العلم بعد أبي العلاء مضيع

العِلمُ بَعدَ أَبي العَلاءِ مُضَيَّعُ

وَالأَرضُ خالِيَةُ الجَوانِبِ بَلقعُ

أَودى وَقَد مَلَأَ البِلادَ غَرائِباً

تَسرِي كَما تَسرِي النُجُومُ الطُلَّعُ

ما كُنتُ أَعلَمُ وَهوَ يُودَعُ في الثَرى

أَنَّ الثَرى فِيهِ الكَواكِبُ تُودَعُ

جَبَلٌ ظَنَنتُ وَقَد تَزَعزَعَ رُكنُهُ

أَنَّ الجِبالَ الراسِياتِ تُزَعزَعُ

وَعَجِبتُ أَن تَسَعَ المَعَرَّةُ قَبرَهُ

وَيَضِيقُ بَطنُ الأَرضِ عَنهُ الأَوسَعُ

لَو فاضَتِ المُهَجاتُ يَومَ وَفاتِهِ

ما اِستُكثِرَت فِيهِ فَكَيفَ الأَدمُعُ

تَتَصَرَّمُ الدُنيا وَيَأتي بَعدَهُ

أُمَمٌ وَأَنتَ بِمِثلِهِ لا تَسمَعُ

لا تَجمَعِ المالَ العَتيدَ وَجُد بِهِ

مِن قَبلِ تَركِكَ كُلَّ شَيءٍ تَجمَعُ

وَإِن استَطَعتَ فَسِر بِسِيرَةِ أَحمَدٍ

تَأمَن خَدِيعَةَ مَن يَغُرَّ وَيَخدَعُ

رَفَضَ الحَياةَ وَماتَ قَبلَ مَماتِهِ

مُتَطَوِّعاً بِأَبَرِّ ما يُتَطَوَّعُ

عَينٌ تُسَهدُ لِلعَفافِ وَلِلتُقى

أَبَداً وَقَلبٌ لِلمُهَيمِنِ يَخشَعُ

شِيَمٌ تُجَمِّلُهُ فهُنَّ لِمَجدِهِ

تاجٌ وَلَكِن بِالثَناءِ يُرَصَّعُ

جادَت ثَراكَ أَبا العَلاءِ غَمامَةٌ

كَنَدى يَدَيكَ وَمُزنَةٌ لا تُقلِعُ

ما ضَيَّعَ الباكِي عَلَيكَ دُمُوعَهُ

إِن الدُمُوعَ عَلى سِواكَ تُضَيَّعُ

قَصَدَتكَ طُلّابُ العُلومِ وَلا أَرى

لِلعِلمِ باباً بَعدَ بابِكَ يُقرَعُ

ماتَ النُهى وَتَعَطَلَّلَت أَسبابُهُ

وَقَضى التَأدُّبُ وَالمَكارِمُ أَجمَعُ