شحط الحبيب فما يطاق مزاره

شحطَ الحبيب فما يطاق مَزارُهُ

فمتى بَعيدُ الدَّار تقربُ دارُهُ

فيفيضَ من دَرّ المدامعِ مَاؤه

وتبوحَ من حَرّ الأَضالع نارُهُ

طالت أمانيّ المشوق وهاجه

عَهدُ الصِّبا واعتادَه استِعبارُهُ

ما حال اشمطَ ليس يقبل عُذرُه

بين العذارى حين شاب عِذارُهُ

أمست سُعاد تحيد عن إسعاده

وغدت تدلّلُ بالنّوار نوارُهُ

وهو المشوّب مشيبه بزمانه

ومخالطٌ لقتيره إقْتارُهُ

إن تكرهي وصلَ الكبير فطال ما

بكرت عليه من الحمى إبْكارُهُ

ولربَّ خَودٍ في الخباءِ سمى لها

ليل التمام وقد هدى سُمَّارُهُ

عرضت على المزدارِ حاجة سرّها

فأبى الدّنية حلمُه ووَقارُهُ

نلهو بحسن الإنبساط وطيبه

ما مسَّنا إثمُ الخِلاط وعارُهُ

ولربَّ حانوتٍ حنوت على المنى

فيه يُقرُّ لنا به خُمَّارُهُ

باكرتُه زمنَ الربيع وقد جرت

أرواحهُ وتفجّرت أنهارُهُ

والرّوض قد نسجته أَنفاس الصَّبا

وسَقته رقْراقَ النَّدى أشجارُهُ

فزها بنفسجُه وأشرق وردُه

وبدت شقائِقُه ولاح بهارُهُ

ويظلّ يزهر في الحدائق زهرُه

وتنير في أغصانة نوَّارُهُ

وترقرقت وسط الزُّجاج مدامةٌ

وتروقّت عند المزاجِ عُقارُهُ

وتخيلت أَن الأناء تفلقت

فيه لياليه وذاب نضارُهُ

يَسعى به ذو تومتين مقلّصُ

ذيل القمص يَزينه زُناَّرُهُ

وتنغمت قيناتُه وتبغّمت

ناياتُه وترنّمت أوتارُهُ

وفَصيحةُ النّغمات ينطق صوتها

كجنىَ الدَّبور بلذَّة مشتارُهُ

ببديع ما قال السّتاليّ الذي

سارت بمدح محمّد اشعارُهُ

فبدت محاسنه الحسَان كأنها

درّ على الجلاّس كان نثارُهُ

عاثَ الفتى ما عاث في طُرق الصّبا

لم يبدُ عن غيّ الهوى إقْصارُهُ

حتّى أَلمَّ به المشيبُ وحرّمتْ

متعُ الهوى وتصرَّمت أَوطارُهُ

فتدارك الزَّلات منه بتوبَة

وعَساه يغفر ذنبَهُ غفّارُهُ

إنَّ العتيك لهم على شرف العلى

بيتُ عزيز فرعُه ونجارُهُ

بيت مشيدٌ بالفضائل حمده

بمحمد بنِ معمر وعمارُهُ

لأغرّ فضفاضِ القميص كأنّما

عُقدت على قمر الدجى أَزْرارُهُ

ومبارك باليمن والبشر اغتدى

كلّتا يديه يمينه ويسّارُهُ

متهلّل صَلْت الجبين كأنّهُ

صدر الحسام المنتضَى وغِرارُهُ

سيّان منه غدوّه ورواحه

في المكرمات وليله ونهارُهُ

غرست بانداءِ السّماح يمينه

شَجراً يلذَّ لمجتنيه ثمارُهُ

قد يستطيع الاعتزاز مطيعه

إذ يمتري دّرَّ الغنى ممتارُهُ

ويعيد أَثواب اليسار ثوابُه

ويعزَّ من جور الزّمان جوارُهُ

الجُود من عاداته وطباعِه

والمكرمات لباسُه وشعارُهُ

والنَّجم حار فما يطاق لحاقه

والسّيف جار فما يُشقُّ غُبارُهُ

بعمومة في الأزْد عزَّ نصابُه

وخُؤولةٍ لقريشَ طاب فخارُهُ

شرف سَما نبهانُه وزيادُه

بمحمّد وعتيكُه ونزَارُهُ

بمحّمد بن أبي المُعمّر جُلُّهُ

وصَميمَهُ ولُبابه وخيارُهُ

في معشر الأزْد الَّذين صنيعهُم

في الصَّالحات مبينة آثارُهُ

كانوا مُلوك الجاهلية أحرزوا

ملك الدن يجبَى لهم أقطارُهُ

وبهم أعزّ اللهُ دين رَسوله

واختارهم لنبيّه مختارُهُ

ذادوا عن الإسلام بين بيوتهم

مأوى النّبيّ فكلهم أَنصارُهُ

وأقام بينهم عزيزاً آمناً

إذ أُتبعت خذلانَه كُفارُهُ

حتى توفيَ ثم أَصبح قبرُه

بفنائهم يعتادُه زُوّارُهُ

فكفاهم شرفاً بهذا أَنّهُ

لا يستطيع بحيلةٍ إنْكارُهُ

شرفٌ لعمري هم أحقهُم به

من كان فعل جدوده إيثارُهُ

يَسخو بمهجته ويُنفقُ مالَه

ويكون عن فعل العيوب فرارُهُ

كمحمد حاز الكمال وقد زكا

إِعلانُه لما صفا إسرارُهُ

يُثنى عليه بفعله ويحيد عن

من قد كفاه عناءهُ استكثارُهُ

والقلبُ لا يسطيع مدحاً لامرىءٍ

إن لم يُصبْهُ ببرّه استِئْثارُهُ

طُلْ يا أبا عبد الإله بسُؤدَدِ

جمّ لغيرك لا يُرى مَعشارُهُ

واسعدْ بشهرٍ قد قضَيت صيامَهُ

وبفطر آخرَ صالحٍ إفْطارُهُ