ريعت لتنعاب الغراب الهاتف

رِيعَتْ لتَنْعابِ الغراب الهاتفِ

وتأَوّلتها فُرْقةً من آلِفِ

فاِستَبطنتْ من رِقْبَةٍ لعُداتها

حُرَقاً نُضِحْنَ بدمع جَفْنٍ ذارفِ

ورأتْ بياضاً في نواحي لِمَّةٍ

ما كان فيها في الزّمان السّالفِ

مثلَ الثَّغامِ تلاحقتْ أنوارُه

عمداً لتأخذه بَنانُ القاطِفِ

ولقد تقول ومِن أَساها قولُها

ما كان هذا في حسابِ العائفِ

أين الشّباب وأين ما تمشي به

في البِيض بين مساعدٍ ومساعفِ

ما فيك يا شَمِطَ العِذارِ لرامِقٍ

عَبِقِ الجَوانِحِ بِالهَوى من شاعفِ

فَليَخلُ قلبُك مِن أَحاديثِ الهوى

وليخلُ غُمضُك من مطيف الطائفِ

وَلَقد سريتُ بفِتيَةٍ مُضَرِيَّةٍ

ليلَ التمام إلى الصّباحِ الكاشفِ

في ظهر مُلْتَبِسِ الصُّوى متنكّرٍ

لا يُهتدى فيه بسوفِ السّائفِ

ظامي الموارد ليس في غدرانِهِ

لمُسَوَّفٍ بالوِرْدِ غَرفةُ غارفِ

وكأنّما حُزُقُ النّعام بدوِّه

ريحٌ تلَوْن طوائفاً بطرائفِ

وإذا تَقَرَّاهُ فلا أثراً ترى

بِترابه إلّا لِريحٍ عاصفِ

من كلّ أبّاءٍ لكلِّ دَنِيَّةٍ

ذي مارنٍ للذُّلِّ ليس بعارفِ

وتراه ينتعل الظّهائرَ كلّما

جَحَرَ الهجيرُ بناعمٍ مُتتارِفِ

قومٌ يخوضون الغِمارَ إلى الرّدى

خوضَ الجبانِ الأمنَ غِبَّ مخاوفِ

لا يَأخذونَ المالَ إلّا بالظُّبا

تَنْدى دماً أو من سِنانٍ راعِفِ

وإذا رأيتَ على الرّدى مِقدامَهمْ

فكأنّ قلباً منه ليس بخائفِ

وَتراهُمُ في كلّ يومِ عَظيمةٍ

مُتَنصِّتِين إلى صريخِ الخائفِ

سحبوا مُروطَ العزِّ يومَ لَزَزْتَهم

بالفخر سَحْبَ غلائلٍ ومطارفِ

وتَلَوْا على كلبِ الزّمانِ وضِيقهِ

للمُمْلقين عوارفاً بعوارفِ

أَيدٍ تفجَّرُ بالعطاءِ سماحةً

فتَوالِدٌ في بذلها كطوارفِ

وندىً يَفيض تعَجرُفاً وتَغَشْمُراً

وعجارفُ المعروف غيرُ عجارفِ

وأرى شجاعَ الجود يوم تَواهُبٍ

شَرْوى شجاعِ الحربِ يومَ تسايُفِ

وَمحذّري شرَّ الزّمان كأنّه

لم يدرِ أنّي ناقدٌ للزّائفِ

قد كنت أُلحِي فيه كلَّ مفارقٍ

فَالآن أُلِحي فيه كلَّ مُقارفِ

وإذا الشّكوكُ تقاربتْ وتلاءمتْ

فعن الزّمانِ وما حواه تجانُفي

وَإذا اِلتفتّ إلى اِختِلاف خطوبه

فَإلى اِختِلاف عجائبٍ وطرائفِ

يَستَرجعُ الموهوبَ رَجْعَ مناقشٍ

من بعد أن أعطى عطاءَ مُجازِفِ

يا منهلاً للسّوءِ ما ألقى له

في كلُ أحيافِ الورى من عائِفِ

لم يَخْلُ برقُك خُلَّباً من شائمٍ

وسَرابُ أرضِك مُطمعاً من عاكفِ

وحطامُ رزقك وهو جِدُّ مُصَرَّدٌ

في كلِّ يومٍ مِن محبٍّ كالفِ

كَم في صروفك للنُّدوبِ تلاحَمَتْ

بعد المِطالِ ببُرْئها من قارفِ

ويدٍ تَمُدُّ ذراعَها ببليَّةٍ

فتنال شِلْوَ النّازِح المتقاذِفِ

لا يَعصمُ البانين منها ما اِبتنَوْا

واِستَفرشوا من نُمْرُقٍ ورفارفِ

وَأَنا الغبين لأَنْ مَنحتُك طائعاً

قَلبي وفيك كما علمتُ متالِفِي