أطعت الصبا وشبابي نضير

أطَعْتُ الصِبَا وشبابي نضيرُ

ولم يبدُ في عارضِيَّ القَتِيرُ

وأغرقتُ في اللّهو إني امرؤ

بِطبِّ المجون عليمٌ بصيرُ

وعاصيتُ عاذِلي في الهوى

لأنّي بطاعة قلبي جدير

وما هو إلا شبابٌ يزولُ

وعمر يسيرٌ ودهر قصير

وكل امرئ مستعارُ الحياة

ولا بدّ أن يَقْتَضِيها المُعِير

هل العيشُ إلا دَلالُ الصِبَا

وبَمٌّ يناغِيه مَثْنًى وزير

وحمراء صفراء يَسْقِيكها

أغنُّ مليحُ السجايا غرير

غلامٌ ويحسبه ناظِروه

غُلاميَّةً فهْو حقّ وزور

إذا اتبع الكأسَ ألفاظه

يرادِفها منه لحظ سَحُور

أما تُبْصِر الرّوضَ كيف اغتدى

وأوّلهُ مونِقٌ والأخير

كأنّ النَّدَى فوقَ أغصانه

إذا أسفرَ الصُّبْح دُرٌّ نَثير

وإن خطرتْ فيه رِيحُ الصَّبَا

تنفّس في الجوّ منه عَبير

كأنّ البنفسَج لثُم المحبّ

حوته خدودُ الدُّمَى والنُحُور

ونرجسه أعينٌ لُحْظُها

سواكِن والأُقحوانُ الثغور

ومن باقِلاَء كبلْق الحمام

تميس ولكنّها لا تطير

إذا ما تداعت فواخيتُها

بدا للطياهيج فيها صفيرُ

وإن هبَّت الرّيح في سَرْوها

تعانقن ضمَّ الصدورِ الصدورُ

كما اهتزَّ في المشي غِيدٌ وعِينٌ

فمادت روادِفُها والخُصُور

خليلَيّ إني خلعت العِذار

فهل منكما مُسعِد أو نصير

أرى الدّهر قد عاد سهلَ القِياد

وسودُ لياليه ليست تدور

كأن العزيز له زاجر

بجدواه فهْو ذليل أسير

لقد خضعتْ لك شمسُ النهار

وصلِّى لك القمر المستنير

ولم أر مثلك فيمن مضى

أميراً عليه نداه أمير

تلافيتني بضروب الجميل

فلا غَرْوَ إني محب شكورُ