كرروا البشرى مرة بعد مرة

كرروا البشرى مرةً بعد مرة

بين كل الورى بأفصح نبره

كرروُها على المسامع كي ما

يتوقى ببردها القلبُ حره

وأذيعوا في الخافقين صداها

يذرعُ البرَّ ثم يجتازُ بحره

وانثروا زهرها على الروض حتى

يتحلى بهِ وينظمَ زهره

وانفحوا الوردَ طيبها واجعلوهُ

ينتشي نفحهُ وينشقُ عطره

وأفيضوا ضياءَها وانشروهُ

وأروُنا في كل أفقٍ بدره

تلك بشرى بالنفس تشرى وتسوى

لذتي باستماعها ألفَ بدره

يقرأُ المرءُ آيها فيلاشي

متنها كربهُ ويشرحُ صدره

انها في جيد البشائر عقدٌ

بل أراها في العقد أنفسَ دُرَّه

انها للنفوس طيبٌ وللآ

ذان شنفٌ وللنواظر قره

وجبينُ الآمال أصبح منها

زاهراً مشرقاً بأيمن غره

يتملى السوريُّ منها سروُراً

إِن يكتمهُ فهي تفشي سره

ليس يقوى على بيان ابتهاجٍ

عمّ منها ولو قضى فيهِ عمره

تلك بشرى الانقاذ من ظلم قومٍ

جرعوا الشرق من أذاهم أمره

حكمُوا فيهِ كلَّ عبدٍ زنيمٍ

كان يُمضي بالسادةِ الغُرِ أمره

ويسومُ العزيز ذلاً ويمني ال

حرَّ بالضيم وهو يصليهِ جمره

تلك بشرى إطلاقهِ بعد ما ظ

ل قروناً يبكي ويشكو أسره

كل يومٍ على بنيهِ الالى جو

راً وظلماً غيلوا لهُ الفُ حسره

كم شهيد شنقاً قضى وفقيدٍ

ماتَ سجناً أو ذاق في النفي خسره

وغنيٍّ فيه قضى الخسف لا يل

قى لدفع الطوَى من الخبز كسره

جاءهُ الغوث من لدنهُ تعالى

مُبدلاً بالرخاءِ واليسر عسره

وبجيش التحرير جيش اللنبي

خصَّ تأييده وآتاهُ نصره

من فلسطين يوم كرّ اعترى الال

مانَ ذعرٌ وأكبرَ الترك كره

بمغاويرَ كلهم يخطفُ البر

قَ سناهُ ويسبق المرءَ فكره

والغشومُ المهتاض اذ هزموهُ

قوَّضوا عشهُ وهدُّوا وكره

أَسروا منهُ نحو تسعين ألفاً

وأذاقوهُ صاب أشأَمِ كسره

سنحت ثمَّ فرصةٌ لبنى العر

بِ فسدوا في الحرب أية ثغره

قادهم ذلك الاميرُ ابن أسمى

والدٍ سليل أشرف أُسره

شاهراً بيمينهِ لسماهُ

فيصلٍ وكفاهُ صيتاً وشهره

هبّ لما الاتراكُ جهلاً اباهُ

أغضبوهُ واستنفدوا منهُ صبره

ومن الحُمق أن ترومَ اقتحام ال

غارِ جهراً ولا تبالي هزبره

وشمالاً مما جنوب معانٍ

سارَ شرقَ الأُردُنِّ يحمي عبره

زاحفاً عن يمين جيش اللنبي

وهو يقفو في الفتح والضَّم إِثره

وكلا الجحفلين أوغل يفري

سهل ذاك القفر السحيق ووعره

والعدوُّ المذعورُ يهربُ منهم

جاعلاً عذرهُ عن الفرِّ ذُعره

وبشهرٍ ونصف شهرٍ رأينا

هم أتموا كسر العدو وقهره

والقرى والضياعُ والمدن والسُّ

كان طرا وقاهم الله غدره

وبمنِ الباري وفضل اللنبي

لُسنهم في اعترافها مستمرَّه

ذلك القائد الذي سوف يُحيي

شرقُنا ذكرهُ ويُعلي قدره

وفلسطين مع شقيقتها الشا

م عليه تثني وتعلن شكره

والى الأحلاف الاماجد تطوي

مدحها والنسيم يسرقُ نشره

أنقذوها من ظالم هي كانت

أمَةً عندهُ فصارت حره

ظالمٍ شرُّهُ بها كاد يودي

فكفاها محررُوها شره

خلصوها منه وردُّوا اليه

كيدهُ فانثنى مصيباً نحره

وأعادت وساكنوها مراراً

ما تغنّت به الملائكُ مرَّه

في الاعالي لله حمدٌ وفي الار

ضِ سلامٌ وفي الأنام مسرَّه