زار الحيا بمزاره البستانا

زَارَ الْحَيَا بِمَزِارِهِ الْبُسْتَانَا

وأَثَارَ منْ أزْهَارِهِ ألْوَانا

فَغَدَا بهِ وبِصِنْوِهِ يَخْتَالُ في

حُلَلِ النَّضَارَةِ مُونِقاً رَيَّانا

وَيَمِيسُ أفْنَاناً فَتُبْصِرُ خُرَّداً

تَثْنِي القُدودَ لَطَافَةً وَلِبَانا

وكَأَنَّمَا الأدْوَاحُ فِيهِ مَفَارِقٌ

بِلِبَاسِهَا قَطْرُ النَّدَى تِيجَانا

وَكَأَنَّمَا رَام الثَّنَاءُ فَلَمْ يُطِقْ

فَشَدَتْ بِهِ أطْيَارُهُ أَلْحَانا

مِنْ كُلِّ مُفْتَنِّ الصَّفِيرِ قَدِ ارْتَقَى

فَنَناً فأَفْحَمَ خَاطِباً سُحْبَانا

هِيَ عَادَةٌ لِلْمُزنِ يَحْفَظُ رَسْمَهَا

حِفْظَ الأَميرِ العَدْل والإِحْسَانا

أَسْرَى إِلى النِّسْرينِ يُرْضِعُهُ النَّدى

وَيُهِبُّ طَرْفَ النَّرْجسِ الوَسْنانا

وَحَبَا العَرَارَ بِصُفْرَةٍ ذَهَبِيَّةٍ

رَاعَتْ فَتَاه بكمِّهَا فَتَّانا

وَدْقٌ تَوَلَّدَ عَنهُ وَقْدٌ في الرُّبَى

لأَزَاهِرٍ طَلَعَتْ بِهَا شُهْبَانا

تِلْكَ الأَهَاضِيبُ اسْتَهَلَّتْ دِيمَةً

فَكَسَى الهِضَابَ النَّوْرُ وَالغِيطَانا

شَرِقَتْ بِعارِضِها المُلِثِّ وأشْرَقَتْ

للَّهِ أَمْوَاهٌ غَدَتْ نِيرَانا

يَا حَبَّذا خَضِل البَهَار مُنَافِحاً

بِأرِيجِهِ الخَيْرِيِّ وَالرّيْحَانا

وَالآسُ يَلْتَثِمُ البَنَفْسَجَ عارِضاً

واليَاسَمِينُ يُغازِلُ السَّوسَانا

والرِّيحُ تُرْكِضُ سُبَّقاً منْ خَيْلِها

في رَوْضَةٍ رَحُبَتْ لَها مَيْدانَا

هَوْجَاءُ تَسْتَشْرِي فَيُلْقِحُ مَدُّها

هَيْجَاءَ تُنْتِجُ حَبْرَةً وأَمانا

حَرْباً عَهِدْتُ أزَاهِراً وَمَزَاهِراً

أوْزَارَها لا صَارِماً وَسِنانا

يَغْدُو الحَليمُ يُجَرِّرُ الأذْيالَ مِنْ

طَرَبٍ هُناكَ ويُسْبِلُ الأرْدانا

وكَأنَّما هابَ الغَدِيرُ هُبُوبَهَا

فَاهْتاجَ مِقْداماً وَكَعَّ جَبَانا

يُبْدِي مُعَنَّاها الثَّباتَ وإنَّما

يُخْفِي جَناناً يَصْحَبُ الرَّجْفَانا

وَاهاً لَهُ لَبِسَ الدِّلاصَ كَأَنَّما

يَخشَى مِنَ القَصَبِ اللِّدانِ طِعانا

واسْتَلّ مِنْ زُرْقِ المَذانِبِ حَوْلَهُ

قُضُباً تَرَقْرَقُ كالظُّبَى لَمَعَانا

سالَتْ تَفُذّ الهَمَّ لَيْسَتْ كالتِي

صَالَتْ تَقُدُّ الهامَ والأَبْدَانا

وَكأَنَّما كانُونُ مِمَّا صَفَّ مِنْ

نُورٍ ونَوْرٍ واصِفٌ نِيسانا

قَد حلَّتِ الحَمَلَ الْغَزَالَةُ عَادَةً

خُرِقَتْ وإنْ لم تَبْرَحِ المِيزانا

فِي دَوْلَة أَتَّتْ وفَتَّتْ مِنْ جَنَى

مَعْرُوفها ما نَاسَبَ العِرْفانا

غَرَّاءُ تُطْلِعُ لِلْبَسالَةِ والنَّدَى

وَجْهَيْنِ ذا جَهْماً وَذا جَذْلانا

لا غَرْوَ أنْ حَسُنَ الوُجودُ فإنَّهُ

لَمَّا أَطاعَ لَها وَخَفَّ ازْدَانا

يا مَصْنَعاً بَهَرَتْ مَحاسِنُهُ النُّهى

فَسَمَا ذَوَائِبَ إذْ رَسَا أَرْكانا

لَمَّا بَنَوْا شُرُفاتِهِ مِنْ فِضَّة

جَعَلُوا أَدِيمَ قِبابِهِ عِقْيانا

سَدِرَ الخَوَرْنَقُ والسَّدِيرُ لِحُسنِهِ

وَأَنَّى لَهُ أَنْ يُنسِيَ الإيوَانا

إِنِّي لأَحْسبُهُ مِنَ الفِرْدَوْسِ مُذْ

أبْصَرْتُهُ لِلْمُتَّقِينَ مَكانا

وَكَأَنَّ سَيِّدَنا الإمَامَ أَتَى بِها

عَمْداً لِيُرغِب في الجِنانِ جَنانا

فَمَقالُهُ أَرْشِدْ بِهِ وَفِعالُهُ

مِمَّا يَزيدُ قُلوبَنا إِيمانا

ولَطالَما اعْتَمَدَ الْمَراضِيَ دائِباً

فاشْتَدَّ في ذاتِ الإلَهِ وَلانا

إِنَّ الإمامَةَ صورَة أَضْحَى لَها

يَحْيَى لِساناً صَادِقاً وَجَنانا

مَلِكٌ بِيُمْناه الخَلاصُ عَلى الوَرَى

أنْ يُخْلِصُوا الإسْرارَ والإعْلانا

آلاؤُهُ كَالرَّوْضِ حَيَّتْهُ الصَّبا

لا يَسْتَطيعُ لِنَشْرِهِ كِتْمانا

وَإِذا يَلوذُ بظِلِّهِ الجَبَّارُ لَمْ

تُحْرِقْهُ شُهْبُ رِماحِهِ شَيْطانا

مَيْمُونَةٌ أَيَّامُهُ مِنْ شَأنِها

أنْ تُذْهِبَ البَغْضَاءَ والشَّنَآنا

عَمَّ الصَّباحُ العالَمِينَ فَأَصْبَحُوا

طُرّاً بِنِعْمَةِ رَبِّهِم إِخْوانا

لَمَّا اسْتَعانَ بِهِ الهُدَى فَأَعانَه

لانَتْ لَهُ أزْمانُهُ أَعْوانا

خَضَعَتْ لَهُ صِيدُ الْمُلوكِ وَشُوسُها

وتَعَوَّضَتْ مِنْ بَأْوِها الإذْعَانا

هَذِي الطُّغاةُ لأَمْرِهِ مُنقَادَةٌ

فَكَأَنَّها لَمْ تَعْرِفِ الطُّغْيَانا

عَرَبٌ وعُجْمٌ يَلْثِمُونَ بِساطَهُ

وكَفَى عَلى تَمْكِينِهِ بُرْهانا

يَهْنِي الإمَامَ المُرْتَضَى سُلْطانُهُ

أَنْ فَاتَ أمْلاكَ الدُّنَى سُلْطانا