سلبت عقلي بأحداق وأقداح

سلبت عقلي بأحداقٍ وأقداح

يا ساجيَ الطرف أو يا ساقيَ الرَّاح

سكران من قهوة الساقي ومقلته

فاترك ملامك في السكْرين يا صاحي

واطرح بعيشك أثقالَ الملام فما

حملت وزْري ولا كلفت إصلاحي

دعني إذا صح نجمي في هوى قمري

ببيت ماليَ أنشي بيت أفراحي

بجوهر الكأس يجلو لي بها عرضاً

ظبيٌ يفدَّى بأشباحٍ وأرواح

وفارسيّ من الأتراك تكملتي

في نحو خدّيه قد صحت بإيضاح

يردي الفوارس منه ملتقى رشاءٍ

باللحظ والقدّ سياف ورماح

قلبي أبو طالبٍ منه الوصال فما

ينفكّ من نار شجو وسط ضحضاح

يا مثريَ الخدّ بالمحمر من ذهبٍ

دارِك ضرورة محتاجٍ ومجتاح

يا فاضحي في الهوى خط بعارضه

لقد نسخت على عشقي بفضّاح

ما أنس لا أنس لقيانا وقد غفلت

عينُ الهوى عن قريرِ العين طماح

قابلت شعرك بعد الوجه ملتفتاً

فأنعمَ الله إمسائي وإصباحي

حيث الرضى في جبين الصب مكتئب

أيام لم يمح أسطار الصبى ماح

وحامل الكأس تحت الدجن يعملها

كأنه مدلجٌ يمشي بمصباح

والغيم دان لكأس الراح يمزجها

يكاد يمسكه من قام بالراح

والآن كاسي دموعي والتذكر إنْ

أعي التذكر تشدو شدو مفصاح

يا عنبرَ الخال في ريحان سالفه

هل بابُ عيشيَ مسرورٌ بمفتاح

وهل إلى أرض مصر زورةٌ لشجٍ

بسائل من دموع الشوق ملحاح

وهل أباكِرُ بحرَ النيل منشرحاً

فأشرب الحلوَ من أكواب ملاح

وأشتكي النأيَ في باب العلاءِ إلى

نعم المليّ بأنجائي وإنجاحي

ذاك الذي قال شعري أي ممتدح

تدعو وقالت علاه أي مداح

أما زمان عليّ مع شذا كلمي

فقد تجانس نفاع بنفاح

أغرّ طامي بحور الفضل ناسبها

بغائص في بحور الشعر سباح

من آل يحيى كتاب الفضل متصل

فيهم بكفٍّ قويّ العزم طماح

أنأى البرية عن آمال ملتمح

تلك المعالي وأدناهم لممتاح

قام الكفاة له طوعاً ولو قعدوا

قامت عليهم نواحيهم بأنواح

ذو الرأي والقلم الهادي فواصف ذا

وذاك ما بين منصور وسفاح

مدبر الملك في سرِّ وفي علن

ومحكم الأمر من خاف ومن ضاحي

ومتبع البرّ للعافي بتهنئةٍ

وسائق الهلك للعادي بإسجاح

فيا لها من يدٍ بالجود فائضةٍ

وزَندِ رأيِ لداجي الرأي قداح

لا عيب فيه سوى علياء مخجلة

بمعرب البرّ نطق اللاّحن اللاحي

وسحر لفظ بأدنى ما ينمقه

عقاد ألسنة نفاث أرواح

وبذل جاهٍ ومالٍ مع توفرهِ

أربى وزاد فقلنا بذل مزّاح

نجل الخلائف نبه عندها عمراً

وافخر بكل عمير البيت جحجاح

المترِعين جفاناً كل داجية

والمفزعين جفوناً عند إصباح

والفاتحينَ بأقلام لهم وطناً

ممالكاً لم يحلها عزم فتاح

فإنْ حموا بيضةَ الإسلام إنهمُ

من سادةٍ في صميم العرب أمحاح

أو كلموا بمواضيهم وألسنهم

فإنهم أهل إبلاغ وإفصاح

أحييتهم يا ابن يحيى فابقَ مستبقاً

للفضل ذا غرر فيه وأوضاح

فرعاً تلافي العلى أصلاً لقد سجعت

سواجعُ الحمد فيكم بين أدْواح

يا من له القلم المنهلُّ بارقه

بوابلٍ في الوغى والسلم سحَّاح

يا ذا البلاغة أسلاكاً على حلل

فالفضل ما بين وشّاء ووشَّاح

لا غرْ وإن نشأت منشأ الرياض وفي

يمناك كلّ نمير الوَدق دلاّح

إني لأشهد منها غير ما شهدت

أفكار كل حسير الفكر لمّاح

فليت شعريَ توفي حقها مدحاً

وليت شعري متى بالقرب أرباحي

طال اطّراحي وإبعادي فهل سبب

لممسكٍ بشباك اللغو طرّاح

يا سيداً سرّ حسادي عليه فقد

تمكنوا من قصيّ الغوث ملتاح

قد كنت أروي لهم عن جابر زمناً

عنكم وها أنا أرويها لجرَّاح

وليتني عارفاً ذنبي فأجعله

باب التقاضي لسهل العفو مرْتاح

إن كنت أعرف ذنباً أستحقّ به

فراق عطفك لا فارقت أتراحي

فالعفو منك لقد سد الصدود على

ذهني مذاهب ينحو مثلها الناحي

أرويتَ أرض نبات لو عنيتَ به

كنتَ المحيّا بزهرٍ منه نفّاح

من غير سمعك يدري ما أرجعه

في الخصب من مستطاب الحمد صداح

بباهر البرّ جدّد يا عليّ قوى

شعرٍ تجدْ خيرَ عمارٍ لأمداح

وليهنك العام ساعي العامِ منشرحاً

بمجمل اليمن لم يحتج لشراح

عام حلفنا بمسطور الثلاث به

بأنه عامُ إقبال وأفراح

للملتجي لك فيه سعدُ أخبيةٍ

من الأذى ولباغي البعد ذبّاح