عبد الرحمن راشد خميس الزياني، شاعر بحريني، ولد في مدينة المحرق سنة عام 1909. ولد في كنف عائلة ميسورة تعمل في التجارة وصيد اللؤلؤ والملاحة في الخليج ، وعرفت في البحرين ومنطقة الخليج بحسن تقبلها وتأقلمها مع مظاهر العصر الحديث في بدايات القرن . ولها تواجد في الكثير من البلاد العربية . أما والدة الشاعر فمن الكويت ، من بني قحطان . تربى الشاعر تربية دينية صارمة في منزل العائلة الكبير بالمحرق ، وعاش في كنف والده الذي يعمل (طواشاً) في تجارة اللؤلؤ ، وكان من أكبر وأشهر التجار المتعاملين في شراء وبيع اللؤلؤ بين المنطقة والهند ، ويعد خبيراً في فرز وتثمين اللؤلؤ الطبيعي . تلقى دروسه الأولى في الكتّاب ، وبعد أن حفظ القرآن الكريم عام 1917 على يد الشيخ محمد الزياني التحق بمدرسة الحاج علي بن إبراهيم الزياني الأهلية ، وهي ذاتها التي قدمها الحاج علي لتكون المقر المؤقت لمدرسة الهداية الخيرية الخليفية عام 1919. عند تأسيس مدرسة الهداية الخليفية في مقرها المؤقت التحق الشاعر بها لإكمال دروسه الابتدائية ، وتتلمذ فيها على يد الشيخ حافظ وهبة مدير المدرسة والشيخ عبد العزيز العتيقي والشيخ محمد صولان اليماني . ومن زملائه الطلاب في هذه الفترة ؛ أحمد العمران وعبد الرحمن المعاودة ، وعبد الرحيم رزبة وعبد العزيز الشملان وهو في الخامسة عشرة لازم جده الضرير الشيخ الأستاذ خميس بن راشد الزياني ، الذي كان أحد ربابنة البحر المتمرسين ، ومن معلمي فنون الإبحار والاهتداء بالنجوم والمهتمين بالفلك والتاريخ وعلوم الدين ، وواحد ممن استعان بهم مؤلف ( التحفة النبهانية ) كمرجع لتاريخ البحرين . وكان مجلسه اليومي المشهور في مدينة المحرق ملتقى المهتمين بالفكر وطلاب العلم والمشورة ، وكان الصبي بما عرف عنه من ذكاء وحب إطلاع وحسن أداء في القراءة ، يقرأ للجد في ما يختاره للحضور من كتب بصوت جهور ، ويقوم الجد الشيخ بشرح ما خفي وغمض على جلسائه ، أو التعليق عليه والتحاور والمناقشة معهم حوله . وكانت مكتبة الشيخ خميس عامرة بالكتب والمراجع الدينية والتاريخية والشعرية والسير الشعبية . وقد ساهمت كتب التراث العربي هذه في التأسيس لثقافة الشاعر وفي صقل موهبته الشعرية . بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي عام 1924 التحق بالعمل مع والده في تجارة اللؤلؤ . وبعد الكساد العالمي المعروف للؤلؤ الطبيعي التحق عام 1934 موظفاً ببلدية المحرق ، واستمر في هذا العمل لتسع سنوات ثم ترك الوظيفة ليعمل مع والده الذي افتتح متجراً لبيع الأخشاب والمواد التموينية . تزوج الشاعر عام 1940 من إحدى كريمات عائلة المناعي بالبحرين ، وأنجب منها أربعة أولاد وست بنات ، حرص الشاعر على تربيتهم وتعليمهم تعليماً عالياً . في عام 1962 توفيت والدته وهو خارج البلاد ، فترك ذلك أثراً كبيراً في حياة الشاعر حيث تفجرت طاقته الشعرية بقصيدة رثاء لأمه ، ثم انثالت عليه بقية القصائد في السنوات التالية ، فأنشد قصائد بالفصحى في شتى الأغراض ، عدا قصائد قليلة كتبها لتغنى بالعامية مما سيجده القاريء في هذا الديوان . وفي عام 1974 توفي والده . وفي أواخر عام 1963 اشترك مع شقيقه السيد صالح راشد الزياني في تأسيس ورشة للنجارة في منطقة الخميس بالمنامة ، وتولى إدارتها حتى توقفت عن العمل عام 1982. الذين عاصروا الشاعر منذ طفولته يصفونه بالذكاء والفطنة وبأنه يتمتع بذاكرة حفظ قوية . وفي داخله إنسان مرح فكه ، لكنه هاديء الطباع ، خجول ، كتوم ، قليل الاختلاط بالناس ، كثير التدخين ، مما أثر على رئته واضطره إلى العلاج في الهند وألمانيا . لم يحاول الشاعر نشر نتاجه في حياته عدا قصيدة واحدة نشرتها جريدة الأضواء البحرينية في إحدى مناسبات العيد الوطني المجيد لدولة البحرين . وكان الشاعر كما يقال يخشى النقد الذي قد يأتي لقصائده في غير محله ، وقد أجرت معه جريدة أخبار الخليج مقابله يتيمة في عددها الصادر يوم 9/ 6/ 1977 قال فيها : لا أريد الشهرة ، وأستحي أن يقال لي هذا شاعر ، وأنا أحب أن أحتفظ بقصائدي لي وأعيش مجهولاً . وأمنيتي أن تطبع كل قصائدي في ديوان ، لأن الناس لا تحترم الشاعر إلا بعد موته ، وأعتقد بأن أولادي سينفذون وصيتي هذه بعد موتي . في عام 1981 مرض الشاعر ، . وظل لست سنوات متعباً في البيت يعاني من ضيق التنفس إلى أن توفاه الله بالمحرق عام 1987 م.
السابق
التالي