لله يا من سار عنا وارتحل

لِلّه يا مَن سار عنَّا وارتَحَل

وإلى جِوار اللَه بارئه انتَقَل

أَسَفاً على أَسفٍ عليكَ وطالما

تَهمِي الدُموعُ كانها وَبلٌ هَمَل

نَزَفَ البُكاءُ دُموعَ أَعيُن نادبٍ

فوَدِدتُ لو أَن تُستَعارَ لهُ المُقَل

يا وَحشةَ الدار التي فارقتَها

بل وَحشةَ الآفاق من بَدرٍ أَفَل

لا غَروَ إِن أَغرَبتِ يا شمسَ الضُحى

عنا فإِنَّ الشمسَ يَغشاها الطَفَل

لو كانت الناسُ النُجومَ لكُنتَ انت

الشمسَ تزهو وَهيَ في بُرجِ الحَمَل

او كانتِ الزَهَرَ الزكيَّ لكُنتَ انتَ

الوَردَ لكن بالمنيَّة قد ذَبَل

ما أَنتَ الَّا السيفُ أُغمِدَ في الثَرى

والصارمُ البتَّارُ يُغمَدُ اويُسَل

قد كانَ سيفاً قاطعاً ما شانَهُ

كَلَلٌ فكيفَ الآن أَمسى في كَلَل

اللَوذَعُ الشهم الشجيع الأَروَعُ ال

قَرمُ الذريعُ الأَمنَعُ اللَيثُ البَطَل

الفاضلُ النَدُسُ الكريمُ الأَلمعُ ال

طرف التميم الأَرفَعُ الجَلُّ الجَلَل

ذو السُؤددِ السَمحُ السخيُّ الأَوحَدُ ال

بَرُّ التَقِيُّ الأَمجَدُ الشَيخُ الأَجَل

مُوسَى سليلُ الأَمجدينَ الخازنيُّ

الكامل الفضلِ الذي فيهِ كَمَل

قد كانت الآمال بالغةَ المُنَى

فيهِ فما خاب الذي منهُ أَمَل

ما زالَ مأهولَ الحِمَى من طارقٍ

مع سائلٍ بلغَ المَرامَ بما سأَل

تعشو إلى نِيرانهِ تبغي القِرَى

ضِيفاتُهُ فيُحِلُّهم أَعلَى مَحَل

عن بَذل جُودٍ واصطِناع مكارمٍ

لا يبتغي في بَذلِ معروفٍ بَدَل

ولهُ مآثِرُ لو عَمَدتَ لوَصفِها

لَفَنِي الزَمانُ ووصفُ ذلك ما اكتَمل

نَعَتِ الرُبوعُ مع الطُلولِ لفَقدِهِ

والدَمعُ طَلَّ دَماً بذيَّاكَ الطَلَل

مُلِئَت نواحي كَسرَوانَ جَميعُها

نَوحاً تُعدِّدُهُ عليهِ ولم تَزَل

وتَقنَّعَت مِرطَ الحِدادِ كأنما

ثوبُ الظَلامِ على اهاليها انسَدَل

يوماً أَقَّلتهُ الرُؤُوسُ للحدهِ

متشيَّعاً يومٌ بهِ ضُرِبَ المَثَل

ومراتبُ الكَهنُوتِ تَقدُمُ نَعشَهُ

يَعنُونَ إِكراماً بلبسهمِ الحُلَل

وضجيج أَصواتٍ وقرعُ ترائبٍ

ومَناوحٌ كادت تَميدُ بها القُلَل

نَهنه دموعك يا اخاهُ فانَّما

فيهِ مُرادُ اللَه تمَّ فما العَمَل

أَي يوسفُ الشيخُ المروَّعُ بالأَسَى

خَلِّ البُكاءَ فانهُ حُكمُ الأَزَل

هذا مَصِيرُ الناسِ كُلٌّ عاثرٌ

في إِثرِ كابٍ مُسرِعينَ بلا مَهَل

فالموتُ دَينٌ واجبٌ لا بُدَّ ما

كُلٌّ يفيهِ ان تباطأَ او عجل

مَلِكٌ لهُ الامراضُ جُندٌ فَيلَقٌ

ونوازلُ الدنيا لَدَيهِ كالخَوَل

وابيكَ ان حُمَّ القَضاءُ فما التما

ئِمُ والرُقى تحمِي ولا تُغنِي الحِيَل

كَلَّا ولا الخُوَذُ المنيعةُ والدُرو

عُ ولا المِجَنُّ ولا السيُوفُ ولا الأَسَل

واعلَم بأَنَّ العُمرَ ظِلٌّ زائلٌ

وحَلاوةَ اللَذَّاتِ سَمٌّ في عَسَل

طُوبى لمن في الموتِ كان هذيذُهُ

وقضى الحيوةَ بتَوبةٍ تمحُو الزَلَل

هذا الذي شَهِدَت لهُ أَفعالُهُ

والمَرءُ يُعرَفُ فضلُهُ مِمَّا فَعَل

أَحيَى لهُ ذِكراً بنوهُ كانهُ

في الحَيِّ حيٌّ والمُنازِلُ ما رَحَل

فَرعانِ من اصل كريمٍ فيهما

واليهما النَسَبُ العريقُ قد اتَّصَل

أَخَوَانِ مثلُ الفَرقَدين كِلاهما

لأَخيهِ شِبهٌ لا اشتِباهَ ولا خَلَل

شَروَانُ او جَفَّالُ كُلٌّ منهما

بالبأسِ ليثُ الغاب واللِين الحَمَل

صِنوانِ مُعتَدِلانِ بل مُتَعادِلا

نِ وان عَدَلتَ الصِنوَ بالصِنو اعتَدَل

ما أَجفَلا يومَ الكريهةِ والوَغَى

لكن لهم في الرَوع رَوعٌ ما جَفَل

خَلَفُ نَشا بالفضلِ عن سَلَفٍ وما

ءُ الوَرد بعد الوَرد بُرءٌ للعِلَل

فتَغمَّدَ الرحمنُ بالرُضوانِ مَن

أَبقى لنا خَلَفاً بهِ انبَسَطَ الأَمَل

لما قَضَى بسَنَى المسيح مُؤَجَّلاً

ارختُ موسى خازناً اقضى الأَجَل