تعشقته ظبي الكناس إذا عطا

تعشقته ظبيَ الكناس إذا عطا

وعلّقته ليث العرين إذا سطا

وأسكنته عيني فزادَ ملاحةً

وقد راحَ فيها بالدّموع مقرطا

نصبت له من قبل أشراك هدبها

فباتَ بها طول الدّجى متورّطا

وخلفتها بالدَّمع شكراً لأنه

إليها من الجنَّات فرّ وأهبطا

وكم من عذولٍ رامَ منيَ سلوةً

وأمسى كقلبي بالهموم مخلّطا

فما زادني في الحبّ إلاَّ تسرُّعاً

وما زادني في الصبر إلا تثبُّطا

أأترك ذاكَ الريق كالشهدِ مخبراً

وأطلب صبراً ما أشرّ وأحبطا

عليَّ يمينُ لا سلوت مهفهفاً

ولا بتُّ في رمَّان صدرٍ مفرّطا

ولا حلت عنهُ فاتر اللحظ أغيداً

يخرُّ له الغصن الرطيب إذا خطا

تصيدني من شعرهِ بحبائلٍ

غدوت بها عمَّا سواهُ مربطا

ولم أرَ مثل البند ما بين خصره

وأردافه من جورها قد توسطا

يطول إذا لم ألقَه عمرُ الدّجى

إلى أن أراهُ بالكواكبِ أشمطا

ليالٍ تولت ما أرقّ معاطفاً

وعيشاً تقضى ما ألذّ وأغبطا

رمى ثغرهُ كاللؤلؤ الرطب ساطعاً

علي جيده زاهي النظام مسمّطا

فيا حامي الإسلامَ من كلماته

بأجهد من حربِ الأسود وأربطا

أحاطَ به جيشُ السطور وإنما

أدارَ به الأمر الذي كانَ أحوطا

وسادَ البرايا كلَّما نال مصعداً

بأفق المعالي نال شافيه مهبطا

وما أن رأينا مثل أنهار طرسه

لدُرّ معانيه مغاصاً وملقطا

تألَّق فيها كالكواكب لفظها

فلم تشكُ عينٌ في دُجى النفس مخبطا

ولا عيبَ فيه إن تأمَّلت خلقه

سوى أنه يطغي الخليقة بالعطا

على مثله فليعقد المرءُ خنصراً

لإنا رأيناه لدى الجود مفرطا

نوالٌ تلظى الغيث بالبرق حرقةً

لتقصيره عنه وبالرَّعد عيَّطا

وبشرٌ لدى العافين أحلى من المنى

ورأيٌ إلى العلياء أهدى من القطا

من القومِ فاتوا الناس سبقاً إلى العلى

ألم ترهم أندى أكفًّا وأبسطا

كأنَّ لهم فيها طريقاً مفسراً

وعندهم فيها طريقاً مخبَّطا

إذا ابْتدروا غايات لفظٍ رأيتهم

من الروض أنشى أو من الريح أنشطا

مطاعين في الهيجا مطاعين في الورى

قريبين من رشدٍ بعيدين من خطا

كأنهمُ في السلم زهرٌ وفي الوغى

قتادة تأبى أن تلين فتحبطا

أبى الله إلاَّ أن يذلَّ حسودهم

ويرضون في كلّ الأمور ويسخطا

إليكَ شهابَ الدين جدت ركائبٌ

كأنَّ لها في تربِ أرضك مسقطا

فداكَ بخيلٌ لا يسود وإنما

قصاراه أن يخشى افتقاراً ويقنطا

تهتك لمَّا ضنَّ بالمال عرضهُ

ألا إنَّ جودَ المرء للعرض كالغطا

وما أنت إلاَّ البحر في كلّ حالةٍ

نوالاً وعلماً ما أبرّ وأقسطا

تجاوزت في الإنعام كعباً وحاتماً

وطاولت في الإرغام عمراً وأحبطا

وفقهتهمُ إن كنت حقًّا مصححاً

وكانوا حديثاً في الأنام مغلّطا

وطالَ كما تختارُ قدرُكَ في الورى

لأبعدَ من شأوِ النجوم وأشحطا

كأنَّ ثريا الأفق كفٌّ تطاولت

لتلقي له فرش الغمام وتبسطا

إذا حاق خطبٌ أو تطلَّع حادثٌ

سلكت من الأقلام عضباً مسلَّطا

يراع يربَى في سيول دوافق

وأغيال أسدٍ لا تفرّ تحمطا

فمن أجل هذا سرّ عافيه في الندى

ومن أجل هذا ساء شانيه بالسطا

لك الله من حرٍّ يرى ليَ برّهُ

وقد مدَّ لي دهرِي الهموم ومطَّطا

وشيد لي بالذكرِ قدراً ورفعةً

بعيد عليها أن تحول وتكشطا

فخذْ مدَحاً تنشي لك الروض يانعاً

إذا شئت أو تبدِي لك الوصف أرقطا

إذا أشرقت في محفلٍ ظنَّ أهله

سنا المشترى من ضوئها متقمّطا

وإن كنتَ فيها قد تفردت بالثنا

فإنَّك أيضاً قد تفردت في العطا