أسرف الدهر فهلا قصدا

أسْرَف الدّهْرُ فَهَلا قَصَدا

ما عليهِ لوْ شَفَى بَرْحَ الصّدَى

يَنْقَضي يَومي كأَمسي خيبةً

أبَداً أقْرَع بَاباً مُوصَدا

طالَ قَدْحي لأمَانٍ أُخلِفَتْ

وَعَناءٌ قَدْحُ زَنْدٍ صَلَدا

آهِ مِنها نبوةً مذ سَدِكتْ

لمْ تُلبِّثْ نافِقاً أن كَسَدا

عَوْدُ حَالاتي مُنافٍ بدْءَهَا

ليتَ شِعري ما عَدا عَما بَدا

سَرْمَداً أَحمِل خَطْباً آدَنِي

وَبِخَطبِي الإِدُّ فيهِ سَمَدا

كَمْ تَمَنيتُ الرّدَى في عِيشَةٍ

ضَرِباً صَارَ لَها صُلب الرّدى

لا أَوَدّ العُمْرَ أَلْقاهُ إذا

عزّ فيه ما يُقيمُ الأَوَدا

حَسْبِيَ اللّهُ لِشَتّى نُوَبٍ

لَيْسَ يُحْصيها حِسابٌ أَبَدا

قَدْ خَلَعْتُ الصّبْرَ في أثْنائِها

فَرْطَ جَهْدٍ ولَبِست الكَمَدا

هَذِهِ مِمّا أُعاني كَبَدي

تَتَلَظّى وَتَشَظّى كَبَدَا

أنَا جَارُ البَحْرِ إلا أنّ لي

مِنْهُ في حالِ الوُرودِ الثَّمَدا

وعَلى ذلِكَ يا نَفْسُ فَلا

تَيْأَسي إنّ مَعَ اليَوم غَدا

لِلإمَامِ المُرْتَضَى مِما مَضى

خَلَفٌ يُولِيكَ عَيْشاً رَغَدا

وَمَتى عُدْتَ إِلى اسْتِعْطافِهِ

تَجِدِ العَوْدَ إِلَيْهِ أَحْمَدا

مَلِكٌ بالقُرْبِ مِن سُدّتِه

يُحرزُ المَرْءُ العُلى والسؤْدَدا

مِثْلَمَا أحْرَزَعَنْ آبَائِهِ

الأمَراء الراشِدينَ الرُّشَدا

قَسَم الدّهْرَ لِصَوْلٍ يُتّقَى

ولِطَوْلٍ بينَ بَأسٍ وَنَدَى

كَيِفَ لا تُعْنَى أياديهِ بِنَا

وَهوَ أعْلَى النّاسِ عَيْناً ويَدا

إنَّما دَوْلةُ يَحْيَى رَحْمَةٌ

للبَرايا وَحَياةٌ لِلْهُدَى

سَدَّ مَا هَدَّ الشأَى سلْطانُهُ

فَتَأمّلْ هلْ ترَى شَيئاً سُدى

أوَ لَمْ يَسكُنْ بِهِ ما شَرَدَا

أوَ لَمْ يَصْلُحْ بِهِ ما فَسَدا

نشر الدّعوة لمّا هَمَدتْ

وأقامَ الحَقّ لَمّا قَعَدَا

بَيّناتٌ فِيهِ آيَاتُ العُلَى

رَاحَ مُرْتاحاً لِحُسنَى وَغَدا

مِنْ عَدِيٍّ في ذُرَاها وكَفَى

أن أقرّت بمَزَاياها العِدى

عَبّد النَّهْجَ فَأَلْقَى طَيّعاً

بِيَدَيْهِ كُلُّ طَاغٍ عَنَدا

سِيَرٌ صَيَّرنَ أَملاكَ الدنى

حينَ عَزّ الدّين فيها أعبُدا

دُونَهُ يَعْرضُهُم ديوانُهُم

مُصْدِراً يَعْتامُهُ أو مُورِدا

فَلِماذا عَظَّموا مُعْتَصِماً

وَبماذَا فضّلوا مُعتَضِدا

أوْضَحَ الفَرْقَ بهِ مَن شَأوه

شَادَ عَليْاء تُناصي الفَرْقَدا

فَاتَهُمْ عِلْماً إلى حِلْم وَمَنْ

جَمَعَ الأشْتَاتَ كانَ المُفْرَدا

تَقْتَفِي الأعْرابُ مَا يُسمعُه

مِن قَوافٍ سِرْن عَنهُ شُرّدا

وَلَهُ الفَضْلُ عَلى أمْلاكِهَا

شَبَهاً صاغوا وصاغَ العَسْجَدا

لا عَداهُ النَصر والتّأييدُ ما

غَارَ في الآفاقِ نجْمٌ وَبَدا