جعل القطيعة سلما لعتابه

جَعلَ القَطيعَةَ سُلَّماً لِعتابِهِ

متجرِّمٌ جانٍ على أحبابهِ

ما زالَ يُضمِرُ غَدرَهُ مُتعَلّلاً

بوُشاته مُتَسَتِّراً بكُذّابهِ

حتّى تَحدَّثَ ناظِراهُ فَحَلَّلا

ما كانَ أَوثقَ مِن عُرَى أَعتابهِ

وَاللَّهِ لَوْلا ما يَقومُ بِنَصرِهِ

مِن نارِ وَجنَتهِ وَماءِ شَبابِهِ

لأَبَحْتُ ما حَظَرَ الهَوى مِن هَجرِهِ

لِيَصحّ أو حرَّمْتُ حِلَّ رِضابهِ

وَلَكانَ مِن دينِ المُروءَةِ تَركهُ

فالصَّبْر أعْذَبُ مِن أَليمِ عَذابِهِ

حَتَّامَ أُقْبِلُ وهو ثانٍ عِطْفَهُ

وَالحُبُّ يَحمِلُني عَلى اِسْتِجذابِهِ

وَأَقولُ غَرطنّ غَيَّ وُشاتِهِ

رشداً فأرجو أن يفيق لِما بهِ

وَإِذا تَغيّرهُ لِمَعنىً باطِنٍ

لا خَوفَ عاتِبِهِ ولا مغتابِهِ

يا ظالِماً أَعطى مَواثِقَ عَهدِهِ

بِوفائِهِ وَالعُذرُ مِلءُ ثِيابِهِ

زيَّنْتَ لي وجْهَ الغرور بموعدٍ

كذِبٍ فوا ظَمَأي لِلَمْعِ سرابِهِ

ونبذْتَني نَبْذَ الحَصَاة مُضَيِّعاً

ودّاً بَخِلت بِهِ على خُطّابِهِ

ما كان وصْلُك غيرَ هَجْعَةِ ساهرٍ

غَضِّ الجفونِ فريّع في أَهيابِهِ

آهاً لِهَذا القَلبِ كَيفَ خدعْتَهُ

مُتَصنِّعاً فَسَكَنْتَ سِرَّ جَوابِهِ

وَلِناظِرٍ كَتَبَتْ إِلَيك جُفونُهُ

خَبَراً فَما أَحسنْتَ ردّ حجابِهِ

هَذا هَواكَ محكَّماً ما ضرَّهُ

ما قَطع الحُسَّادُ مِن أَسبابِهِ

وَمَكانُكَ المَأهولُ مُحكٌم لم يَحْلُلْ به

أَحدٌ سِواكَ ولا أَقامَ بِبابِهِ

وأنا الّذي جَرَّبْتُهُ فوجدتُهُ

ماءً تَقَرُّ النَّفْسُ باِستِعذابِهِ

فَإِنِ اِستَقمتَ فأنتَ أَنت وَإِنْ تَزُغْ

فالْبَغْيُ مَصْرَعُهُ على أربابِهِ