يا ليل ويحك إن صبحك قد سفر

يَا لَيْلُ وَيْحَكَ إن صبحَك قدْ سَفَرْ

فَالْجَأ لِذِمَّةِ فَرْعِهِ أوْ فَالمْفَرْ

أوَ مَا رَأيْتَ النجمَ خَالَ ظَهِيرَةً

فَطَوَى سِجِلا للكِتَابِ قَدِ انْتَشَرْ

وتَلاَعَبَتْ خَيْلُ النَّسِيمِ تَبَاشُراً

إذْ فَرَّ جَيْشُ الدَّجْنِ وَالفَجْرُ انْتَصَر

وَجَلَتْ قِيَانُ الزَّهْرِ أوْجُهَ حسنهَا

لمّا غَدَتْ كَالزُّهْرِ وَاضحة الغُرَرْ

وَتَبَرَّجَتْ غِيدُ القيَانِ وَقَدْ رَأتْ

وَجهَ الرياضِ يَلُوح من خَلَلِ الشجرْ

وَارْتَاعَ أدْهَمُ دَجْنِهَا لما انْبَرَى

في الافق أشهبُ ضَوْئِهَا يَقْفُو الأثَرْ

وَافترَّ ثغرُ أقَاحهَا مُتَعَجَباً

إذْ كَلَّلَتْهُ يَدُ السَّحَائِب بِالدُّرَرْ

وَتَكَلَّلَتْ بِالمُزْنِ وَجْنَةُ وَرْدِهَا

فعجبتُ كَيْفَ المَاءُ لاَ يُطْفِي الشَّرَرْ

وَسَقَتْ كُؤُوسُ الطلّ مبسم نَوْرِهَا

فَعَلِمْتُ أن المسك بِالوردِ اخْتَمَرْ

وصفا الظلال عَلَى مجَارِي نَهْرِهَا

فبدا جبينٌ هَلَّ فِي دَاجِي الطُّرَرْ

وَحَكَتْ حَوَاشِيهَا المُنَضَّدَة الذرَى

ألْوَاحَ جَزْعٍ فَوْقَهُ الدر انْتَثَرْ

وَرَقَى خطيبُ الطَّيْرِ منبرَ أيْكِهِ

فَتَلاً عَلَى الأسْمَاعِ آيَاتِ السُوَرْ

وَأظَلَّ والي الغيم لمّا أن رأى

مُقَلَ الأزَاهرِ زَانَهَا غَنَجُ الحَوَرْ

فَكَأنَّمَا رَنَتِ الحَدَائِقُ نَحْوَهُ

فَأكَبَّ يَرْجُمُهَا بِحَصْبَاءِ المَطَرْ

وَكَأنَّمَا تِلْكَ الرّيَاضُ خَرِيدَةٌ

تُبْدِي نَوَاظِرُهَا السُيوفَ لِمَنْ نَظَرْ

وَكَأنَّمَا ذَاكَ الحَمَامُ مُؤَقِّتٌ

قَدْ هَبَّ مِنْ نَوْمٍ فَأذَّنَ في السحَرْ

وَكأنَما تلكَ الزُهور نوَاظْر

جَال النُعاَس بهَا فأَيقِظهَا السمَرْ

وَكَأنَّمَا تِلْكَ المَذَائِبُ أسْهُمٌ

أضْحَتْ تُفَوّقُهَا القِسِي بِلاَ وَتَرْ

وَكَأنَّمَا تِلْكَ الجَوَابِي أعْيُنٌ

فاضت مدَامعُهَا عَلَى فَقْدِ السهرْ

وَكَأنَّمَا تِلْكَ القِبابُ وَقَدْ بدَا

وجهُ المليك بِهَا منَازِلُ لِلْقَمَرْ

مَوْلاَي عثمان المَلِيكُ المُرْتَضَى

ذُو المبسم الوَضَّاحِ وَالوَجْهِ الأغرْ

ملكٌ يَرَى قَاضِي الكمَالِ لِمَجْدِهِ

بِالرتْبَةِ العَلْيَاءِ وَالوَجْهِ الأبَرْ

ملكٌ إذَا ازْدَحمَ المُلوكُ لموردٍ

وَنَحَاهُ لاَ يَرِدُونْ إلا إنْ صَدَرْ

عَلَمٌ إذَا هزّ الحسَامَ بِكَفِّهِ

رَكَعَ الجَحُودُ لِرُكْنِ قِبْلَتِهِ وَخَرّ

مَا أمّ صَفَّا لِلْقِتَالِ سِنَانُهُ

إلاَّ وَنَادَى أيْنَ يَا بَاغِي الْمَفَرَ

ذُو عَزْمَةٍ لَوْ أنَّهَا لِمُهَنَّدٍ

مَا فَلَّ مِنْ قَرْعِ الدُّرُوعِ وَلاَ انْكَسَرْ

وَسَمَاحَة تَدَعُ الفَقِيرَ مُعَظَّماً

وَحَمَاسَهٍ تَدَعُ المعَظَّمَ مُحْتَقَر

ملكٌ إذَا اسْتَسْقَيْتَ مُزْنَتَهُ سَقَى

وَإذَا انْتَصَرْتَ بِسَيْفِ عَزْمَتِهِ نَصَرْ

فَإلَى سنَاهُ البدرُ فِي اللَّيْلِ الْتَجَا

وَإلَى نَدَاهُ الغيثُ في المَحْلِ افْتَقَرْ

مَا أثْمَرَتْ بِالهَامِ سُمْرُ رِمَاحِهِ

إلا لأنَّ الغُصْنَ يُعْشَقُ بِالثَّمَرْ

كَلاَّ وَلاَ لَمَعَتْ بَوَارِقُ بِيضِهِ

إلا لِيَحْرقَ بالأشِعَّةِ مَنْ كَفَرْ

وَإذَا أرَادَ بِأنْ تُفَل كَتَائِبٌ

أغْنَتْ مَهَابَتُهُ عَنِ العَضْبِ الذَّكَرْ

وَإذَا اسْتَعَانَ بِنَظْرَةٍ مِنْ فِكْرِهِ

عَيْناً رَأى مَا كَانَ عَنْهُ مُسْتَتَرْ

وَإذَا تَحَدَّثَ مُخْبِرٌ عَنْ مَاجِد

أغْنَى عِيَانُ سَنَا عُلاَهُ عَنِ الخَبَرْ

يَا خَائِفاً مِنْ صرفِ دهرٍ شَأنُهُ

أنْ يُبْدِلَ الصفوَ المُمْتِّعَ بِالكَدَرْ

جَاوِرْ أبَا عمرِو المَنيعَ جَنَابُهُ

تَأمَنْ إذَا مَا خِفْتَ حَادِثَةَ الغِيَرْ

الساتِرُ الدُّنْيَا بِذَيْلِ مَكَارِمٍ

أحْيَتْ مَكَارِمُهَا مَآثِرَ مَنْ دَثَرْ

وَالمَانِعُ العَلْيَا بِبِيضِ عزَائِمٍ

حَيَّتْ مَيَامِن مُنْتَضِيهَا بِالظَّفَرْ

لاقَيْتُهُ والحَالُ أقْبَحُ مَا اخْتَفَى

فَأعَادنِي والحالُ أحسنُ مَا اشْتَهَرْ

يَا مَنْ قَصدْتُ منَار كعبة بَيْته

وسَعَيْتُ فِيمَنْ حَجَّ بَيْتَك واعْتَمَرْ

اهْنَأْ بِهَا مِنْ بِنْيَةٍ مَسْعُودةٍ

قَدْ شَادهَا من نَسْلِك الملكُ الأغرْ

وانْعَمْ بِهَا من جَنَّة قَدْ زُخْرفَتْ

لِقُدُومِ مَجْدِك واوْلِهَا حسن النَّظَرْ

صورٌ مَعَانيكمْ أقَامَتْ ذاتَهَا

وكَذا المَعَانِي تَسْتَقِيمُ بهَا الصُورْ

لا يَعْدِ َمْنَك المُسْلِمُونَ فَإنَّهُمْ

قَدْ أدْركُوا فِي عِزّ ظِلِّكُمُ الوَطَرْ

حَصَّنْتَ حَوْزتَهُمْ بِبأسٍ يُخْتَشَى

ورحمتَ فَاقَتَهُم بِجُودٍ يُنْتَظَرْ

فَلَك السَّعَادَةُ والكَرَامَةُ وَالهَنَا

وَلَكَ السَّلاَمَةُ وَالبَقَا وَالمُسْتَقَرْ

مَا افترَ ثغرُ الزهْرِ مُبْتَسِماً وَمَا

جَالَتْ جُيُوش النَّصْرِ وَاضحةُ الغُرَرْ