تراءت لك الأيام باسمة الثغر

تراءت لك الأيام باسمة الثغر

ووجه التهاني قد تهلل بالبشر

وروض سماء الفضل اينع مزهرا

بسارية الاقمار والانجم الزهر

وابدت احاديث الصبا عنه ما انطوى

وعادت الينا وهي طيبة النشر

وأضحت دمشق الشام تزهو وقد غدا

لها الشرف الأعلى فدعني من مصر

وفاقت على السمر الرشاق غصونها

اذا ما تثنت في غلائلها الخضر

وجبهتها الغراء سافرة غدت

تضىء بها الاقمار في حندس الشعر

وحسنا زهت تلك البقاع وقد حلت

كما قد حلا الروض الموشع بالقطر

وعادت اسآت الزمان وقد صفت

بها حسنات في نقا وجنة الدهر

وجمجمت الشقرا بميدان شوقها

سروراً وقد يممتم ساحة القصر

وقد فزت من لقياكم اليوم بالمنى

وقلت لعمري هذه ساعة العمر

فذا اليوم في الايام لا يوم مثله

كما في الليالي قد بدت ليلة القدر

بماذا ترى ندعوك يا واحد العلا

أكاتب سر انت ام كاتب البشر

دعيت وقد وفقت يوما لامرها

فكنت لها نعم الموفق في الامر

ومنها لقد حليت ما كان عاطلا

ولا شيء للحسناء كالعقد في النحر

ووفيتها ما فوق فوق حقوقا

فلا بدع ان تختال في حلل الفخر

وخزت من المجد الرفيع مكانة

سموت بها قدرا على هامة السنر

فللّه من اقلامك السمر انها

تفوق على تلك المثقفة السمر

وسقيا لها بالجود تورق والندى

وتثمر بالمال الجزيل وبالوفر

بها امدد يمينا طالما جزرت عدا

فديت يدا بالمد جاءت بالجزر

تجود بما لا جاد من قبل غيرها

وتعطي عطا من لا يخاف من الفقر

فدع كل وصف عند فيض نوالها

وقل ما تشا عنها وحدث عن البحر

وحقك لم استوف في المدح بعض ما

عليّ لها من واجب الحمد والشكر

وهاك فلي عذر اقام به الهوى

فيا صدق من قد قال ان الهوى عذري

اتيت الى علياك استمطر الندى

فقابلتني باليسر في ساعة العسر

وكم جئت صفر الكف بابك قبلها

فعادت بدي ملأى من البيض والصفر

وقالوا أتحكي البحر يمناه في الوفا

فقلت لهم والفرق يسفر كالفجر

فيالخير تأتي في الزيادة هذه

وذلك يأتي في الزيادة بالكسر

له راحة تروي المكارم عن عطا

كذا وجهه يروي الطلاقة عن بشر

به قسما ما ان له من مضارع

وتلقاه في افعاله ماضي الامر

من الاكرمين السابقين إلى العلا

من الصفوة الانجاب والسادة الغر

كرام بنو العباس من نسل هاشم

وعبد مناف من قصى ومن فهو

فيا لك من مجد اثيل حويته

وقدر عظيم الشأن جل عن القدر

فدونكها بكرا اذا ما اجتليتها

فتغنى بها عن كل غانية بكر

لنحوك وافت من خباها كأنها

وقد سفرت عذراء تبدو من الخدر

مهذبة فاقت معاني صفاتها

بنات بني الآداب انتجها فكري

ويأخذ بالالباب سحر كلامها

فهل اخذت عن بابل صنعة السحر

مكررها في الذوق لو لم يكن حلا

لما ظهرت تلك الحلاوة من شعري

فدم في ذرى الاقبال وارق سما العلا

على كاهل المجد الرفيع مدى الدهر

فلا زال في العلياء بدرك كاملا

وسعدك زاو بالكمال وبالبدر

ونلت فخارا ما بدا الروض يانعا

وما رنحت اعطافه نسمة الفجر