَمَتنُهُ مُطامِرُ جِيادُهُ

مَعجُ الصِبا بِدائِمِ التَرَدُّد

كَما ذَكَت مَجامِرُ نِجادُهُ

نَشرٌ شَذا مَعَ الهُبوبِ السَرمَد

أَو فُصِّلَت جَواهِرُ تَنضادُهُ

يُهدي السَنا في جيدِهِ المُقَلَّد

أَو صُقِلَت بَواتِرٌ أَو رادُهُ

مِلءَ المَلا صَفَت فَما فيها صَدي

لَولا سُرورٌ هاجِرُ مُعتادُهُ

قَلباً عَصى وَالعيدُ بِالمُعَيِّد

وَحُرُّ صَدرٍ واغِرُ إيقادُهُ

مَعَ البُكا في صَبَبٍ وَصَعَد

الدَمعُ مَنّي حادِرُ إِصعادُهُ

لِلمُنتَأى عَن فِلَذٍ مِن كَبِد

فُؤادُ مُضني طائِرُ رُقادُهُ

يُرمي الفَلا بِناظِرٍ مُسهَّد

وَلِلسُها مُسامِرُ سُهادُهُ

إِذا اِنتَحى بِاللَيلِ أَو لِلفَرقَدِ

لِهِمَّةٍ يُساوِرُ اِنفِرادُهُ

إِذا دَجا وَالشَجوُشَجوُ المُفرَدِ

لَهُ اللَظى ضَمائِرُ زَنادُهُ

إِذا وَرى شُواظُهُ لَم يَخمُدِ

كَم راحَ دَمعٌ بادِرُ تَجَوادُهُ

حَتّى اِغتَدى مبتسما عن فَدفَدِ

وَصاحَ مُزنٌ هادِرُ إِرعادُهُ

حَتّى رَمى بِطنَ الثَرى بِالوَلَدِ

حَتّى التُرابُ الحائِرُ اِعتِقادُهُ

الَّذي رَسا مُغَيَّبَ المُعتَقَدِ

أَسلَمَ وَهوَ كافِرُ صِلادُهُ

حَتّى حَكى صُنعَ المَليكِ الصَمَدِ

وَبَرَّ وَهوَ فَاجِرُ ثِمادُهُ

يَشفى الصَدى وَعَدُّهُ لا يُعدَدِ

بَل يَومُ فَصلٍ حاشِرُ ميعادُهُ

مَوتى الكَلا عَن قَعرِ كُلِّ مُلحَدِ

تُبلى بِهِ السَرائِرُ اِرتِصادُهُ

لِما اِنطَوى مِن مُصلِحٍ وَمُفسِدِ

فَكُلُّ حَبٍّ ثائِرُ مُبادُهُ

وَاِبنُ الحَيا ما عاشَ لَو لَم يوأَدِ

تُهدي بِهِ البَشائِرُ اِستِردادُهُ

مِنَ الرَدى بَعدَ تَلاشي الجَسَدِ

ما لِلخَليعِ زاجِرُ صَدادُهُ

عَمّا اِشتَهى لِعَذل أَو فَنَدِ

باطِنُهُ وَالظاهِرُ اِتِّحادُهُ

وَهَل تَرى قَلبَ دَدٍ غَيرَ دَدِ

لَولا زَمانٌ دائِرٌ مَقادُهُ

عَن الأَذى إِلى المَعاشِ الرَغَدِ

لَكانَ بَيعُ خاسِرُ نَقّادُهُ

شَمسُ الضُحى بِحَمَلٍ لِأَسَدِ

كَيفَ اِستُعيضَ فَادرُ تَقتادُهُ

لِيُقتَنى بِأَغلَبِ ذي لِبَدِ

ساءَ وَرَدَّ خادَرُ تَعتادُهُ

لَها حِمى وَغَيرُهُ لَم يُعدَدِ

شَمسُ النَهارِ القاصِرُ اِنتِقادُهُ

حَيثُ اِكتَفى بِشَرفٍ مُجَدَّدِ

وَذو العَلاءِ الباهِرُ اِزدِيادُهُ

قَرمٌ سَما بِهِ شَريفُ المَحتِدِ

سَحابُ جودٍ ماطِرُ تِلادُهُ

نَهبُ النَدى لِحِفظِ مَجدٍ مُتلَدِ

لِلدَينِ مِنهُ الناصِرُ اِستِنجادُهُ

إِذا دَعا غَداةَ خَطبٍ موئِدِ

قاضي القُضاةِ طاهِرُ عِمادُهُ

خِدنُ العُلا النَدبُ أَبو مُحَمَّدِ

أَوَلُّ فَضلٍ أَخِرُ ميلادُهُ

دينُ الهُدى بِغَيرِهِ لَم يُعمَدِ

لِلكَسرِ نِعمَ الجابِرُ اِستِرفادُهُ

فَلا وَهيَ مِن ناصِرٍ مُسَدِّدِ

ناهي زَمانٍ آمِرُ يَقتادُهُ

كَما أَرتَضي أَنّي يَقُدهُ يَنقَدِ

لَهُ بِمِثلٍ عاقِرُ وَلّادُهُ

مَعما يُرى مِن كَثرَةٍ في العَدَدِ

لَعِدلِهِ مُستَأسِرُ آسادُهُ

وَعرُ السُطا بَحرُ النَدى بَدرُ النَدى

نافِعُ دَهرٍ ضائِرُ أَعدادُهُ

لِما عَرا يُطيلُ غَيظَ الحُسَّدِ

إِن جارَ خَطبٌ جائِرُ فَعادُهُ

عَقدُالحُبا لِحَلِّ كُلِّ عُقَدِ

رَأيٌ وَحَزمٌ ظاهِرُ سَدادُهُ

إِذا قَضى بِفَيصَلٍ في مَشهَدِ

وَلا حُسامٌ باتِرُ أَغمادُهُ

مِنَ الطُلى في جيدِ كُلِّ أَصيَدِ

مِنهُ النَجيعُ قاطِرُ فِرصادُهُ

إِذا جَلا عَن خَدِّهِ المُوَرَّدِ

ساعٍ سِواهُ الفاتِرُ اِجتِهادُهُ

إِذا اِرتَقى إِلى بُلوغِ الأَمَدِ

وَمَن عَداهُ الغادِرُ اِستِمدادُهُ

إِذا دَنا فَاِعدَم سَراباً أَوجِدِ

لِلَهِ لَيثٌ هاصِرُ زِيادُهُ

إِذا سَطا يَثنى العَدُوَّ المُعتَدي

مِنهُ وَغَيثٌ هامِرُ مُرادُهُ

إِذا سَخا رائِحُهُ وَالمُغتَدي

عَلى المَوالي ناثِرُ أَصفادُهُ

قَطرَ جَدا يَنظِمَ شُكرَ الأَبَدِ

وَلِلمُعادي آسِرُ صِفادُهُ

عَفوٌ حَمى حُشاشَةَ المُصفَدِ

خَيرُ فَتىً أَخائِرُ أَجدادُهُ

إِذا اِنتَمى مِن كُلِّ قَومٍ نُجُدِ

يَنميهِ إِن تَفاخَروا أَمجادُهُ

الغُرُّ الأَلى مَهما بَنوا يُشَيَّدُ

فَزارَةُ الأَكابِرُ اِعتِدادُهُ

فَهوَ الفَتى وَالأَمجَدُ اِبنُ الأَمجَدِ

قُطبٌ عَلَيهِ الدائِرُ اِعتِمادُهُ

شَمسُ عُلا أَبو نُجومٍ وُقَّدِ

وَاللَهُ رَبٌّ قادِرٌ إيجادُهُ

السَبعُ العُلى رَفعاً بِغَيرِ عَمَدِ

وَبِالعِمادِ ظاهِرُ إِمدادُهُ

حَتّى اِعتَلى سَماء دينِ أَحمَدِ

إِحسانُهُ المُظاهِرُ اِطِّرادُهُ

الَّذي كَفى شَرَّ الزَمانِ الأَنكَدِ

سَميرُ لَيلٍ ساهِرُ سَجّادُهُ

يَثني الدُجى صُبحاً إِذا لَم يَسجُدُ

لِكُلِّ حَمدٍ ذاخِرُ إِرصادُهُ

مِنَ النَهى وَاليَومُ رَهنٌ بِالغَدِ

فارِسُ مِنهُ عامِرُ بِلادُهُ

فَلا عَفا مِن بَيتِ مَجدٍ أَتلَدِ

يَعِزُّ مَن يُجاوِرُ إِسنادُهُ

دونَ الغِنى فَهوَ لِكُلِّ مُجتَدِ

صَعبٌ فَلا تُخاطِروا قِيادُهُ

مَتى أَبى وَمَن يُحامِ يَذُدِ

نَهبٌ أَلا فَبادَروا أَرفادُهُ

وِردَ القَطا مَن لَم يَفِد لَم يُفِدِ

بَلا هوَ بَحرٌ زاخِرُ مَدّادُهُ

إِذا طَما وارِدُ مَن لَم يَرِدِ

فَحامِدٌ وَشاكِرٌ وَفّادُهُ

إِذا اِنتَدى وَاليَدُ صيغَت لِليَدِ

بِكُلِّ عِزٍّ ظافِرُ قُصادُهُ

مَعَ المُنى وَالعِزُّ عَذبُ المَورِدِ

لِمالِهِ مُشاطِرُ مُرتادُهُ

إِذا عَفا وَقَولُهُ عُد أَعُدِ

فَالشِعرُ عَظمٌ ناخِرُ مَعادُهُ

فَقَد قَضى بِرِفدِهِ المُستَرفَدِ

بِالجودِ مِنهُ ناشِرُ أَجسادُهُ

بَعدَ البِلى وَالجودُ حَشرُ السُؤدَدِ

نَوروزُنا مُسافِرُ مُرادُهُ

مِنّا السُرى مِثلَ الرَفيقِ المُسعِدِ

فَهوَ لِكُلِّ وافِرُ إِسعادُهُ

وَإِن غَدا لِلإِرتِحالِ مَوعِدي

وَهوَ لِقَلبي ذاعِرُ إِبعادُهُ

فَردُ الذُرا المُكثِرُ غَيظَ حُسَّدي

وَها أَنا مُسايِرُ وَزادُهُ

إِذا اِنثَنى وَجدٌ بِكُم لَم يَبرُدِ

ماضٍ وَلِكَن غابِرُ إِحمادُهُ

وَما عَسى يَقولُ إِن لَم يَحمَدِ

لِلقُربِ مِنكُم ذاكِرُ بِعادُهُ

ذِكرَ الصِبا يُسنَدُ طولَ المُسنَدِ

مُواصِلٌ مُهاجِرُ تَردادِهِ

كإِبنِ الكَرى أَقرَبُهُ كَالأَبعَدِ

بِفَضلِكُم يُذاكِرُ اِمتِدادُهُ

حَيثُ اِنتَهى مِن مَنزِلٍ وَمَقصَدِ

كَذا النَسيمُ العابِرُ اِعتِيادُهُ

إِذا سَرى اِستِصحابُ نَشرِ البَلَدِ

عَنِ الرِياضِ آثِرُ رُوّادُهُ

لِما حَوى مَن لَم يَجِد لَم يَجُدِ

وَكُلُّ بَحرٍ صادِرُ وُرّادُهُ

إِذا سَقى فَاصدُر عَزيزاً أَو رِدِ

وارِدُهُ المُستَأخِرُ اِستِعدادُهُ

إِذا اِستَقى مِن فَيضِ بَحرٍ مُزبِدِ

إِنَّ الزَمانَ غادِرُ عِنادُهُ

إِذا التَوى عَلى الفَتى لَم يَكَدِ

وَالحُرُّ فيهِ صابِرُ عِتادُهُ

عَقدُ عِرا أَغوارِهِ بِالأَنجُدِ

كَما اِقتَضى المَقادِرُ اِنقِيادُهُ

كَيفَ حَدا يَقولُ لِلعيسِ خِدي

جاءَكَ شِعرٌ نادِرُ إِنشادُهُ

لَمّا أَتى عِقداً بِغَيرِ عُقَدِ

في حُسنِهِ نَظائِرُ أَفرادُهُ

مَعَ الثَنى مِن دُرِّهِ المُنَضَّدِ

تَقضي لَهُ المَشاعِرُ اِستيعادُهُ

إِذا اِرتايَ بِشَرفِ التَفَرُّدِ

سامِعُهُ المُحاضِرُ اِستِشهادُهُ

بِما اِكتَسى مِن عَبَقٍ لَم يَنفَدِ

يَقولُ وَهوَ عاطِرُ أَبدادُهُ

بِماجَرى مِن ذِكرِكَ المُجَدِّدِ

بِالمِسكِ كانَ الساطِرُ اِستِمدادُهُ

وَهَل وَفى مِسكٌ بِخُلقِ أَمجَدِ

قَد خَطَّهُ المُبادِرُ اِستِنشادُهُ

لِما وَعى مِنَ القَوافي الشُرَّدِ

سابِقُ فِكرٍ ضامِرُ جَوادُهُ

ذاتُ خُطاً بِأَربَعِ كَالجَلمَدِ

في كُلِّ شِعرٍ فاخِرُ مُجادُهُ

إِذا اِزدَهى قَومٌ بِغَيرِ الجَيِّدِ

وَالفَضلُ صَمتٌ سائِرُ تَعتادُهُ

بَينَ الوَرى إِن قُلتَ ما لَم يُحمَدِ

إِن كانَ نَظمٌ نافِرُ نَقّادُهُ

لا مُنتَقى مِثلَ اللآلي البَدَدِ

يا مَن بِهِ مُفاخِرُ أَعيادُهُ

عِش ما تَشا في العِزِّ وَاِغنَ وَازدَدِ

مَلكٌ إِلَيهِ صائِرُ إِسنادُهُ

حَتّى اِحتَمى فَدُم مُطاعاً وَاِخلُدِ

أَنتَ الهُمامُ القاهِرُ اِستِعبادُهُ

مَعَ الفَتى وَصادِقُ التَعَبُّدِ

فِدىً لَهُ أَصاغِرُ حُسادِهِ

مَعَ العِدا مِنسَيِّدٍ وَسَنَدِ

أَما اِمرُؤٌ مُجاهِرُ أَفتادُهُ

بِهِ طَغى وَقَلَّ ذاكَ المُفتَدى

أَو عارِفٌ مُناكِرُ كِيادُهُ

كُلٌّ فَدى عَلائِكَ المُحَسَّدِ