أترى الزمان يعيد لي أيامي

أَتُرى الزَمانُ يُعيدُ لي أَيّامي

بَينَ القُصورِ البيضِ وَالآطامِ

إِذ لا الوِصالُ بِخُلسَةٍ فيهِم وَلا

فَرطُ اللِقاءِ لَدَيهِمُ بِلِمامِ

ساعاتُ لَهوٍ ما تَجَدَّدَ ذِكرُها

إِلّا تَجَدَّدَ عِندَ ذاكَ غَرامي

وَهَوىً مِنَ الأَهواءِ باتَ مُؤرِقي

فَكَأَنَّهُ سَقَمٌ مِنَ الأَسقامِ

لِلدَهرِ عِندي مِنَّةٌ مَشكورَةٌ

شَفَتِ الَّذي في الصَدرِ مِن أَوغامِ

وَاللَهِ ما أَسضى مَبادِئَ نِعمَةٍ

إِلّا تَغَمَّدَ أَهلَها بِتَمامِ

طَلَبَ العِمامَةَ وَالقَضيبَ وَأَينَ لَم

تَبلُغ حَماقَةُ ذَلِكَ الحَجّامِ

أَتُراهُ وُهِّمَ أَنَّهُ أَهلٌ لَها

سَفَهاً تَعَدّي هَذِهِ الأَوهامِ

قَد رامَ تَفريقَ المَوالي بَعدَما

جُمِعوا عَلى مَلِكٍ أَغَرَّ هُمامِ

مُتَعَزِّزٍ بِاللَهِ أَصبَحَ نِعمَةً

لِلَّهِ سابِغَةً عَلى الإِسلامِ

ثَبتِ الأَناةِ إِذا اِستَبَدَّ بِرَأيِهِ

وَفّاكَ حَقّا النَقضِ وَالإِبرامِ

ساقَ الأُمورَ بِعَزمِهِ فَاِستَوسَقَت

لِمُوَفَّقٍ في أَمرِهِ عَزّامِ

فَخمٌ إِذا حَمَلَ السِلاحَ عَجِبتَ مِن

بَدرٍ تَأَلَّقَ في سَوادِ غَمامِ

لَبّاسِ أَثوابِ الحُروبِ مُشَمِّرٍ

عَن ساعِدَي أَسَدٍ بِبيشَةِ هامِ

يَجفو رَقيقَ العَيشِ حَتّى تَنجَلي

شُبَهُ الشُكوكِ وَسُدفَةُ الإِظلامِ

لَمّا اِستَرابَ بِما اِستَرابَ بِهِ اِنبَرى

بِمُهَنَّدِ الحَدَّينِ غَيرِ كَهامِ

فَسَرى بِعَينٍ ما تَنامُ عَلى القَذى

لِهَلاكِ سَرعى في الحِجالِ نِيامِ

لَعِبوا وَلَجَّ بِهِم لَجوجٌ ماحِكٌ

في الحَربِ يُرخِصُها عَلى المُستامِ

أَيقَظتُموهُ وَنِمتُمُ عَن صَولَةٍ

طَحَنَت مَناكِبَ يَذبُلٍ وَشَمامِ

ما غَرَّكُم مِنهُ وَقَد جَرَّبتُمُ

سَطَواتِهِ في سالِفِ الأَعوامِ

تَرَكَ الهَوادَةَ حينَ كَرَّ يُريدُكُم

بِعَزيمَةٍ فَصلٍ وَطَرفٍ سامِ

وَغَدا وَآجامُ الرِماحِ مَظِنَّةٌ

مِنهُ وَمَغنى اللَيثِ في الآجامِ

حَشَدَت مَواليهِ لَهُ فَتَرادَفَت

عُصَباً تُسايِفُ دونَهُ وَتُرامي

لَو لَم يَكونوا مُقدِمينَ تَعَلَّموا

مِنهُ التَقَدُّمَ صاعَةَ الإِقدامِ

مُتَقَحِّمٌ بِهِمِ الغُمارَ وَعَزمُهُ

أَن يَخلِطَ الأَعلامَ بِالأَعلامِ

يَسلونَهُ فيها الأَناةَ وَقَد رَأَوا

لُجَجاً يَموجُ بِهِنَّ بَحرٌ طامِ

شَفَقاً عَلى خَيرِ البَرِيَّةِ كُلِّها

نَفساً وَأَفضَلِ سَيِّدٍ وَإِمامِ

لَمّا شَهَرتَ السَيفَ مُزدَلِفاً بِهِ

قَلِقَ العُبَيدُ وَرامَ كُلَّ مَرامِ

وَزَحَفتَ مِن قُربٍ فَلَم تَكُ دارُهُ

لَمّا زَهَفتَ إِلَيهِ دارَ مُقامِ

جَمَعَ العَزيمَةَ وَالإِباقَ بِفَرَّةٍ

مَذكورَةٍ أَخزَتهُ في الأَقوامِ

يَرجو الأَمانَ وَلا أَمانَ لِغادِرٍ

رَشَقَ العَصا وَأَحَلَّ كُلَّ حَآمِ

فَاليَومَ وجَدَتِ الخِلافَةِ عِزِّها

وَأَضاءَ وَجهُ المُلكِ بَعدَ ظَلامِ

أَضحى بُغاءُ وَأَقرَبوهُ وَهِزبُهُ

وَكَأَنَّهُم حُلُمٌ مِنَ الأَحلامِ

طاحوا فَما بَكَتِ العُيونُ عَلَيهِمِ

بِدُموعِها وَمَضَوا بِغَيرِ سَلامِ

فَاِسلَم أَميرَ المُؤمِنينَ مُمَتَّعاً

بِتَتابُعِ الآلاءِ وَالإِنعامِ