ما بين طيفك والجفون مواعد

ما بَينَ طَيفِكَ وَالجُفونِ مَواعِدُ

فَيَفي إِذا خُبِّرتَ أَنّي راقِدُ

إِنّي لَأَطمَعُ في الرُقادِ لِأَنَّهُ

شَرَكٌ يُصادُ بِهِ الغَزالُ الشارِدُ

فَأَظَلُّ أَقنَعُ بِالخَيالِ وَإِنَّهُ

طَمَعٌ يُوَلِّدُهُ الخَيالُ الفاسِدُ

هَيهاتَ لا يَشفي المُحِبَّ مِنَ الأَسى

قُربُ الخَيالِ وَرَبُّهُ مُتَباعِدُ

وَلَقَد تَعَرَّضَ لِلمَحَبَّةِ مَعشَرٌ

عَدِموا مِنَ اللَذّاتِ ما أَنا واجِدُ

عابوا اِبتِهاجي بِالغَرامِ وَأَنَّني

ما عِشتُ مِن سُكرِ المَحَبَّةِ مائِدُ

قالوا تَعَشَّقَ كُلَّ رَبِّ مَلاحَةٍ

فَأَجَبتُهم إِنَّ المُحَرِّكَ واحِدُ

فَالحُسنُ حيثُ وَجَدتُهُ في حَيِّزٍ

هُوَ لي بِأَرسانِ الصَبابَةِ قائِدُ

ما كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ أَلحاظَ الظِبا

هِيَ لِلأُسودِ حَبائِلٌ وَمَصايَدُ

إِنَّ الَّذي خَلَقَ البَريَّةَ ناطَها

بِوَسائِطٍ هِيَ لِلكَمالِ شَواهِدُ

فَتُدَبِّرُ الأَفلاكَ سَبعَةُ أَجنُمٍ

وَيُدَبِّرُ الأَرضَينَ نَجمٌ واحِدُ

نَجمٌ لَهُ في المُلكِ أَنجُمُ عَزمَةٍ

هُنَّ الرُجومُ إِذا تَطَرَّقَ مارِدُ

المالِكُ المَنصورُ مَلكٌ جودُهُ

داني المَنالِ وَمَجدُهُ مُتَباعِدُ

مَلِكٌ لَدَيهِ مَواهِبٌ وَمَكارِمٌ

هِيَ لِلعُداةِ مَواهِنٌ وَمَكايِدُ

كَالغَيثِ فيهِ لِلطُغاةِ زَلازِلٌ

وَلِمَن يُؤَمِّلُهُ الزُلالُ البارِدُ

يُخشى وَتُرجى بَطشُهُ وَهِباتُه

كَالبَحرِ فيهِ مَهالِكٌ وَفَوائِدُ

آراؤُهُ لِلكائِناتِ طَلائِعٌ

وَهُمومُهُ بِالغانِياتِ شَواهِدُ

لا يُؤيِسَنَّكَ بَأسُهُ مِن جودِهِ

دونَ السَحابِ بَوارِقٌ وَرَواعِدُ

يَهَبُ المَطِيَّ وَرَكبُهُنَّ وَصائِفٌ

وَالصافِناتِ وَحِملُهُنَّ وَلائِدُ

لَكَ يا اِبنَ أُرتُقَ بِالمَكارِمِ نِسبَةٌ

فَلِذاكَ جودُكَ كَاِسمِ جَدِّكَ زائِدُ

أورِثتَ مَجدَ سَراةِ أُرتُقَ إِذ خَلَت

وَبَنيتَهُ فَهُوَ الطَريفُ التالِدُ

قَومٌ تَعَوَّدَتِ الهِباتِ أَكُفُّهُم

إِنَّ المَكارِمَ لِلكِرامِ عَوائِدُ

عاشوا وَفَضلُهُمُ رَبيعٌ لِلوَرى

فَلَهُم ثَناً يَحيا وَذِكرٌ خالِدُ

فَأَكُفُّهُم يَومَ السَماحِ جَداوِلٌ

وَقُلوبُهُم يَومَ الكِفاحِ جَلامِدُ

وَكَفَلتَ مَن كَلِفَ الزَمانُ بِحِفظِهِ

حَتّى كَأَنَّكَ لِلبَرِيَّةِ والِدُ

فَيَداكَ في عُنقِ الزَمانِ غَلائِلٌ

وَنَداكَ في جيدِ الأَنامِ قَلائِدُ

وَعُنيتَ بي وَرَفَعتَ قَدري في الوَرى

فَعَواذِلي في القُربِ مِنكَ حَواسِدُ

وَعَلِمتَ أَنّي في مَحَبَّتِكَ الَّذي

فَنَداكَ لي صِلَةٌ وَبِرُّكَ عائِدُ

فَاِعذِر مُحِبّاً إِن تَباعَدَ شَخصُهُ

جاءَتكَ مِنهُ قَصائِدٌ وَمَقاصِدُ

فَإِذا ثَنائي عَنكَ هَمٌّ سائِقٌ

جَذَبَ العِنانَ إِلَيكَ شَوقٌ قائِدُ

وَلَقَد وَقَفتُ عَلَيكَ لَفظي كُلَّهُ

مِمّا أَحِلُّ بِهِ وَما أَنا عاقِدُ

فَإِذا نَظَمتُ فَإِنَّني لَكَ مادِحٌ

وَإِذا نَشَرتُ فَإِنَّني لَكَ حامِدُ