الحمد لله شكرا بان في البشر

الحمدُ لله شكراً بانَ في البشرِ

ودارَ في النسل من أنثى ومن ذكرِ

وخالقِ الخلق بدّاعاً بحكمته

وواهب العقل والأرواح والصورِ

وجاعلِ الناس فيما خوّلوا رتباً

لا تستوي رتبة الأحجال والغررِ

تفاضلَ الناسُ في الحظ الذي رزقوا

كما تفاضلت الأشجارُ في الثمرِ

وخيرُ ما رزقوا دين يُطهّرهم

من كلِ رجس ويُصفيهم من الكدرِ

له علينا بمشروع النكاح ومم

نوعِ السفاح امتنان غير منحصرِ

فكمْ أنال بهذا الشرعِ من وطرٍ

وكمْ أزالَ بهذا المنع من قذرِ

شكراً يكافىء ما أولاه من نعمٍ

والشكر من نعمةِ المولى على البشرِ

ثم الصلاةُ على شمسِ النبوءة إن

كانَ النبيئون من نجم ومن قمرِ

والمُصطفى من قريش بعد خيرتها

من القبائل والمختارُ من مضرِ

محمدٌ خاتمُ الرسلِ الذي خُتمتْ

منه بطيبةً مِسكٌ طيب ذفرِ

فكانَ أطيبهم نشراً وأكرمهم

نشراً إذا نشر الموتى من القبرِ

وكانَ آخرهم بعثاً وأولُهم

بعثاً إذا ما غدوا للعرض في زمرِ

هو الذي أشرقت أنواره فهدت

ساري الظلام بفجر منه منفجر

فأوضحَ السنة المُثلى وبيّنها

بالذكر طولاً وبالصمصامةَ الذكرِ

وحضَّ إذ خصَّ بالتشريف أمته

على النكاح لما قد جاء في الأثرِ

وبيّن القصْد في هذا وجملته

قرب من النفع أو بعد من الضررِ

فالبعدُ عن ضرر كالبعد عن غنت

والبعدُ من ألم التخييل والنظرِ

فالنفعُ إحراز نصف الدين أن لهم

بذاك إن حفظوه ربحَ متجرِ

وكمّل القصد فيما خصّهم ودعا

إلى تحيّز أهل الدين والخيرِ

هذا لهم ولهُ قصدُ التكاثر في

يومَ القيامة اذ يأتي من النذرِ

وبعد هذا الذي قدّمت من كَلم

أرجو به النجح في ورد وفي صدرِ

فإن عالمنا الأهدى وفاضلنا

الأتقى ووالينا الموعود بالظفرِ

بحر الهدى مزنةَ الجود الذي شهدتْ

لطرفه حلبةُ الأجداد بالحصرِ

ومن به يقطع الساري مفازته

به الحداءُ وفيه لذةُ السمرِ

ومن أتمت صلاة الحمد فيه فلا

يكونُ في سفر قصر ولا حضرِ

أعني أبا القاسم المقسوم نائلُه

في كل رفع وخفض قسمة المطرِ

محمدَ بن إمام الصالحين أبي

العباس أحمد قطب العلم والأثرِ

المرتقى من ذرى نجم إلى شرف

تزلُّ عنه جميعُ الأنجم الزهرِ

ومنْ حمى العزِّ من بيت الكرام إلى

بيت حكى البيت ذا الأركان والحجرِ

دامت عُلاه ولا زالت مآثره

تُجلْى على الدهر أو تتلى مع الزبرِ

لما رأى نجله الندبَ السريَ أبا

الوفاءِ بلغ ما يبغيه من وطرِ

قد نالَ رتبة آباءٍ له كرمُوا

في عنفوانِ الشباب الناعم الخضرِ

وأحرز المجدَ والعلياءَ منقطعاً

وإن يكن من حجاه لازم العذرِ

وكان قرّةَ عينيه ونورهما

ولم يزلْ منه بينَ السمع والبصرِ

دعاهُ دعوةَ من يرجُو المزيد له

وأن يراه من الأبناء في نفرِ

إلى الذي حفظوا أحسابهم وحموا

منه العُلا من بطاح طيب الأزرِ

فقالَ أمركَ يا مولاي أملك لي

فالعبدُ في كبر كالعبدِ في صغرِ

كذلك النجباءُ الأزكياء لهم

لله والأب تسليمُ وللقدرِ

فاختار صهراً كريماً واستخار له

مولى متى يستخره عبدُه يخرِ

في خطبة خطبت فيها السّعود على

منابرِ العزِّ في حفل وفي حضرِ

سعيدةُ صحب التوفيق خاطبها

وخطبها باقتراب اليمن واليسرِ

غنَّت لها عرب الأشعار من طرب

كما شدت عجم الأطيار من حبرِ

وأصبح الزهر في حِلْي وفي حُلل

على العقائد من آس ومن شجرِ

فالنورُ في غسقٍ كالنور في فلقٍ

قد استوى طيُّب الآصال والبكرِ

فليس يعدو مدى الدنيا السرور بها

صدراً من الليل أو سحراً من السحرِ

زارتْ وقد أنفت من كلِّ محصنة

عقيلة الخير ذات الصدق والخفرِ

كريمةُ من بني حجاج اصطفيت

منهم كما تُصطفى الأعلاق من دررِ

يدعونها فعلة الفعّال والدُها

كانوا يكنونه فيهم أبا عمرِ

نجلُ الفقيه الرضي القاضي أبي حكم

وهو كذلكَ من نجم من الغُررِ

فأحمدُ اللهَ بالتوفيق بينهما

عقد النكاح فأضحى موثق المررِ

على الكتاب الذي بالحق أنزله

إلهنا وبتيسير لُمذّكرِ

وسنةُ المصطفى المصفي لأمّته

مشارعَ الشرع إذحاموا على نهرِ

صلّى الإلهُ عليه ما سرتْ إبلٌ

وطاف بالبيت ذو حج ومعتمرِ

على صداق دنانير وجملتُها

من المئين ثلاثُ صرفها عشرِ

النقدُ من ذاكَ ثلثاه وقد برئتْ

مِنْ ذاك ذمتُه بالدفع فهو بريِ

إلى ثلاث إماء فاثنتان من الس

ودان من وسط العالي من الصُورِ

تتلونها من بنات الروم واحدةٌ

ليستْ إلى صغر تُعزى ولا كبرِ

وصارَ ذلك في قبضِ المصونة أم

الزوجة الحرّة المرضية السيرِ

بنتِ الكرام التي عزّت بمنصبها

في آل خلدون عزاً خالد الأثرِ

وفي أبي زكرياء الوزير لها

إذ كان والدُها فخراً لمفتخرِ

من حاضري الحضرميين الذين لهم

في المجدِ والجودِ نجم غيرُ مُنكدرِ

لتورد الكلَّ في بيت البناءِ بها

مع الذي يشتري بالنقد من مهرِ

وذاكَ عن إذن قاضينا الأجل أبي

عبيد الله أخي فهر بني النضرِ

وبعدما صحّ من محمودِ سيرتها

لديه ما أوجب التقديم للنظرِ

والكالىء الثلث الباقي وفي حجج

معدودةٍ أربع تأتي على الأثرِ

وأن تكون لديه بالأمانةِ والمأ

خوذِ عهداً على الأزواج في السيرِ

وذاكَ معروفُ إمساك لمسكته

مرّت وإلافتسريح بلا غيرِ

وحسنُ صحبتها حقُّ عليه لما

إليه منْ ذاكَ من أمر لمؤتمرِ

ومثلُ ذاك عليها في الوجوب له

وللرجالِ شفوفُ في الكتاب قُري

أمضى النكاحَ عليها عن مؤامرة

وعن حماة يؤدي الأذن في خفرِ

المقرىءُ الفاضلُ القاضي بسبتة قد

ذكرته عند ذكر الإذن في سطرِ

بكراً وقد بلغتْ في السن سالمةً

في العقل والجسم من وهم ومن ضررِ

يتيمة كنفيس الدُّر مهملةً

لا تحت حجر ولا تقديم ذي نظرِ

خلواً من الزوج حلالاً ولى لها

في سبتة غير قاضيها من البشرِ

وبعدَ أن صحَّ هذا الوصف أجمعه

لديه لم يلفَ من عذر لمعتذرِ

وأنها استؤمرت في ذاك سافرة

والقبض للنقد والإحراز للضررِ

بذاكَ يشهدُ في هذا الكتاب على

القاضي الأُلى سمعوا الأشهادَ بالحضرِ

وأشهد الزوجُ أبقى الله عزّته

إياهم بالنكاح فيه مستطرِ

في صحة وجواز كالذي عهدوا

منهُ وحسنُ فعال طيِّب عطرِ

في شهر ذي حجة يومَ الخميس ضحى

وذاكَ في سادس من عشرة الأخرِ

في عام خمسين زدْ لها ثمانية

من بعد ست مئات كلُّها قمري

واللّه يجمعُ هذا العقدَ مقترناً

بالآل والمالِ والنعماءِ والعمرِ

فيه الذي مصلحاً والعز قد كتبا

فيه ببشر صحيح عنهما عدرِ

فأحمدُ شاهد بالعقد فيه على

شقيقة الزوج إبراهيم بالمهرِ

ومالكٌ عابدُ الرحمنِ والدُهُ

من الشهودِ بمنظوم ومنتثرِ