خذها فصبغ الظلام قد نصلا

خُذها فَصَبغُ الظَلامِ قَد نَصَلا

وَذَيلُهُ بِالسَنا قَدِ اِشتَعَلا

وَأُقحُوانُ الرُبى بَدا سَحَراً

وَأُقحُوانُ النُجومِ قَد ذَبُلا

وَالوَردُ مِثلُ الخُدودِ قَد دَمِيَت

مِن نَرجِسٍ حَدَّقَت لَها المُقَلا

يَسقيكَ مِن كاسِهِ وَناظِرِهِ

دُرّاً بِكاسَي صَبابَةٍ وَطِلا

تَختَدِعُ السُكرَ مُقلَتاهُ فَإِن

نَبَت بِهِ الكاسُ كانَ مُستَحِلا

إِن وَعَدَ الوَصلَ سينُ طُرَّتِهِ

قَرَأتُ في عارِضَيهِ لَفظَةَ لا

أَيَّدَ حُبّي كِتابُ عارِضِهِ

كَذلِكَ الكُتبُ تَعضَدُ المَلَلا

لا تَعذُلوني عَلى مَحَبَّتِهِ

فَسَيفُ عَينَيهِ يَسبِقُ العَذَلا

مُسَلَّطٌ لا أَذُمُّ قُدرَتَهُ

وَظالِمٌ أَشكُرُ الَّذي فَعَلا

وَباخِلٌ بِالنَوالِ عادَتُهُ

قَد عَلَّمَتني بِحُبِّهِ البَخَلا

فَهاتِها وَاِسقِني بِراحَتِهِ

وَطاوِعِ اللَهوَ وَاِعصِ مَن عَذَلا

راحٌ يَزينُ الحَبابُ حُمرَتَها

كَما يَزينُ التَبَسُّمُ الخَجَلا

يُقَلِّدُ الماءُ جيدَها دُرَراً

يَنهَبُها الشَربُ بَينَهُم نَقَلا

إِن جَدَّدَت بِالمِزاجِ حِليَتَها

جَدَّدَت شُرباً يَسومُها العَطَلا

حاكِمُها يَظلِمُ العُقولَ وَلا

تَصلُحُ حالُ النُفوسِ إِن عَدَلا

نَجمٌ لِلَيلِ الهُمومِ أَكثَرُ ما

يَكشِفُ تِلكَ الدُجى إِذا أَفَلا

قُلوبُهُم في جَنى النَعيمِ بِها

وَإِن بَدَت في وُجوهِهِم شُعَلا

قَد يَنتُجُ الضِدُّ ضِدَّهُ وَإِذا

شِئتَ فَجودَ الوَزيرِ خُذ مَثَلا

رَفيعَني حَظُّهُ الحِمامَ كَما

قَد صانَ وَجهي بِكُلِّ ما بَذَلا

يَأتي بِلا مَوعِدٍ نَداهُ فَلَو

كانَ كَلاماً لَكانَ مُرتَجَلا

لَوِ اِكتَفى ساطِياً بِهَيبَتِهِ

كَفَتهُ بيضَ السُيوفِ وَالأَسَلا

أَو لَم يُنِل غَيرَ بِشرِهِ صِلَةً

أَرضى بِها كُلَّ سائِلٍ سَأَلا

يَقتَرِعُ البَحرُ وَالغمامَةُ مَن

أَدناهُما مِن سَماحِهِ سُبُلا

تَاللَهِ ما شَرَّفَ السَحابَ سِوى

أَن ضَرَبوها لِجودِهِ مَثَلا

وَلا بِلُجِّ البِحارِ مِن كَرَمٍ

إِلّا جِوارٌ بِدارِهِ اِتَصَلا

كَأَنَّ جَدوى يَدَيهِ مَأدُبَةٌ

دعا إِلَيها بِبِشرِهِ الجَفَلى

لِلنَفعِ وَالضُرِّ عِندَهُ شِيَمٌ

أَمَرَّ فيها لِطاعِمٍ وَحَلا

كَأَنَّما طَعمُ عادَتَيهِ هَوى

بَرَّحَ فيها العِتابَ وَالقُبَلا

لِاِبنِ خَلاصٍ مُحَمّدٍ هِيَ تُهدى

فَقَد حَكَت مَدحَهُ غَزَلا

فاقَت بِهِ سَبتَةُ البِلادَ كَما

دَولَةُ يَحيى قَد فاقَتِ الدُوَلا

وَاِعتَدَلَ الدَهرُ حينَ حَلَّ بِها

فَكانَ شَمساً وَكانَتِ الحَمَلا

أَحَبَّهُ الناسُ دونَ مُختَلِفٍ

كَما أَحَبّوا الشَبابَ مُقتَبَلا

أَجني بِهِ زُخرُفَ المَعيشَةِ إِذ

لَم يُبقِ لي جودُ كَفِّهِ أَمَلا

بَلَّغَهُ اللَهُ في الكَمالِ مَدىً

إِلَيهِ تَصبو الوَرى وَقَد فَعَلا