لا يغضبن لعمرو من له خطر

لا يغْضَبنّ لعمرو من له خطرٌ

فليس يرضى بضيمي من له خَطَرُ

لاسيما ولقولي فيه منزلةٌ

من سيد مثَّلاهُ الشمس والقمر

لضحكةٌ منه أوْلى أن أُسَرَّ بها

من ضحكة الروض وشَّى بردَهُ الزهرُ

لو كنت أعلم أن الشرك يُضحكهُ

أشركتُ بالقرد عمروٍ أنه عَبرُ

فإن تعجّب قومٌ قلت ممتثلاً

قولَ الفرزدق فيما أدَّت السِّيَرُ

أيعجب الناس أن أضحكتُ سيدهم

خليفةَ الله يُستسقى به المطر

وإنني مستعير عرضَ عَمْرِهُمُ

شهراً من الحول كي يُقضَى به وطر

كما استعار عليٌّ هامَ شيعته

تحت الظُّبا ساعةً فيما حكى الخبر

وليس يُغبَن عمرو في إعارته

إياي عِرضاً سيبقى فيه لي أثر

يُعيرنيه دَريساً ثم يأخذهُ

مني جديداً مُوَشّىً كله حِبر

يا عمرو لا تمنعنّا ما نُسرُّ به

فإن ذلك لؤم منك أو خور

وقد أعار خيارُ الناس هامَهمُ

إمامَهم ولأهل الفضل مصطبر

دع ذا فأنت حقيقٌ أن تكافئني

لو كنت تدري وأنَّى يفْقه الحجر

نبّهتُ ذكرَك حتى عاد خاملُهُ

بدراً وكان سِراراً دونه سُتُر

سخرتُ فيك هجائي بعد ما ذَئِرتْ

منك القوافي وقِدْماً عيفت القُذَر

وإن تسخير فكري فيك قافيةً

لسُخْرة منه خفَّت عندها السُّخَر

فاشكر وهيهات أن تُهدى لشكر يدٍ

وكيف يُهدَى غَويٌّ قَصْرُهُ سَقَر

أستغفر الله لم تُشهرك حادثةٌ

بل أنت قدماً بذاك الأنف مشتهَر

بل أنت كلك شيء لا نظير لهُ

فيما رأينا وفي أشياءَ تنتظر

فاشكر إلهك لا تشرِك به أحداً

إن كان يُشكَر شيء كلّه شُهَر

يا عمرو لو قلبت ميمٌ مُسكَّنةٌ

باءً محرَّكةً لم تُخطأ الفُقَر

فإن ضنِنت بميم كاسْتِ صاحبها

فبدِّل العينَ غيناً أيها الغَمَر

ولا تميلنَّ عن عمرو إلى عُمَرٍ

فينتضي لك من أكفانه عمر

ويغضب اللَّه والسبع الطِّباق له

وساكنوهنّ والأبرار والسور

سمَّتك يا عمرو عمراً وهي ظالمةٌ

رِمامُ سوءٍ وقد أودى بها العَفر

فادعُ الإله عليها غير مُتَّئبٍ

وغيِّر اسمك حلَّت باسمك الغِير

خيِّم على عَبر واقنع بها سِمةً

فيها لمثلك إن أنصفت مُقتصَر

سامح أبا العبر المسكين في ولدٍ

يُعزَى إليه وكُنْه أيها العبر

أصبحت تصلح مصداقاً لكنيته

دعوى شواهدُها أخلاقك العرر

أنت ابنه غيرَ شكٍّ يا أبا حسنٍ

فاذهبْ ظفرتَ بما لم يأمل الظَّفر

حَصَّلته هاشمياً لا نظير له

مِلْحاً وظرفاً وإن قال الخنا نفر

وما أتى بك حياً بل صَدى حُفرٍ

وهكذا تلد الأصداء والحفر

لو كنت من ولد الأحياء ما اكتسبتْ

يداك دَهْيَاءَ لا تُبقي ولا تَذر

أعجِبْ بناسل عمروٍ وهْو في جدثٍ

وفي الحوادث آيات ومعتبَر

وإنّ أعجب من عمروٍ وناسِله

لأنْ غدا وهو محجوج ومُعتمَر

جبسٌ يهرُّ على الأحرار حاجبه

وآفةُ الناس أن تستأسِد البقر

وأن يكون له بغلٌ وآلته

وأن يسير وقد حَفَّت به الزمر

مخبَّل الخَلق في أوصاله حَوَل

كأنّ خِلْقته ثوب به شَطَر

أو شكل ميزان قتٍّ جانبٌ صَعَدٌ

وجانب ثقَّلوه فهو منحدر

للعين في وجه عمرو مقبِلاً طِيَرٌ

وفي قَفاه لها مستدبراً عبر

فإن تطاوَحَ فيه طرفُها صُعُداً

أضحى له ولها في طولها سفر

قالت مقابحُ عمروٍ عند موقعه

في أمه ما لمثلي افتُضّت العُذر

أنَّى يكون لنفسٍ حرة سَكَناً

وليس فيه لكلب جائع جَزَر

إني لأحسب عمراً من طفاستِه

يُضحي وفي بعضه عن بعضه زَوَر

يا ابن الوزير الذي جَلَّت وزارتُهُ

أنَّى يُراح إلى عمرو ويبتكر

قد أنكر الحزمُ أنّا كلَّ شارقةٍ

تُضحى بعمرو لنا ذنبٌ ومعتذَر

يُزري علينا به قوم فيجشِمنا

تمويهُ عذر وبعض العذر معتسَر

ولا يني مُستخِفّاً بامرئٍ وجبتْ

عليك بالميل والزلفى له أُجَر

منها الكرامة وهي الفرض توجبهُ

وعند طولك أنفال له أُخَر

وما دعاه إلى استخفافه درَكٌ

لكن دعاه إليه الجهل والبطر

وليس تخطئ ذا الخرطوم واحدةٌ

من اثنتين إذا ما حُصحِص النظر

جهالة وتعدٍّ في إهانته

مولاك والذنب في هاتيك مغتفر

لكن عَتاد أبي الخرطوم سيدنا

كبيرة صغُرت في جنبها الكُبر

قد امتطى القردُ في إتيانها غَرَراً

يا واحد الناس فليعثُر به الغرر

أما رآك وقد أكرمتني طرفاً

من النهار أما كانت له ذِكر

أما درى أن ما عظَّمت قيمتهُ

فهو العظيم وما حَقَّرت محتقر

لشدّ ما أقدمتْ بالأمس عزمتُهُ

على التي أعوزتْ أنصارها العِذر

فإن هم عُذروا بالجهل صاحبها

فليس في رفض أعمى القلبِ مؤتمر

ممن يرى أن رزء العِرْض مُجتَبرٌ

ولا يرى أن رزء المال يجتبر

وما الصواب سوى استقصاء نعمتهِ

وكلُّ نعمى على أمثاله هدر

كيما يكونَ لأقوام به أدبٌ

وفي النَّكال عن الزلات مزدجَر

والحمد للَّه شكراً لا شريك لهُ

على الأمور التي يجري بها القدر

وسائل لي ما عمرو وموضعه

أأعوزتْ رأيَ ذاك السيدِ الخِيَر

فقلت كلّا ولكن طوله عجبٌ

بمثله شُغِل السُّمار والسمر

ما زال ذا مِننٍ تُهدَى إلى شبحٍ

ما فيه مَسْدىً لعُرف حين يختبر

محاوِلاً فعلَ عرف لا يخالطهُ

شوبٌ سواه وذاك الصفو لا الكدر

وللصنائع والآلاء تصفيةٌ

عند الكرام تراها تلكمُ الفِطر

خِرْقٌ تراه بفعل الغيث مقتدياً

والغيثُ يُنعِم حتى يُعشِب المَدَر

فلن تراه وفي عرفٍ يجود به

ترشيح شكر وهل للغيث مُتَّجر

كافٍ كسى الناسَ طراً من فواضله

ما ليس في ثوبه ضيقٌ ولا قِصر

كالغيث يصبح مغموراً بنائله

أفاضلُ القوم والأنعام والشجر

هذا على أن فيه فضلَ تكرمةٍ

للأفضلين ولِمْ لا تُمسَح الغرر

مثل الفراسيِّ والنحوي صاحبهُ

وكالملقَّب فهو الغُنج والحور

ذاك الذي لم يزل ظرفاً ونادرةً

كأن مَحْضَره الأصداغ والطُّرر

وكالطبيب أبى إسحاقَ إن لهُ

نفعاً مبيناً إذا ما أجحف الضرر

وما نسيتُ أبا إسحاقَ مائرنا

تلك الفكاهات سِيقتْ نحوه المِير

بحر المعاني ثِقافُ اللفظ قيِّمهُ

إذا تَعاجَم فيه البدو والحضر

وكيف أنسى امرأً يحيي محاسنهُ

ذكراه عندي إذا ما ماتت الذِّكَر

وكالنّطيف نزيف إنه لهبٌ

ذاكٍ له حركات كلها شَرَر

ذاك الذي لم يزل طيباً ومنفعةً

كأن مشهده الآصال والبُكر

أقسمت لو لم تحصِّنا حرارتُهُ

من برد عمرو لقد أودتْ بنا القِرر

ولي إلى ابن فراس عودة وجبتْ

له عليّ بحق إنه وَزَر

ذو مخبر بارعٍ في منظرٍ حسنٍ

فيه لذي الفخر بالخدّام مُفتخَر

كأنه حين يجري في كتابته

له طريق إلى العلياء مختصر

صَفّاه من كل عيب أنه رجلٌ

ما إنْ يزال له من عائب حذر

سيفٌ محلّىً تروق العين حليتُهُ

وصارمٌ حين يتلو حده ذَكر

ولا يخونُك في سرٍ ولا علنٍ

أمانةً أو يخون السمع والبصر

ليست مثانيه من نبعٍ لعاطفه

ولا مكاسِرهُ للمعتدِي عُشَرُ

تطرّفت شِرَرٌ منهُ حباهُ بها

شرخُ الشباب ولم تنقض له مِرَر

وربّما نفختْ في ناره هَنَةٌ

فاستوقدتْ شرراً ما مثلها شرر

حامٍ بحزم حمى السلطان في كرمٍ

رامٍ بعزم إذا عنَّت له الفُقَر

يُثني السهامَ عن المرمى وآونةً

يُمضي السهام إذا لاحت له الثُّغَر

لا يورد الأمر أو تبدو مصادرهُ

ولا يرى الوردَ ما لم يمكن الصَّدَر

أضحتْ كتابتهُ بيضاءَ تشبههُ

يُجبَى بها الحمد للسلطان والبِدَر

وكلُّ ما قلته فيه فسيدنا

أولَى به وهو من حقت له الأُثَر

وللعروق ثمارُ الفرع تمنحها

أغصانُهُ وللبِّ الهامة الشعر