ليت القلوب على نظام واحد

ليت القُلوب على نظام واحدِ

لِيذوقَ حَرّ الوجد غيرُ الواجدِ

فإِلامَ يَهْوى القلْبُ غيرَ مُساعِفٍ

بِهَوىً ويَلْقى الصبُّ غيرَ مساعِدِ

نِمْتُمْ عن الشّكوى وأَرَّقني الجَوى

يا بُعدَ غايةِ ساهرٍ من هاجدِ

أَضللتُ قلباً ظلّ يَنْشُد لُبّهُ

مَنْ لي بِوجدان الفقيد الفاقدِ

ونهت مدامعي الوشاةُ فرابَهُم

شاكٍ صبابَتَه بطرفٍ جامدِ

ولو أنهم سمعوا أَلِيَّةَ عَبرتي

في الحبّ لاتَّهَمُوا يمين الشاهدِ

أَشكو إِليك فهل عليك غضاضة

يا مُمْرِضي صَدّاً لو أنك عائدي

يا مَنْ إِذا نمتُ أَوقع بي الكرى

غَضَباً لِطَيْفِ خياله المتعاهِدِ

أَمّا الرُّقاد فلو يكون بصحةٍ

ما كان ناظرك السقيم براقدِ

أَهوى الغصون وإِنما أَضنى الصَّبا

شوقُ النسيم إِلى القضيب المائِد

ويَهيجني برق الثغور وإِن سما

في ناظريّ خلال غيث ساهدِ

بَكَرتْ على بالي الشّبابِ تلومُهُ

عَدّي الملامةَ عن حَنين الفاقدِ

ما زال صَرْفُ الدَّهْرِ يَقْصِر هِمَّتي

حتّى صرفتُ إِلى الكرام مَقاصدي

وإِذا الوفود إِلى الملوك تبادرتْ

فعلى جمال الدين وفدُ محامدي

فَلْتَعْلَمَنْ ظُلَمُ الحوادث أَنني

يمَّمتُ أَزهرَ كالشِّهاب الواقدِ

يُمْضي العزائمَ وهي غيرُ قواطعٍ

ما السّيف إِلاّ قوةٌ في الساعدِ

باقٍ على حكِّ الزّمان ونقدهِ

ومن الصحيح على امتحان الناقدِ

يلقاكَ في شرف العُلى مُتواضعاً

حتى تَرى المقصودَ مثلَ القاصد

وإِذا دنت يمناه من مُسْترفِدٍ

لم تَدْرِ أَيُّهما يمينُ الرّافدِ

أُمْنِيَّةٌ للمُعتَفي وَمَنِيَّةٌ

للمعتَدي وشريعةٌ للواردِ

وَلِعٌ بأَسهُم فكره فإِذا رمى

أَصْمى بها غرض المدى المتباعدِ

يتصرف المتَصرّفون بأَمرِه

عن حُكْم أَمرٍ نافذٍ لا نافدِ

لا تحسَبوا أَني انفردتُ بحَمْدِه

هيهاتَ كم لمحمَّدٍ مِنْ حامدِ

يا مُسْتَرِقَ الماجدين بفضلِه

والفخرُ كلُّ الفخر رِقّ الماجدِ

أَقلامُكَ القدَرُ المُتاحُ فما جرى

إِلاّ جرت بفواقرٍ وفوائدِ

مِنْ كلّ أَرقَشَ مستهِلٍّ ريقُه

أَفواه بيضٍ أَو ثغور أَساودِ

تُزْجي كتائبُه الكتائبَ تلتظي

لَهَباً أَمام مُسالِم لمُعانِدِ

كم مِنْ وَلِيٍّ قَلَّدَتْهُ ولايةً

عقد اللِّواءَ لها ثناءُ العاقدِ

حتّى إِذا سَلَك العَدُوُّ سبيلَها

فعلى طريق مَكامِنٍ ومكائدِ

تستام أَمثالَ الكلامِ شوارداً

فتبيتُ عندك في حِباله صائدِ

تلك البلاغة ما تُمُلِّك عفوُها

بِيديْك إِلاّ بَذّ جهدَ الجاهدِ

ولقد لَحَظْتَ الملكَ مَنْهوب الحِمى

مِنْ جانبيْه فكنتَ أَوّلَ ذائدِ

ربَّيتَ بَيْت المالِ تربيةَ امرئٍ

يحنو عليه بها حُنُوَّ الوالدِ

أَشعرتَ نفسَك مِنْهُ يأْسَ نَزاهةٍ

ومنحت هَمَّك منه بأْس مُجاهدِ

فَممالِكُ السّلْطان ساكنةُ الحَشا

مِنْ بعدِ ما كانتْ فريسةَ طاردِ

عطفتْ على يدك المساعي رَغْبةً

نظرت إلى الدّنيا بعين الزاهدِ

وثنتْ أَعِنَّتها إِليك مناقِبٌ

يا طالما كانت نشيدةَ ناشِدِ

مَجْدٌ على عرشِ السِّماكِ وهمَّةٌ

ترقى السُّها بجَناح جَدٍّ صاعدِ

وعُلىً يجوز بها المدى حَسَدُ العِدى

إِن العُلى مَنصورةٌ بالحاسدِ

يا حبّذا همٌّ إِليك أَصارني

وعزيمة تقفو رياضةَ قائدِ

أَنا روضة تُزْهى بكل غريبةٍ

أَفرائدي من لم يفرز بفرائدي

إِن ساقني طلب الغنى أَو شاقني

حُبُّ العُلى فلقدْ ورَدْتُ مواردي

ومتى عَددتُ إِلى نَدك وسائلي

أَعْدَدْتُ قصدي من أَجلّ مقاصدي

حتى أَعودَ من امتداحك حالياً

وكأَنني قُلِّدتُ بعض قلائدي

ما كانت الآمال تكذِبُ موعدي

أَبداً وحُسْنُ الظنّ عندك رائدي