هذه عروس الزهر نقطها الندى

هذِهْ عَرُوسُ الزَّهرِ نَقَّطَها النَّدَى

بالدُرِّ فابتَسَمَتْ ونادَتْ مَعْبَدَا

لَمَّا تَفتَّقَ سِتْرُها عن رأسِها

عَبِثَ الحَياءُ بخَدِّها فَتورَّدا

فَتَحَ البَنَفْسَجُ مُقلةً مكحولةً

غَمَزَ الهَزازَ بها فقامَ وغَرَّدا

وتَبَرَّجَتْ وُرْقُ الحَمامِ بطَوْقِها

لمَّا رأينَ التَّاجَ يعلو الهُدْهُدا

بَلَغَ الأزاهرَ أنَّ وَرْدَ جِنانِها

مَلِكُ الزُهورِ فقابَلَتْهُ سُجَّدا

فرَنا الشَّقيقُ بأعينٍ مُحمَرَّةٍ

غَضَباً وأبدى منهُ قَلباً أسْودَا

بَسَطَ الغَديرُ الماءَ حَتَّى مَسَّهُ

بَرْدُ النَّسائِمِ قارصاً فتَجَعَّدا

ورأى النَّباتَ على جَوانِبِ أرضِهِ

مَهْداً رَطيباً لَيِّناً فَتَوسَّدا

يا صاحبيَّ تَعَجَّبا لِمَلابِسٍ

قد حاكهَا مَن لَم يَمُّدَّ لها يَدا

كلُّ الثِّيابِ يَحولُ لونُ صِباغِها

وصِباغُ هذِهْ حينَ طالَ تَجَدَّدا

ما بالُ هذا النَّهر يَضرِبُ صَدرَهُ

رَكضاً ويَهِدرُ كالبَعيرِ مُعَرْبِدا

هل غارَ من كَفِّ الأميرِ مُحمَّدٍ

كم حاسدٍ حَسَدَ الأميرَ محمَّدا

هذا الذي قَتَلَ العَدُوَّ بكَيدهِ

وأذابَ مِن حَرِّ الصُدُورِ الحُسَّدا

أعطاهُ خالقُهُ الذي لم يُعْطِهِ

أحَداً فإنْ حَسَدَ الحَسُودُ فما اعتَدى

أعطاهُ حِلمَ الشَّيخِ في سِنِّ الفَتَى

حَتَّى لَقد خِلْناهُ أشْيَبَ أمرَدا

ونَفَى عيوبَ الناسِ عنهُ جامعاً

ألطافَهُمْ في شَخصهِ فتَفرَّدا

عَجَباً نَزِيدُ على استِماعِ حديثِهِ

عَطَشاً ونَشهَدُ أنَّهُ رِيُّ الصَّدَى

ونَرَى حَلاوتَهُ ونَشهَدُ أنَّهُ

بحرٌ صَدَقْنا إنَّهُ بحرُ النَّدَى

ما زالَ كاللآّلِ ينثُرُ دُرَّهُ

طَوراً ويَنظِمُ حينَ شاءَ مُنَضِّدا

يَنهَى عن السُّكْرِ المَعِيبِ جَليسَهُ

ويُبيحُ ذاك إذا تَفَنَّنَ مُنشِدا

الكاتبُ اللَبِقُ الذي في كَفِّهِ

قَلَمٌ رأى آياتِهِ فتَشَّهدا

كلُّ السَّوادِ ضَلالةٌ لظَلامِهِ

إلاّ سَوادَ مِدادِهِ فهُوَ الهُدَى

يا ذا الذي يُعطِي الوُفُودَ لِسانُهُ

دُرَراً وتُعطِي راحتَاهُ العَسْجدا

وَفَدَتْ إليكَ قصيدةٌ خَيَّرتُها

فتَخيَّرتْ دُرَّ الجَوابِ مُقلَّدا

هل أنتَ تَرْضاني بِصدقِ مَوَدَّةٍ

عَبداً فإني قد رَضيتُكَ سَيِّدِا

ما زِلتُ مُستَنِداً إليكَ مُحدِّثاً

فكأنَّني خَبَرٌ وأنتَ المُبَتدا