رمضان

(1)

باليُمْنِ أقبلَ خَطْوُهُ الزُّهُرُ

وتشْرئبُّ إليه الأشهُرُ الأُخَرُ

أعلامهُ شُهُبٌ بالحقِّ صادعةٌ

وطيبه في حنايا الأرض منتشرُ

في يوم مقدمه دوَّتْ مشاعرنا

الله أكبر هذا المرسمُ العطِرُ

وكبَّر الناسُ أعراباً وحاضرةً

وفي جوانحها الأشواقُ تستعرُ

**

(2)

وحين حطَّ عصا الترحال وابتسمتْ

براحتيه ليالٍ زانها السهرُ

تسابقتْ مُهَجٌ عَطْشى مقرَّحَةٌ

من الذنوبِ إلى مولاه تعتذِرُ

فسال جدولهُ الرقراقُ فانتعشتْ

نفسٌ لغوبٌ وزال الهضمُّ والكَدَرُ

وشدَّ كلُّ فتىً للجدِّ مئْزَرَهُ

يتلو الكتابَ، يناجي الله، يعْتَمِرُ

**

(3)

ومرَّتْ العشرُ بعد العشْر في خجلٍ

مما رأت أو روتْ عنا لها الصورُ

كؤوسنا بصديد الذلُّ مترعةٌ

وتسْتبدُّبنا الحمَّى فنصْطَبِرُ

واليأسُ يعبثُ في أعماقنا مرحاً

وفي الخلايا فلا يُبْقي ولا يذَرُ

كأننا لم نَكُنْ من أمَّةٍ شَرُفَتْ

بها الحياةُ وزانتْ عِقْدها السيرُ

**

(4)

وأعلن الضيفُ عن ميعادِ رحلته

سِرِتْ بأخبارها الآياتُ والنُّذُرُ

لعلَّه ملَّنا أوْ عافَ صُحْبَتَنا

من سوء ما حمَلَتْ أيامُهُ الغُررُ

يا ضيفُ إنا أسارى غُربةٍ عطُمَتْ

في الدين يوري لظاها الطامعُ الأشِرُ

ما لذةُ العيدِ والشكوى تنادمنا

ونظرةُ الحُبِّ في الأحداقِ تنتحِرُ